البرامج التحريضية في بعض القنوات أصبحت مخيفة ومرعبة، كذب شديد، قسوة بالغة، اجتراء على القانون، احتيال على الناس لأتفه الأسباب، استهانة بالحياة، انتهاك لحرمات الآخرين، لا عقل ولا قلب ولا ضمير.
الأمثلة كثيرة، وبعض القنوات تفزعنا كل يوم ببرامج يشيب لها العقل، فهذا المجتمع الذي نريد له جميعنا الأمن والطمأنينة والسلام وكراهية العنف والدماء، بدأت تغزوه برامج شديدة الخطورة، الشيء اللافت فيها هو الاستهانة بالقانون، وبمشاعر الناس.
قنوات يسيطر عليها شيوخ ورجال دين يسعون إلى تحويل الشاشات إلى منصة ومنبر لخطاب أحادي وكاره، لا تبادل للمعرفة، ولا نقدها عبر الفرجة، الصورة في هذه القنوات ليست فضاء يتشارك فيه المتفرج، لكنها منصة لخطاب يسمح لهم بإهدار دم الخصوم، قنوات لا تتوقف عن الأوهام التي تضيّع فيها وقتها ووقت الناس، لأنها تمشي وراء سراب
تسعى قنوات التطرف بشقيها السني والشيعي إلى توسيع الهوّة بين ابناء هذا الشعب، فيديو تحريضي من هنا، واتصالات مجانية تشتم المكونات الأخرى، وخطاب منفر وصور لقتلى، الهدف ان يتحول المشاهد الى مواطن طائفي بامتياز، يتوجس من جاره وصديقه.. ويخشى مصافحة الآخرين لأنهم لا ينتمون إلى طائفته.. وان يتخندق في مواجهة الجميع، ان يشتم العلماني والشيوعي لأنه كافر، وان يهرب من الشيعي لأنه ميليشيا، ومن السُني لأنه قاعدة.
ما مناسبة هذا الكلام؟
المناسبة أني شاهدت برنامجا في قناة الانوار صب فيه مقدم البرنامج كل مايملكه من غضب على رئيس الوزراء حيدر العبادي لأنه التقى بإعلاميين عراقيين في القاهرة، معد البرنامج لم يكتف بذلك بل ذهب ابعد من ذلك حين اتهم العبادي بخيانة الأمانة ووضع يده بيد أعداء العراق.
لقد تحولت من قبل حياة العراقيين بفضل قنوات التحريض مثل الجزيرة وقناة العرعور إلى كوابيس ثقيلة يشاهدونها ليلاً، وتؤرقهم نهاراً وتقتل في نفوسهم الأمل والتفاؤل وتحولهم إلى كائنات معجونة بالاكتئاب والغضب، ولهذا نجد اليوم بعض القنوات المحرضة على الطائفية تلعب على نفس الأسطوانة، حين تصر أن العراق لن ينفع معه أي تغيير، وان الحل في عودة عقارب الساعة الى ما قبل 11/8/2014.
من حق العراقيين بكل أطيافهم أن يحموا حريتهم وأن يصونوا أنفسهم، وألا يتركوا مصير بلادهم في مهب ريح حلبة مصارعة قنوات الأنوار وأخواتها، فالفتنة اليوم تتقد بشدة تحت الرماد، ووقودها أموال ساخنة تمنح لمخادعين يحاولون ان يضحكوا على عقول الناس بكلام مزيف وشعارات زائفة، فكل شيء مهيأ ومعد له من اجل وقوع فتنة جديدة، بشرط ان تكون اكبر من " الفتنة الكبرى " كما سماها طه حسين.
قنوات الطوائف التي أخذت تتفشى في الإعلام المرئي والمقروء، الجانب الجوهري فيها هو كلما أصبحت طائفيا وعنصريا وهددت وقتلت وهجرت وشردت وصرخت وشتمت واستخدمت كل ما لا صلة له بالقانون يمكنك أن تنجح، والأخطر أن الناس قد تهابك وتخاف منك، هذه الظاهرة انتقلت من السياسيين إلى الشارع وبالعكس، وأصبحنا نرى إعلاميين يستخدمون الورقة الطائفية لإقصاء خصومهم.
يكتب علي الوردي في وعاظ السلاطين "وما دام السلطان الظالم محاطاً بالفقهاء والوعاظ, وهم يؤيدونه فيما يفعل ويدعون له بطول البقاء, فمتى يستطيع أن يحس بأن هناك أمة ساخطة أو إلهاً مهدداً".
هذا ما جعل الوردي، وهو ينحاز الى المواطن البسيط المبتلى بفرسان الطائفية ووعاظها، يضيف إلى قدراته كمؤرخ ميزة أخرى هي الجمع بين المؤرخ ورجل التنوير، وبين التعرف على خزعبلات التاريخ الذي يصر الآن معظم مثيرو الفتن في قنوات الشحن الطائفي، ان نبقى نعيش فيه ولا نغادر حوادثه، وبين المستقبل الذي لا يمكن الدخول اليه بلباس طائفي وبعقول تعيش في القرن الأول الهجري.
جميع التعليقات 2
بغداد
من وراء هذه الفضائيات بالأحرى الفضائحيات الروزخونية التابعة لوعاظ الشياطين السلاطين التي اصبحت أعدادها المنتشرة كالأمبيبا الأنشطارية ومن اين لهم هذه الأموال الطائلة التي تحتاج الى بنوك ضخمة ليتم تمويلها الذي يكلف البلايين والشعوب يعاني ملايين من شبابها ال
بغداد
من وراء هذه الفضائيات بالأحرى الفضائحيات الروزخونية التابعة لوعاظ الشياطين السلاطين التي اصبحت أعدادها المنتشرة كالأمبيبا الأنشطارية ومن اين لهم هذه الأموال الطائلة التي تحتاج الى بنوك ضخمة ليتم تمويلها الذي يكلف البلايين والشعوب يعاني ملايين من شبابها ال