لكي يعيد اليه الحياة ، حاول الكاتب فيليب بيسون استذكار النجم الشاب الراحل جيمس دين عبر شهادات أكثـر من ثلاثين شخصية معروفة وغير معروفة... قال عنه تينسي وليامز مثلا انه لم يكن يطيع قوانين عصره وانه لم يكن يعتني بهندامه ولايصفف شعره جيدا لكنه كان
لكي يعيد اليه الحياة ، حاول الكاتب فيليب بيسون استذكار النجم الشاب الراحل جيمس دين عبر شهادات أكثـر من ثلاثين شخصية معروفة وغير معروفة... قال عنه تينسي وليامز مثلا انه لم يكن يطيع قوانين عصره وانه لم يكن يعتني بهندامه ولايصفف شعره جيدا لكنه كان يمتلك طاقة شبابية هائلة تترك اثرها في كل من يتعرف اليه وهو ما جعل منه رمزا خالدا للشباب والحيوية والحب ..
لقد عمد الكاتب بيسون الى استذكار المصير المأساوي الذي انتهى اليه الممثل الشاب حين توفي في حادث سير في سن الرابعة والعشرين . وتناول الشخصيات التي مرت في حياته ابتداءً من والدته ميلدريد دين الى دونالد تيرنسبيد ، الطالب المتورط في الحادث الذي كلف النجم حياته ..
ويتذكر بعض الشهود النجم فيتحدثون عنه بصراحة مؤكدين على امتلاكه صورة حية ومشرقة وشخصية لها حضور وتأثير على الآخرين لكنهم ايضا يشيرون الى تهوره وتمرده على الواقع والمألوف ما قاده الى وضع نهاية لحياته بيده ..
لقد حاول بيسون كتابة سيرة جيمس دين دون الوقوع في فخ التقديس فهو مجرد انسان بلغ قمة مجده في سنوات قليلة ثم فارق الحياة جسدا وبقيت ذكراه في نفوس عشاقه ..لهذا السبب حاول الخروج من قالب السيرة الى قالب الرواية مازجا بين الحديث عن شخصية دين والشهادات الخاصة بعمله وموهبته ..
تناول الكتاب محنة والدة جيمس دين التي كانت تعرف انها ستموت من السرطان والتي كان ولدها الصغير جيمي في السابعة من عمره لدى وفاتها وبقي بعدها معذبا حتى وفاته هو نفسه ..بالنسبة لوالده ، فقد كان منزعجا من تحمل مسؤولية ابنه الصبي اليتيم وفضل ان يعهد بتربيته الى شقيقته ، لذا نشأ جيمس دين في منزل عمته في فيرمونت وعبر منذ مراهقته عن شخصية محبوبة ولكن متمردة ..كان أساتذته في المرحلة الثانوية ينظرون اليه نظرة خاصة لشدة موهبته وينتظرون منه الكثير وكان محط إعجاب الفتيات لكنه بدلا من إعجابه بفتيات من سنه لاحق مدرسته وتمكن من ان يجعلها اول عشيقة له !!
في المرحلة الجامعية ، وصفه أستاذ الفن الدرامي بأنه كالعصفور الساقط من العش إشارة منه الى اختلافه عن جيله وكان يشير دائما الى لكنته الغريبة التي تذكرنا بالغرب الأوسط ..وإضافة الى هذا الرأي ضم الكتاب آراء اخرى منها شهادة بائع الدراجات النارية الذي رآه يغادر على دراجته الاولى وهو في سن الخامسة عشرة وكانت من النوع التشيكي الرخيص ، ورافقه ولع الدراجات النارية حتى آخر أيامه ليعود عليه بنتائج عكسية ..
كان يرافقه المخرج ايليا كازان فيذهب في جولة خلفه على الدراجة النارية ..يقول كازان انه كان يسير بسرعة جنونية وحين يصرخ به كازان قائلا : "ستقتلنا"...كان يضحك بشدة ويضاعف من سرعته فيغمض كازان عينيه بانتظار الموت ...ويقول كازان انه لم يكن يسمح لأي شخص ان يمزح معه بهذا الشكل باستثناء جيمس دين ...
