اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الزمن النسبي للتلقي فـي عرض مسرحية (الغيابة)

الزمن النسبي للتلقي فـي عرض مسرحية (الغيابة)

نشر في: 15 ديسمبر, 2009: 05:10 م

فرحان عمران موسى فضاء العرض : ((عندما يجلس رجل مع فتاة جميلة ، تبدو الساعة وكأنها دقيقة، ولكن دعه يجلس على موقد من نار لدقيقة، فأنها تبدو أطول من ساعة ... هذه النسبية)) ( البرت انشتاين) ان تأويل الزمن وفق نظرية ( انشتاين) يمتلك صيرورة نسبية خارج دائرة مفهوم الزمن المجرد، فهو يرتبط ببعد أخر يحدد صورة الزمن ,
اذا ما أسلمنا بان الاحساس بالزمن حدسي ,فهو تركيبي مقترن بالزمن السايكلوجي الذي يمثل ذاتية الفرد ويخضع لدوافع النفس البشرية ,وهو يغاير الزمن العبثي الذي يمتلك صفة الخواء واللاجدوى ومن صفاته الملل والانتظار ، في حين ان الزمن الاغترابي مؤسلب وفق قرين (مكاني) يمتلك تعبير فني،وهذا ما يسمى بأنزياح الزمن الذي يرتبط بدوال مكانية تخلق مفارقه وجدانية بين دال الزمان ودال المكان ،ويطلق عليها (أنشتاين) بالزمكانية التي أنبثق منها ( البعد الرابع) لنظريته النسبية. أن تأسيس الزمن داخل دوال مكانية بوجود رؤية فنية أيدلوجية هي التي تنتج محتوى جمالي ضمن المنجز الفني , وهذا ما سنتحقق منه في عرض مسرحية ( الغيابة). ينطلق الخطاب المرئي في مسرحية (الغيابة) من وجوهٍ معلقةٍ في فضاء المكان تحمل ذاكرة الانتظار ... تنتظر زمن العودة ... زمن الغائب ... وجه : .. أخت .. أم .. زوجه .. بنت .. ألخ وتسبح بين ثنايا عجلة الزمن (( ديكور العجلة )) فوق مدرج الطائرات (( ديكور ارضية المسرح)) والتي تغوص في سماء المغيبين (( عرض الداتا شو)) لتخلف شريطً سينمائي (( الاسطوانه السينمائية )) يوازي ( ديكور العجلة) في أظهار كل المنتظرين الذين ساقتهم أيادي الاشرار في جوف الغيابة ... مقابرٌ جماعية .. سجون منسية .. مسافرون هاربون .. مفقودون لم يبقى منهم سوى جمجمة وهوية ..، كلهم ساروا نحو الغيابة (( أيتها الغيابة كم من نبيٍ فيكِ وكم من ولي )) , شكلت تلك الأنثيالات أزمنة مختزلة لتنسجم كمدركات للزمن ، من رحيل ( موسى الصدر ) في مطار لبنان الى زمن الأنتظار الممتد على مدرج العودة ( أرضية المسرح ) في تكوينات أمتلكت معادلاً موضوعيا تظهره الأسطوانة السينمائية بعملية تناص بين المُغيبين تحت الأنقاض الزمنية وبين ثيمة الخطاب في أنتظار شخصية ( رباب) لأخيها (موسى الصدر ) وتجلت بحركة جمالية تجسد الزمن الماضي بأنتظار الزمن الحاضر عبر دخول الممثلة ( فاطمة الربيعي ) وهي تجر عربة الزمن ، وأن كانت الصورة المرئية للخطاب أرتحلت بذاكرة المتلقي الى مسرحية (الأم شجاعة ) للمؤلف المخرج(برتولد بريشت) والتي تجر عربتها عبر أتون الحرب وأزمتها لتؤسس مفهوم التغريب البريشتي ، ألا ان مونودراما المخرج (( عماد محمد )) أنطلقت من وعي مدرك في فضاء العرض يهدف الى أستيقاظ ذاكرة المتلقي نحو الغائب (موسى الصدر) عبر لوحات مرئية فقدت التسلسل المنطقي وشكلت أستيقاظ من نوع أخر، وهو ما يعرف بالأستيقاظ الجمالي في السيل الصوري للأزمنه المتراصة وفق مفهوم درامي لا يخضع للمنطق الأرسطي , بل يعتمد الكثافة الجمالية في عملية أزاحة الأزمنة المختزلة - الزمن المفقود والزمن المختزل - عبر ألية ( الشريط السينمائي) التي جسدته عارضة ( الداتا شو ) للانتقال المبرر جماليا للأزمنة . ان ألية أشتغال المركب الهرموني للزمن تشاطرت مع زمن المتلقي في لحظة ( الآن) عبر الزمن المؤسلب في ذاكرة التراكم الجمعي لوعي المتلقي والتي تمثلت في موضوعة (يوسف عليه السلام) والتي أخذت مساحة أسطورية لدى مرجعية المتلقي , وأراد المخرج خلق مقاربة بين ما جرى ليوسف وما جرى لموسى وان كان قد استند عليها من النص الدرامي , بيد انها في الخطاب المرئي أمتلكت أستحضار قرين جمالي لثيمة الخطاب عبر عملية القفز على الزمن وأستلاب أزمنه تناصية ((بريء من دم موسى أيها الذئب)), وأسقاط أزمنه مجاورة (المقابر) بالاضافة للأزمنه الجمعية في وعي المتلقي ، مما جعل من فضاء المكان ذاكرة زمنية تمر علينا عبر عربة الزمن لتتوقف حيث ألت اليه أشكالية التناص عبر الازمنه –زمن النبي يوسف –زمن موسى الصدر –الزمن الأزلي لدمار الحروب((الا لعنة الله على زمن الحرب )) – زمن الشخصية (الآن)، وقد حققت عملية القفز صورة مرئية تسبح جماليا في صهر الازمنه كلها لزمن وعي المتلقي عبر تموج أنتقالي جمالي بين الازمنه التي لم تعد منصرمه بل مستحضرة جماليا بعجلة الزمن الدوار (ديكور العجلة) وهي تدور في زمن الانتظار ((منذ قرونٍ وأنا أبحث عن جبلٍ في غيابة الجب ... وأي طيف أثقل من الأنتظار .... )) . صاغ الكاتب (عماد كاظم ) قصيدته الشعرية بحرفية متقنه وأن خضعت لمشارط المخرج , بيد أن المؤلف شكل أدبيته وفق تناص الغيابة بين (جب) ((يوسف علية السلام)) وغيابة ((موسى الصدر )) بشكل تقاربي يتكأ على أمثولة البئر في قصة يوسف ليخلق منها صيرورة النص ، الا انها أمتلكت تأويل ثابت غير متحول في مفردة الانتظار من خلال الصورة المباشرة للاسماء والشخوص , وبنفس الخطى أرتكز عليها الخطاب المرئي كثيمة أنطلاق وكحدث رئيسي ايدلوجي يختزل أزمنة الذوات وأرتباطها بأبعاد عدة , واكثر حظاً لتلك الابعاد أستغلال المقابر الجماعية ، ليجعل منها المعادل الموضوعي لفقدان الشخصية الغائبة في الأزمنه الحاضرة في العرض مع كل أولئك المفقودين والباحثين عن علا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram