في إحدى الجامعات العراقية ، أقيم احتفال طلابي حضرته فرق فنية كان الهدف من مشاركتها تقديم أناشيد وطنية تشيد ببطولات الجيش العراقي لكن كلمات تلك الأناشيد نحت منحى طائفيا واضحا أثار سخط بعض الحضور من الطلبة وامتعاض الهيئة التدريسية وأحرج منظمي الحفل لدرجة إقدام احدهم على مطالبة الفرق الفنية بالاعتذار للحضور عن تأجيج الطائفية والإساءة السافرة لشريحة معينة ..لا نريد هنا الخوض في الأسباب التي قادت الى نشوء مثل هذه الفرق الفنية التي لا تخدم رسالة الفن ولا الوطنية ولا تنصف الجيش العراقي بل في نتائج ما ستؤول اليه تلك الممارسات التي لا تليق بالشباب العراقي الذي كان نواة وقاعدة اولى لكل الثورات والحركات التحررية عبر التاريخ وكان يعكس دائما وعيا ونضجا فكريا وسياسيا وحماسة وطنية حقيقية وغير موجهة الى وجهة معينة لا تصب في بوتقة الوطن الواحد والانصهار الموحد فيه ..
أتساءل هنا ..متى كان انتماء الجيش العراقي لشريحة دون اخرى وهل يقاتل الآن طائفة بعينها ام يقاتل (داعش ) التي أحرقت الأخضر واليابس في بلادنا ولم تحابي طرفا او تخدم احدا بل جاءت من الخارج تحت لواء ديني مزيف لتنفذ مخططات خارجية اولها تمزيق العراق ارضا وشعبا ...صحيح ان (داعش ) وجدت لها مؤيدين ومناصرين وحواضن جاهزة من بعض السياسيين قبل المواطنين لكن اللعبة انكشفت الآن وادرك الجميع من كان الجلاد ومن الضحية ...لقد أفرزت اللعبة السياسية القذرة مع داعش آلاف الضحايا من المواطنين المسالمين ممن فقدوا منازلهم وأراضيهم وأمانهم وباتوا مشتتين في انحاء العراق حاملين لقب ( النازحين ) وهم في داخل بلدهم ..الجميع كان ضحية للمطامع الخارجية واخطاء الساسة وطموحاتهم غير المشروعة ...المواطنون والجيش العراقي الذي اعتاد ان يضم بين جناحيه كل أطياف العراق وألوانه ..كانوا يقاتلون معا من اجل أمن العراق وأمان أهله..ينامون معا في الملاجئ وينقذ بعضهم البعض حين تنشب الحرب ..لم يفكر جندي عراقي يوما انه يحمل جثة او جسدا جريحا لجندي من طائفة اخرى غير طائفته او قومية اخرى غير قوميته ..كانوا معا ..جسد واحد وروح واحدة لصد عدو واحد فهل حولتهم السياسة الى جيوش مصغرة ومجاميع طائفية مسلحة ..انهم ضحايا كغيرهم لتلك اللعبات القذرة بدءا من مجزرة الحويجة وسقوط الموصل ومجزرة سبايكر والقائمة تطول ...ومازال الجميع يدفع ضريبة الدم العراقي الغالي دون ان يفكر في الاسباب التي قادت الى ما اصبحنا اليه ..
لا نريد ان يشوه الطارئون على السياسة والفن صورة جيشنا العراقي البطل بادخاله في دهاليز أفكارهم المظلمة وليتركوه يبحث عن هويته في ذرات تراب وطنه لا في جثث اخوانه ..نريده ان يظل سورا للوطن وحارسا لبوابته وليس اسيرا لأفكار هدامة يزرعها فيه من يعيش على خراب الوطن وتشرذم أهله ...وحبذا لو تهلل الفرق الفنية في كل احتفالات العراق لبطولاته وتضحياته الحقيقية ولا تحوله الى بيدق شطرنج جامد في لعبة السياسة القذرة ..