المصور دينيس ستوك بدوره خلّد جيمس دين في صور عديدة منها صورته في سيارة للسباق وصور اخرى له وهو يضع يديه في جيوبه دلالة على اللامبالاة ..لهذا السبب اطلق الكاتب فيليب بيسون على كتابه الصادر عن دار جوليار في (252) صفحة عنوان ( حياة سريعة ) مؤكدا على ان شخصية دين من النوع الذي يحب السرعة والتهور في كل شيء فقد كان مولعا مثلا بسباقات السيارات رغم انه صور اعلانا ذات يوم يظهر فيه وهو يقود سيارته ويخاطب المشاهدين قائلا : " كونوا حذرين على الطرق فالحياة التي ستنقذها قد تكون حياتك "...
لقد كان جيمس دين رمزا أميركيا حقيقيا وترك إرثا قيما في هوليوود رغم حياته المهنية القصيرة فقد قدم ثلاثة أفلام فقط ..ولد جيمس دين في الثامن من شباط عام 1931 في مدينة ماريون ، انديانا في الولايات المتحدة الأميركية وهو من الفنانين المحبوبين لدى جمهور الشاشة الفضية ...
بدأ جيمس دين مهنة التمثيل في عام 1955 ولعب دور كال تراسك في كلاسيكية المخرج إيليا كازان “شرق عدن”. في هذا الفيلم ، أدى دين بإتقان تام دور المراهق بكل ما يعانيه من مشاعر الإحباط والقلق ، وبأسلوب خاص بجيمس دين فقط . براعته في هذا الدور كان مقدمة رائعة لانطلاقه في عالم السينما واعتراف النقاد بولادة نجم موهوب ذي كاريزما عالية جداً . رشح جيمس دين عن هذا الفيلم لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل ، وكانت هذه هي المرة الاولى في تاريخ الأوسكار التي ترشحت جائزتها لممثل بعد وفاته
في عام 1955 ، قدم فيلم (ثائر بلا سبب ) الذي عزز مكانته الأسطورية وجعله واحدا من الممثلين المؤثرين في هوليوود الى الأبد ..أدى دين في الفيلم شخصية المتمرد جيم ستارك بإتقان تام وحرفية عالية وقدم شخصية فريدة وجذابة ولايمكن ان تنسى في تاريخ السينما وشاركه البطولة ناتالي وود ، سال مينو ودينيس هوبر ...فيلمه الاخير كان اسمه ( العملاق ) عام 1956 وهومن اخراج المبدع جورج ستيفنز وكان ملحمة بكل معنى الكلمة وشارك فيه اليزابيث تايلور وروك هدسون مع جيمس دين ..
تدور أحداث الفيلم حول حياة مربي ماشية من تكساس ( هدسون ) وعلاقته مع عائلته والمقربين منه التي يخرجها ستيفنز بأسلوب رائع وشيق جداً تجعل المشاهد لا يشعر بمدة عرضه الطويلة ولا يمل منه ، إنه حقاً فيلم يأخذ المشاهد في رحلة ممتعة لا تنسى …يلعب جيمس دين في “العملاق” دور صاحب مزرعة شاب يكتشف النفط في مزرعته ويصبح بين عشية وضحاها غنياً جداً . لقد كان دين رائعاً هنا وأدى دوراً ممتازاً ، و كان من أهم عناصر نجاح هذا الفيلم الرائع . ترشح دين بفضل هذا الدور لجائزة الأوسكار الثانية كأفضل ممثل ، ايضاً بعد وفاته …
كان اداؤه في فيلم ( ثائر بلا سبب )طبيعيا جدا وكان ناجحا في تقمص الشخصية التي اتسمت بالاكتئاب والارتباك بسلالة وحرفية فتنت جمهوره وادرك وقتها انه مختلف عن غيره بموهبته والكاريزما النادرة التي تميز بها ..
توفي دين نتيجة حادث سير مروع عندما كان في سن الرابعة والعشرين وكانت وفاته خسارة كبيرة لعالم السينما لكن تفاصيل موته صنعت له هالة من التميز...