اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الفتنة بين عرعور والأنوار

الفتنة بين عرعور والأنوار

نشر في: 19 يناير, 2015: 09:01 م
البرامج التحريضية في بعض القنوات أصبحت مخيفة ومرعبة، كذب شديد، قسوة بالغة، اجتراء على القانون، احتيال على الناس لأتفه الأسباب، استهانة بالحياة، انتهاك لحرمات الآخرين، لا عقل ولا قلب ولا ضمير. 
الأمثلة كثيرة، وبعض القنوات تفزعنا كل يوم ببرامج يشيب لها العقل، فهذا المجتمع الذي نريد له جميعنا الأمن والطمأنينة والسلام وكراهية العنف والدماء، بدأت تغزوه برامج شديدة الخطورة، الشيء اللافت فيها هو الاستهانة بالقانون، وبمشاعر الناس.
قنوات يسيطر عليها شيوخ ورجال دين يسعون إلى تحويل الشاشات إلى منصة ومنبر لخطاب أحادي وكاره، لا تبادل للمعرفة، ولا نقدها عبر الفرجة، الصورة في هذه القنوات ليست فضاء يتشارك فيه المتفرج، لكنها منصة لخطاب يسمح لهم بإهدار دم الخصوم، قنوات لا تتوقف عن الأوهام التي تضيّع فيها وقتها ووقت الناس، لأنها تمشي وراء سراب
تسعى قنوات التطرف بشقيها السني والشيعي إلى توسيع الهوّة بين ابناء هذا الشعب، فيديو تحريضي من هنا، واتصالات مجانية تشتم المكونات الأخرى، وخطاب منفر وصور لقتلى، الهدف ان يتحول المشاهد الى مواطن طائفي بامتياز، يتوجس من جاره وصديقه.. ويخشى مصافحة الآخرين لأنهم لا ينتمون إلى طائفته.. وان يتخندق في مواجهة الجميع، ان يشتم العلماني والشيوعي لأنه كافر، وان يهرب من الشيعي لأنه ميليشيا، ومن السُني لأنه قاعدة. 
ما مناسبة هذا الكلام؟ 
المناسبة أني شاهدت برنامجا في قناة الانوار صب فيه مقدم البرنامج كل مايملكه من غضب على رئيس الوزراء حيدر العبادي لأنه التقى بإعلاميين عراقيين في القاهرة، معد البرنامج لم يكتف بذلك بل ذهب ابعد من ذلك حين اتهم العبادي بخيانة الأمانة ووضع يده بيد أعداء العراق. 
لقد تحولت من قبل حياة العراقيين بفضل قنوات التحريض مثل الجزيرة وقناة العرعور إلى كوابيس ثقيلة يشاهدونها ليلاً، وتؤرقهم نهاراً وتقتل في نفوسهم الأمل والتفاؤل وتحولهم إلى كائنات معجونة بالاكتئاب والغضب، ولهذا نجد اليوم بعض القنوات المحرضة على الطائفية تلعب على نفس الأسطوانة، حين تصر أن العراق لن ينفع معه أي تغيير، وان الحل في عودة عقارب الساعة الى ما قبل 11/8/2014. 
من حق العراقيين بكل أطيافهم أن يحموا حريتهم وأن يصونوا أنفسهم، وألا يتركوا مصير بلادهم في مهب ريح حلبة مصارعة قنوات الأنوار وأخواتها، فالفتنة اليوم تتقد بشدة تحت الرماد، ووقودها أموال ساخنة تمنح لمخادعين يحاولون ان يضحكوا على عقول الناس بكلام مزيف وشعارات زائفة، فكل شيء مهيأ ومعد له من اجل وقوع فتنة جديدة، بشرط ان تكون اكبر من " الفتنة الكبرى " كما سماها طه حسين. 
قنوات الطوائف التي أخذت تتفشى في الإعلام المرئي والمقروء، الجانب الجوهري فيها هو كلما أصبحت طائفيا وعنصريا وهددت وقتلت وهجرت وشردت وصرخت وشتمت واستخدمت كل ما لا صلة له بالقانون يمكنك أن تنجح، والأخطر أن الناس قد تهابك وتخاف منك، هذه الظاهرة انتقلت من السياسيين إلى الشارع وبالعكس، وأصبحنا نرى إعلاميين يستخدمون الورقة الطائفية لإقصاء خصومهم.
يكتب علي الوردي في وعاظ السلاطين "وما دام السلطان الظالم محاطاً بالفقهاء والوعاظ, وهم يؤيدونه فيما يفعل ويدعون له بطول البقاء, فمتى يستطيع أن يحس بأن هناك أمة ساخطة أو إلهاً مهدداً". 
هذا ما جعل الوردي، وهو ينحاز الى المواطن البسيط المبتلى بفرسان الطائفية ووعاظها، يضيف إلى قدراته كمؤرخ ميزة أخرى هي الجمع بين المؤرخ ورجل التنوير، وبين التعرف على خزعبلات التاريخ الذي يصر الآن معظم مثيرو الفتن في قنوات الشحن الطائفي، ان نبقى نعيش فيه ولا نغادر حوادثه، وبين المستقبل الذي لا يمكن الدخول اليه بلباس طائفي وبعقول تعيش في القرن الأول الهجري.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. بغداد

    من وراء هذه الفضائيات بالأحرى الفضائحيات الروزخونية التابعة لوعاظ الشياطين السلاطين التي اصبحت أعدادها المنتشرة كالأمبيبا الأنشطارية ومن اين لهم هذه الأموال الطائلة التي تحتاج الى بنوك ضخمة ليتم تمويلها الذي يكلف البلايين والشعوب يعاني ملايين من شبابها ال

  2. بغداد

    من وراء هذه الفضائيات بالأحرى الفضائحيات الروزخونية التابعة لوعاظ الشياطين السلاطين التي اصبحت أعدادها المنتشرة كالأمبيبا الأنشطارية ومن اين لهم هذه الأموال الطائلة التي تحتاج الى بنوك ضخمة ليتم تمويلها الذي يكلف البلايين والشعوب يعاني ملايين من شبابها ال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

العمودالثامن: 21 عاماً في محبة المدى

 علي حسين إسمحوا لصاحب هذا العمود أن يحتفل مع زملائه بدخول العام الحادي والعشرين لصحيفة (المدى)، وأن يعترف علنًا أنه لم يكن يعرف قواعد اللعبة الديمقراطية جيدًا، ولا يفهم أنظمتها الجديدة التي تشكلت...
علي حسين

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين

الـ (المدى).. رعاية استثنائية للثقافة العراقية

فاضل ثامر عندما بدأت جريدة المدى في الصدور، بعد الاحتلال وتحديدا في 5/8/2003، كنت ضمن كادر محرريها المحدود، حيث اتخذت لها مقراً متواضعاً في شارع فلسطين.. وبقيت أعمل في الجريدة تحت إشراف رئيس تحريرها...
فاضل ثامر

الـ (المدى).. أيقونة الصحافة العراقية

د.قاسم حسين صالح اوجع مفارقة بتاريخ العراقيين هي تلك التي حصلت في التاسع من نيسان 2003،ففيه كانوا قد حلموا بالافراح بنهاية الطغيان، فاذا به يتحول الى بوابة للفواجع والأحزان.فللمرة الأولى في تاريخهم يفرح العراقيون...
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram