أسعار النفط التي تنخفض بشكل جنوني كل يوم تشكّل قلقاً للخريجين والباحثين عن وظيفة حكومية.. فلأول مرة يتحول النفط الى نقمة بدلا من ان يصبح نعمة يتمتع بها الجميع.. شباب وشابات في استطلاعنا هذا عبروا عن خيبة أملهم من الموازنة، كونها عصفت بأحلامهم في الحصول على وظيفة.

هبوط سعر النفط العالمي (نحس)

جاسم محمد 27 عاماً خريج كلية ابن الهيثم يوضح لـ(المدى)، "أني ابحث عن فرصة عمل في القطاع الحكومي كون اختصاصي من الاختصاصات العلمية المهمة وهو (الكيمياء) وبعد تخرجي طرقت أبواب الوزارات حاملاً المستمسكات الأربعة ووثيقة مستنسخة من التخرج بحثاً عن فرصة عمل وتركت في كل وزارة معاملة لطلب تعيين وعند الاستفسار ومنذ أكثر من عامين كان المبرر هو عدم وجود موازنة، واليوم أترقب بشكل متواصل أنباء جلسات مجلس النواب لكي يتم التصويت عليها بشكل نهائي مع إدراج بند للوظائف، ولكن يبدو الأمل ضعيفاً بسبب الهبوط الحاصل في أسعار النقط العالمي الذي يبدو لي عامل (نحس) هو الآخر".

جاسم يبين أن "معظم التعيينات التي حصلت في الأعوام السابقة تمت بسبب المحسوبية والانتماء الحزبي، بل وصل الأمر إلى الانتماء العشائري والان أبحث عن عمل في المصانع الأهلية والمحال التجارية والمطاعم لعلـِّي أجد فرصة عمل، ويبدو أن أمم آسيا أزالت عني الكثير من الهموم في الوقت الحاضر، وانشغالي في متابعة البطولة عسى أن تحل عقدة الموازنة في العراق وان احصل على فرصة عمل في المؤسسات الحكومية".

الفساد وغياب القطاعين الصناعي والاستثماري

احمد طارق خريج كلية التربية قسم الفقه 26 عاماً يقول لـ(المدى) إن "جميع من تخرج معي هم عاطلون عن العمل ونعيش في وضع محرج امام الأهل والأقرباء وأن وجدت فرصة عمل في القطاع الخاص تكون محدودة الأجر بل متقطعة، بسبب قبول العديد من العوائل النازحة بأقل الأجر ولهم الحق في ذلك". 

احمد يوضح أن "وسائل الإعلام تحدثت كثيراً عن العاطلين عن العمل، لكن بدون جدوى كون البلد يعتبر من الدول المتميزة بالفساد المالي والإداري في العالم، ومستوى الفساد قد أوصل البلاد إلى هذه المرحلة مع غياب كامل لدور القطاع الصناعي والاستثماري، وكثرت مشاكل الحصول على فرص العمل في القطاع الحكومي".

غير متفائل بوجود درجات وظيفية للعام الحالي والقادم

احمد أوضح أنه غير متفائل جداً بوجود "درجات وظيفية في العام الحالي والقادم وأنصح جميع الخريجين بعدم الاعتماد على الحكومة في توفير فرص عمل، كون مشاكل البلاد كثيرة وأنا لا اتابع اي أخبار عن الموازنة كونها هي الأخرى أصبحت مشكلة كبيرة يواجهها المواطن البسيط للحصول على عيشة كريمة ، ومشكلة أخرى تواجه المتربصين من أجل إقرارها للحصول على أموال أكثر بسبب عملية الفساد المستشري في البلاد".

كل شيء وارد في البلاد

مجدي كريم هو الآخر يشارك احمد الحديث ويقول لـ(المدى ) أنا الهث حتى هذه اللحظة للحصول على وظيفة ولكنها باءت بالفشل لعدم وجود شواغر ولا يمكن أن نقول ان "هناك أشخاصا يتم تعيينهم من خلال دفع أموال أو عن طريق التدخلات (حزبية وغيرها) لذلك أنا أبحث عن فرصة عمل دائماً خصوصاً في مجال تخصصي لتناسب شهادتي". 

كريم أضاف أن "الوضع مزعج ، لأنه إن وجدت بعض فرص العمل فهي لا تتناسب مع شهادتي ويمكن القول إن مستواها لا يتعدى مرحلة الابتدائية مع الأسف الشديد"، موضحاً أن "كل شيء وارد في هذا البلاد وربما نجد فرص عمل لدى القطاع الحكومي ما أن يتحسن الوضع العالمي لسعر النفط وان تقر الموازنة، يمكن ايجاد أكبر عدد ممكن من الدرجات الوظيفية". 

عشر سنوات والبلاد تدار بفوضى

بكر حسان 29 عاماً خريج كلية القانون في الجامعة العراقية من سكنة حي تونس، حاصل على شهادة البكالوريوس في علوم الحاسبات وعاطل عن العمل، يقول لـ( المدى)، "أنا أفهم جيداً أنْ يكون الإنسان بلا عمل، منهم المرضى وكبار السن وغيرهم من العاجزين ، لكن الوضع مختلف جداً في العراق والمتخرج يعتمد في معيشته على من يعملون في العائلة، وهذه الأمور تجعل منه محبطا ويائسا إلى أبعد حدود اليأس واليوم يتخوف مجلس النواب من الانخفاض الحاصل في أسعار النفط العالمي". 

وأضاف بكر انه "منذ عشر سنوات، تدار البلاد بشكل جنوني ولم يبادر احد أن يهتم بموضوع النفط العالمي ومدى تأثيره على حياة الشعب ونريد اليوم أن نتأمل خيرا بان تقر الموازنة وفيها درجات وظيفية".

إلغاء العديد من الدرجات الوظيفية

المواطنة رفاه نعمان خريجة كلية الهندسة جامعة بغداد توضح لـ( المدى)، "أنا لا افكر في التعيين في الدوائر الحكومية، كون هذا الأمر أصبح مستحيلا وما يحدث في الدوائر مخجل جداً بسبب عدم وجود انصاف في عملية التعيين والصحيح عدم وجود أصحاب الخبرة ولهذا لا اتابع أسعار النفط والموازنة كون إن توفرت فستباع". 

عضو مجلس النواب سرحان سليفاني بين في اتصال هاتفي لـ( المدى) أن "اللجنة المالية في مجلس النواب توجه بإلغاء ما يقارب 70% من الدرجات الوظيفية المخصصة في الموازنة الاتحادية لسنة 2015، كما أعلنت أنها باشرت فعليا مفاتحة الوزارات بضرورة الخصخصة وفتح قطاع الكهرباء على الاستثمار إلى جانب مناقشة مقترحات تقضي بتحويل موظفي شركات وزارة الصناعة الخاسرة إلى التقاعد بعدما كانت تخصص لها أموالا تصل إلى 10 مليارات دولار سنوياً". سليفاني أشار الى أن العراق يمر بأزمة اقتصادية كبيرة بسبب التدهور والانخفاض المستمر لأسعار النفط"، مبيناً ان "أهم النفقات والمخصصات المشمولة بإجراءات التقشف والتخفيض في الموازنة ستتم دون المساس برواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية ومفردات البطاقة التموينية".

الأمل في الدرجة الوظيفية

أم سلام قالت إن ولدها سلام هو الكبير ويعمل في كازينو (مقهى) من اجل الحصول على مبلغ عشرة الاف دينار كأجر يومي وهم يحتاجون ضعف هذا المبلغ لتوفير احتياجاتهم اليومية ولولا إن والده كان قد وفر لهم منزلا بسيطا لكان حالهم صعبا جدا. إضافة الى إن أولادها الآخرين طلاب مدارس وفي العطلة يعملون في دوائر البلدية أو يحملون البضائع في سوق الشورجة.

وتضيف "استبشرنا خيرا لما حصل من تصحيح للمرحلة السابقة والاهتمام بقضايا المواطن وخدماته استبشرنا خيرا بأن تنظر الحكومة بحرص على العاطلين عن العمل، ولي الأمل في حصول سلام على درجة وظيفية لكن الجميع يعلم أن الأسباب الأمنية وقفت عائقاً في هذه المرحلة والمتمثلة في سيطرة داعش على العديد من مناطق البلاد.

بينما أشار بشار وهو عامل باجر يومي الى انه كان يترقب أن تكون الموازنة إنقاذا لهم من الوضع الذي يعانون منه ولكن صدمتهم كانت كبيرة بذلك، فأين الحلول التي وعدت الحكومة بإيجادها من اجل تعديل أوضاع الكادحين والعاطلين عن العمل، الأمر الذي جعل الشباب ينسى انه سوف يحصل على وظيفة حكومية أو فرصة عمل مناسبة في يوم من الأيام.

دائرة الموازنة هي المعنية

إلى ذلك بيّن الخبير المصرفي عبد العزيز حسون أن وزارة المالية ومن خلال دائرة الموازنة هي المعنية في إعداد الموازنة وهي من تتولى مسؤولية التخطيط المالي للموازنة الاتحادية لجمهورية العراق وفقاً للتوجيهات المركزية ومنها أهداف الخطة العامة للدولة والاعتماد الأولي للموازنة بشقيها الجاري والاستثماري والموازنات التخطيطية للقطاع العام. حسون أوضح أن الدائرة هي من تنظم الجداول الموحدة للإنفاق الجاري والاستثماري وإعداد تعليمات وضوابط وصلاحيات التصرف بالمبالغ المعتمدة في الموازنة وتنسيقها في ضوء الاتجاهات المحددة لها والمصادقة على ملاكات الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة (خطط القوى العاملة) وتأمين اعتماد المبالغ اللازمة لها بالتنسيق مع الجهات المعنية والمساهمة في إبداء الرأي في الجوانب المالية للتشريعات المختلفة وإعداد الـجداول الإحصائية للوضع المالي والموازنة الاتحادية لجمهورية العراق وتطوير أساليب التخطيط المالي.