TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > قـمــــــة فـــــــوق قـمــــــــة

قـمــــــة فـــــــوق قـمــــــــة

نشر في: 15 ديسمبر, 2009: 05:13 م

عبدالله المدني كنا نتمنى – طالما أن الحديث الطاغي اليوم في العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه هو عن ظاهرة الإحتباس الحراري وتداعياتها المناخية الخطرة على حياة البشر والحيوان والنبات – أن تبادر إحدى حكوماتنا الخليجية إلى نقل اجتماع واحد فقط من اجتماعاتها الكثيرة من القاعات المكيفة المريحة إلى خيمة منصوبة في مكان ما من صحاري الخليج الواسعة الجرداء،
 فتناقش جدول أعمالها وتتخذ قراراتها تحت أشعة الشمس اللاهبة ورياح الصحراء الحارقة، وذلك كخطوة تستهدف بها إشعار العالم بأنها معنية بالقضية المذكورة مثل اهتمام الآخرين بها أو ربما أكثر، خصوصا مع اقتراب موعد انعقاد قمة المناخ في العاصمة الدانماركية "كوبنهاغن"غير أن ظننا خاب وحلمنا تبدد كالعادة، وثبت أن بلداننا في الواقع غير معنية بهذا الأمر، بل تضعه في نهاية سلم أولوياتها على الرغم مما تعانيه من ندرة المياه وشح الأمطار وارتفاع معدلات درجة الحرارة صيفا، وتغير سرعة واتجاهات الرياح وكلها أمور لا جدال في أنها من تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري. و هكذا لم نر اجتماعا حكوميا خليجيا يعقد فوق الرمال، أو خياما تنصب في العراء، أو طائرات هليوكبتر عسكرية تهبط و تقلع لنقل وزراء الحكومة، أو مسؤولين يتجنبون الرياح الصحراوية و ما تثيره من أتربة بلف كوفياتهم حول أفواههم. وبطبيعة الحال، فقد نجد العذر لحكوماتنا التي يبدو أن قضايا مثل فلسطين و العراق و الملف النووي الإيراني و مشاغبات طهران عند الخواصر الجنوبية و الشمالية للمنطقة سرقت منها اهتماماتها بالملفات الأخرى، و بالتالي لم تتمكن من الإقدام على مبادرة شبيهة بتلك التي أقدمت عليها دولتان صغيرتان مساحة وسكانا و موارد، بل تعتبران ضمن أفقر دول العالم، فكانتا بمبادرتيهما تلك حديث وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و المكتوبة مؤخرا، بل قوبل ما أقدمتا عليه بالاستحسان و الإشادة من دول العالم قاطبة. فمن بعد قيام حكومة أرخبيل المالديف في السابع عشر من أكتوبر المنصرم بعقد اجتماع لها تحت أعماق مياه السواحل الشمالية للعاصمة "مالي"، برئاسة زعيم البلاد "محمد نشيد" و حضور 14 وزيرا من أصل 17 وزيرا (غاب اثنان بسبب مرضهما، وغاب الثالث بسبب تواجده في أوروبا في زيارة رسمية)، جلسوا جميعا حول طاولة على شكل حدوة حصان وهم يرتدون ملابس الغوص وأقنعة الغطس وكمامات الأوكسجين، وذلك من أجل توجيه أنظار العالم إلى ما تواجهه بلادهم السياحية الجميلة من مخاطر ارتفاع منسوب مياه البحر على وجودها وديمومتها (حذرت منظمات الأمم المتحدة المعنية في عام 2007 من احتمالات اختفاء جزر المالديف تحت سطح البحر بحلول عام 2100 كنتيجة لارتفاع مستوى مياه البحر بنسبة 7 – 24 بوصة حتى ذلك التاريخ، خصوصا وأن 80 بالمئة من جزر الأرخبيل توجد على ارتفاع قدم واحد فقط فوق سطح البحر). من بعد تلك المبادرة التي استعد لها وزراء الحكومة المالديفية بالتدريب على الغطس على يد متخصصين قبل اجتماعهم المذكور بنحو شهرين، فيما عدا رئيس البلاد المعروف بهوايته للغوص، قامت حكومة النيبال بعمل مماثل تقريبا، فاختارت الرابع من ديسمبر الجاري موعدا لعقد اجتماع طارئ لها، واختارت منطقة "لوكلا" الواقعة في قمة إيفرست بجبال الهملايا ،على ارتفاع 5242 مترا عن سطح البحر، مكانا للاجتماع. وبطبيعة الحال فإن الزمان والمكان كان لهما دلالاتهما، حيث اختير تاريخ الاجتماع ليكون قريبا من موعد افتتاح اجتماعات قمة كوبنهاغن للمناخ المقرر لها أن تستمر ما بين 7 – 18 من الشهر الجاري بحضور قادة كبار من أمثال الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" ورئيس الحكومة البريطانية "غوردون براون" والمستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" و الرئيس الفرنسي "نيقولا ساركوزي" ورئيس وزراء الصين "وين جياباو" ورئيس الحكومة الهندية "مانموهان سينغ"، وذلك من أجل تحديد أهداف لكل دولة من الدول الغنية حول ما يجب أن تتبعه لتقليل انبعاثات الغازات السامة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وتحديد أهداف وإجراءات مماثلة للدول الفقيرة أيضا، مع جمع مليارات الدولارات والاتفاق على سبل وآليات إنفاقها على الإجراءات والخطوات المقترحة. أما مكان الاجتماع فقد اختير، بحسب ما صدر عن رئيس الحكومة النيبالية " ماداف كومار"، بسبب أهميته الحيوية لأكثر من 1.3 بليون نسمة من البشر في باكستان والهند والنيبال وبنغلاديش والصين من الذين يعتمدون عليه في الحصول على المياه. والجدير بالذكر في هذا السياق أن ذوبان الجليد في القمم الإفرستية بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري أثر سلبا على منظومة مياه الأنهار في جنوب آسيا. كما أثر على أنماط هطول الأمطار، وهو ما أثر بدوره على حياة ومعيشة ثلث سكان نيبال البالغ تعدادهم 28 مليونا، والذين يعتمدون في ري محاصيلهم على الأمطار حصريا. وهكذا استضافت قمة إيفرست قمة للحكومة النيبالية، شارك فيها 24 من أصل 27 وزيرا (غياب ثلاثة وزراء كان بسبب تقدم بعضهم في العمر وبالتالي صعوبة انتقالهم إلى مكان الاجتماع، و تواجد البعض الآخر في خارج الوطن) حملتهم مروحيات الجيش إلى أعلى قمم العالم وهم يرتدون المعاطف والسراو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram