TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مساهمة التجربة المسرحية الروسية/السوفيتية في تطوير المسرح العالمي

مساهمة التجربة المسرحية الروسية/السوفيتية في تطوير المسرح العالمي

نشر في: 19 يناير, 2015: 09:01 م

من كان يتصور ان ابتكارات المسرحيين الروس قبل الثورة وبعدها ،وكانت تحاصرها حدود بلادها والتي سميت بالستار الحديدي ،ستحرق ذلك الستار وتحدث تأثيراتها في اشكال ومضامين العروض المسرحية في اوروبا واميركا؟ وكان لصاحب مجلة (الفن) (سيرج دياغلين) الدور الاول في ايصال الفن الروسي الى اوروبا وبالأخص فن الباليه الذي لاقى صدى واسعاً وترحيباً كبيراً لدى الجمهور الأوروبي وكان له الفضل في كسر الحصار المفروض على الفن الاوروبي للوصول الى الجمهور السوفيتي وبالعكس.
كان (قسطنطين ستانسلافسكي) بطريقته المعروفة باسمه اول المؤثرين في تطوير العمل في المسرح العالمي في مجالي التمثيل والاخراج بالدرجة الاولى وادرجت (الطريقة) في مناهج التدريس في معظم معاهد فن التمثيل في انحاء العالم، بل ان مؤسسات فنية تخصصت في تدريس تقنيات الطريقة وتطويرها وفي مقدمتها (ستوديو الممثل) في اميركا وبادارة (ايليا كازان) و (لي ستراسبورغ) كما ان هناك العديد من الفرق المسرحية في العالم تستخدم طروحات ستانسلافسكي بشأن إعداد الممثل وبناء الشخصية في تدريباتها وتمارينها، وهنا لابد من الاشارة الى عدد من تقنيات (الطريقة) لغرض التذكير: 1- لابد للممثل من ايجاد مبرر داخلي لما يقول ويفعل، اي العثور على الدافع للقول والحركة. 2- لابد للممثل ان يركز انتباهه حول ما يحيط به لكي يدخل في عالم المسرحية. 3- يستطيع الممثل ان يستخدم (لو السحرية) بمعنى لو كنت بمثل هذا الموقف الذي تقف فيه الشخصية فماذا افعل وكيف ولماذا؟ 4- يستطيع الممثل ان يلجأ الى ذكرى انفعال مر به في حياته يستحضرها عندما يجد ضرورة للتعبير عن موقف معين. 5- لابد للممثل ان يرجع الى الظروف التي افترضها مؤلف المسرحية كيف يستخرج بضوئها وسائل تعبيره الصوتي والجسدي حين يمنحه نص المسرحية المعلومة اللازمة لذلك. 6- لابد للممثل ان يتعرف الخط المتواصل للفعل الدرامي الرئيسي الذي يقود الى ماسماه (الهدف الاعلى) الا وهو (الثيمة)، وسميت طريقة ستانسلافسكي (الواقعية النفسية) لان تقنياتها تركز على اهمية الدافع النفسي للممثل.
كان (فيزفولد ميرهولد) هو المؤثر الثاني في حركة المسرح العالمي بواسطة تقنية (البايوميكانيك) والتي تعني التحكم بآلية اعضاء الجسم والمتمثلة بإلغاء الحركات غير المنتجة اولاً وباتخاذ الوضعية الصحيحة للجسم اثناء العمل وفقاً لمركز الجاذبية ثانياً، واستقرار الجسر ثالثاً، واتباع الايقاع المناسب في الحركة رابعاً.
وقد استفاد (ميرهولد) عند صياغته تقنيات البايوميكانيك من نظريتين علميتين: اولاهما: النظرية التايليرية الاقتصادية للأميركي (فريديك تايلور) حول الزمن والحركة والتي تعني (انتاج اكثر بزمن اقصر وحركة اقل). وثانيهما النظرية النفسية للعالم (جيمس لانغ) والتي تفترض انساق معينة للنشاط العضلي لدى الانسان والتي تحدث عواطف معينة، واذا ما اراد الممثل ان يحقق الاستجابة العاطفية داخل نفسه ولدى المتفرج فما عليه الا ان يطبق نسقاً حركياً معيناً.
وكان (يفجيني فاختانكوف) هو المؤثر الثالث وذلك بدعوته الى (الواقعية الخيالية) والتي تقترب في تقنياتها من تقنيات المدرسة التعبيرية مع الابقاء على المرجعية الواقعية ولكن بتغير المظهر الخارجي والسلوك باتجاه المبالغة والتشويه والاستجابة الى العالم الداخلي والى الصور الحلمية، وتمثلت واقعيته الخيالية في اخراجة لمسرحية الايطالي (كارلو غوتزي) المسماة (الاميرة توراندوت) واخيراً لابد ان نذكر تأثير (تايبروف) واهتمامه بالايقاع الصوتي والبصري والحركي وان نذكر (اخلوبكوف) وابتعاده عن البناية التقليدية للمسرح (مسرح الاطار) وايجاد اماكن بديلة، ولابد ان نذكر (ليفريموف) ومقالته المشهورة (عذراً للمتفرج) والتي يؤكد فيها غريزة الانسان للتحول، ومفهومه الجديد عن (المونودراما) وبواسطتها يتم نقل المتفرج الى داخل المسرحية يكي يكون مشاركاً في الفعل الدرامي للبروتاغونست – الشخصية الرئيسية وهو (الانا) البديل للمتفرج.
لقد وجدت كل تلك الابتكارات التي توصل اليها المسرحيون الروس، صدى لدى المسرحيين في اوروبا وكان من بينهم اصحاب الكارتيل الفرنسي (جوفيه و دولان وباتي وبيتيوف) واصحاب المسرح الملحمي الالمان (بيسكاتور وبريخت) وكان المسرحيون الروس هم الذين فتحوا الابواب لمسرحيي اوروبا كي يدخلوا الى عوالم المسرح الشرقي ويستفيدوا من تقنيات الكافاكائي الهندي والنو الياباني وغيرهما.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram