اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > وزارة التربية بين (مدارس الذكور والاناث) وتغيير المناهج التربوية

وزارة التربية بين (مدارس الذكور والاناث) وتغيير المناهج التربوية

نشر في: 15 ديسمبر, 2009: 05:12 م

حسن شعبان تشكل وزارة التربية في غالبية دول العالم وزارة حيادية ومهنية وذات صفة وطنية ذلك لأن دورها لا يقل عن دور القضاء والقوات المسلحة و يتضمن بناء جيل جديد يعمل بحب الوطن وبمبدأ المواطنة والهوية العراقية بعيداً عن أي تأثير ديني أو طائفي أو عرقي أو حزبي.
 وبدون هذه المعايير الدولية لا يمكن أن تتبنى سياسة تعليمية وطنية تتصدى للجيل الجديد في بداياته التكوينية وهي من وجهة نظري أخطر وأصعب المراحل . النظام السابق عمد إلى أن يفرض على السياسة التعليمية سلطة الفرد الواحد والحزب الواحد وراحت المناهج التربوية تسير في فلك هذه السياسة. وبالمناسبة فإن كل هذا لم ينفع النظام حين دقت ساعة الصفر وراحت أجهزته تهوي كالهشيم ومنها هذه السياسة التربوية العقيمة وكان المتلقون الطلبة يعانون من تدخل (خطب القائد) وكلماته في مناهجهم بل زادتهم عناداً ضد هذا الفعل للسلطة وتلقوها بمزيد من الازدراء والتهكم . وقد استبشر الطلبة وأولياء الامور بنهاية النظام السابق وآلياته وإجراءاته التعسفية بعد أن لاقى التربويون والطلبة مزيداً من القمع والاستبداد جراء هذا الاضطهاد الفكري والابتعاد عن المهنية في السياسة التربوية وقد توقعوا أن الخيارات العلمية والتكنولوجية في السياسة التربوية ستأخذ طريقها نحو العمل التربوي . وبكل أسف ومرارة وجراء الاختيارات الطائفية والمحاصصة لكبار المسؤولين وصغارهم حال ذلك بل أدى إلى المزيد من القمع الفكري وسيطرة الاتجاه الأحادي في ذلك؛ لكن ما يثير الدهشة والاستغراب أن أجد أمامي قراراً من وزارة التربية تفرض فيه أن تكون بعض مدارس الابتدائية ذكورية والأخرى نسوية مضافاً إلى أن يكون التربويون فيها من ذات الجنس في بعض مناطق الرصافة دون الإشارة إلى أسباب موجبة . تصفحت الأمر وتصورت أنه دعابة أو نكتة ذلك لأنه لا يمكن أن يُعقل ونحن في بداية القرن الواحد والعشرين أن نرجع إلى الوراء إلى قرون ماضية في أن تكون هذه المدارس أحادية وليست مختلطة خاصة وأن المتلقين فيها من الطلبة الذين لا تتجاوز أعمارهم ما بين (6 – 12) سنة وأعتقد أن مبررات هؤلاء القابضين على سلطة التعليم تتعلق بالجنس وقد تكون مخالفات جنسية قد وقعت . فلاسفة وعلماء من كل الديانات والمذاهب شهدوا وأقروا بأهمية المدارس المختلطة لهذه الشريحة ذلك لأن العلم مطالب فيها أن يقول لهم شيئاً عن الجنس وأن تكون ثقافة القبول بالآخر واحترام الجنس الآخر والاطلاع التدريجي على الجنس بالاتجاه الصحيح مهمة ضرورية لتثقيف الجيل الجديد وانضباطه وليس بالقرارات القسرية والتعسفية باتجاه فصل المدارس، أما حدوث بعض التصرفات الخاطئة فهذا أمر قد يحدث داخل المدارس المختلطة وخارجها والمهم أن تتوفر ثقافة الجنس داخل هذه المدارس لصالح الجنسين . وإذا كان هذا الأمر يتعلق بمدارس ابتدائية فكيف بها المتوسطة والاعدادية في المناطق الريفية التي يتشارك فيها الطلبة والطالبات دون تصادم وماذا سيحدث عند الانتقال إلى مرحلة الجامعة؟!! إذا كانت الخطوة الأولى في رحلة الفصل هذه قد تصل إلى أعلى مراحل التدريس فهذا يتطلب مدارس وكليات منفصلة تصور عمق هذه المأساة وهدر المال العام وإيقافاً للتطور المجتمعي وانتهاكاً لحقوق الانسان خاصة فيما يخص المساواة بين الرجل والمرأة.. علامات تعجب واستفهام لا تتوقف؟! أيمكن أن يكون هذا هو حلم العراقيين في التغيير والتجديد؟! وبعراق لا مكان فيه لسلطة الفرد الواحد والحزب الواحد؟! وماذا لو أن الأمر تطلب فصلاً لتواجد النساء مع الرجال في دوائر الدولة وتكون مراجعات الرجال فيها في غير مراجعات النساء! هذا في الجانب الاسلامي وقد يكون من حق الأديان والقوميات المطالبة بأماكن جديدة وخاصة! التخلف والعودة إلى ما قبل الزمن (الساقط) مسألة فيها نظر وتحتاج من كل العراقيين إلى وقفة جادة. هؤلاء الذين يقفون وراء هذه القرارات محتمين (بورقة التوت) سوف يكشرون عن أنيابهم فيما بعد ليحولوا العراق إلى دولة دينية لا تخدم الدين ولا تتفق مع جوهره ومبادئ السماء والإنسانية وإنما تخدم مصالحهم وأهدافهم في السيطرة والنفوذ . وزارة التربية مطالبة بإعادة النظر في هذا القرار غير القانوني وغير الدستوري ولو أن هناك محكمة دستورية حقيقية لأبطلت هذا القرار الذي يتقاطع كلياً مع أهم مادة فيه وذلك أنه يتعارض مع مبادئ الاسلام ومبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان . المجتمع المدني وخاصة منظمات المرأة وحقوق الانسان والأحزاب السياسية والاسلامية مطالبة بالتصدي لهذا القرار الجائر والعمل على إسقاطه بكل الطرق الدستورية والقانونية . نساء العراق خضن في بدايات القرن العشرين صراعاً مريراً بين التخلف والتقدم، بين دعاة الاسلام المزيفين ودعاته الحقيقيين المتنورين أدى إلى انتصار المرأة في شتى الميادين وأثبتت جدارة في المساواة مع الرجل مطالبة في هذا الوقت الصعب بتأكيد هذه الجدارة والصمود في وجه التيارات المتخلفة الجديدة ذلك لأن هذا القرار سوف تكون له آثاره العميقة في حرية المرأة وقدراتها ولابد من أن يقف الرجال الحقيقيون المشبعون باحترام المرأة وحماية حقوقها المشروعة إلى جانبها في هذه المعركة المقدسة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram