وكانت حكومة بغداد قد قطعت التيار الكهربائي الوطني عن مدينة الموصل مركز محافظة نينوى ونواحيها منذ اكثر من ثلاثة اشهر وفي اعقاب سيطرة تنظيم (داعش) على المدينة بداية حزيران الماضي بعد ان كانت المحافظة وكما يقول مصدر في مديرية كهرباء نينوى تجهز بالطاقة الكهربائية من ناحية تازة وسـد الموصل بمعدل يتراوح ما بين 6 ساعات تجهيز خلال اليوم الواحد في مقابل 18 ساعة انقطاع نتيجة ضعف وقلة الكهرباء التي فشلت وزارة الكهرباء بكل جهودها ووعودها المتكررة والتي أعلنت عنها في إعادة الحياة الى هذه الطاقة الضرورية المتضررة اصلا نتيجة الحروب وظروف البلاد المختلفة منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى الآن والتي عوضتها المولدات الكهربائية الأهلية في سد جزء من حاجة المحافظة . 

تقول الأرملة ( أم أحمد ) تغالبها دموعها ، الجوع وضيق اليد بدأ يحاصرنا بعد تسريحي من عملي وأنا أرملة أعيل ثلاثة أطفال أكبرهم عمره 8 سنوات وليس لدينا معيل او أقارب ، وزوجي كان شرطياً واستشهد بداية دخول تنظيم داعش للموصل منذ نحو سبعة اشهر ولا راتب تقاعدي له بسبب ظروف الموصل وسيطرة (داعش) عليها ونتدبر أمورنا المعيشية ببعض المدخرات لديّ التي ستنفد قريبا اضافة الى مساعدة الجيران والخيرين لكني اقلق من قادم الايام خاصة وان الحياة في الموصل اليوم اصبحت صعبة جدا في ظل انعدام الخدمات الرئيسة الضرورية والبطالة المتفشية بنسب كبيرة جدا ، مضيفة ان تسريح عدد كبير من العاملين في المعمل زاد من عدد العاطلين عن العمل وسيخلق مشاكل اجتماعية واقتصادية جديدة يجب على المعنيين بالأمر في العراق تدارك ذلك والعمل بسرعة لمعالجة المشكلة الأساسية التي تعانيها المحافظة والتي تتمثل بسيطرة (داعش) عليها واتخاذ الخطوات الكفيلة بتخليصها وتحريرها من هذه العصابات المتشددة التي عاثت فساداً وخراباً في البلد .

وقد أضر انقطاع الكهرباء الوطنية بمصالح التجار وارباب العمل والمصانع في مدينة الموصل التي تعتمد صناعتهم بشكل كبير على هذه الطاقة وسبب لهم خسائر مادية كبيرة فضلا عن الأضرار التي ألحقها بالسوق المحلية والطلب على البضاعة. 

ويقول صاحب معمل لإنتاج ألبسة الأطفال في الموصل ( علي جاسم ) اضطررت الى إقفال أبواب المعمل وتسريح العمال برغم علمي انهم فقراء الحال وبحاجة الى العمل لكن ليس باليد حيلة بعد ان فشلت محاولات تشغيل مكائن المعمل بطاقة المولدات الكهربائية ، كما ان التوقف عن الانتاج سبب لي خسائر مالية كبيرة ، وأضر ايضا بالسوق المحلية التي شحت البضائع فيها وارتفعت أثمانها بسبب قلة العرض وعدم وصول السلع إليها متزامناً مع توقف الاستيراد من المحافظات الأخرى او اقليم كردستان او خارج العراق بسبب غلق جميع الطرق بين الموصل وهذه المناطق ، فضلا عن تعليمات التنظيم المتشددة وتضييقه على التجار، مضيفا ان انقطاع الكهرباء الوطنية أسهم بتوقف العديد من الصناعات المحلية في محافظة نينوى التي تعتمد بشكل أساس على هذه الطاقة وخاصة التي تتلف بسرعة وتحتاج الى تخزين في درجات حرارة وبرودة معينة كالصناعات الغذائية واللحوم والحليب ومشتقات الألبان وغيرها الكثير ما اثر سلبا على الاقتصاد وحركة السوق في المدينة وخلق جيش جديد من العاطلين عن العمل الذين سيقع بعضهم وبسبب الفقر والحاجة فريسة سهلة لتنظيم (داعش) الذي سيسعى لضمهم لصفوفه تحت إغراءات المال وتوفير احتياجاتهم واغلب هؤلاء العاطلين من الفقراء ويعيلون عوائل كبيرة ومنهم مَن لا مأوى لهم ويدفعون بدلات إيجار شهرية وكل ذلك ربما سيدفعهم باتجاه قبول عرض (داعش) لانتشالهم وعوائلهم من الجوع والفقر القادم حسب قوله .

وفي الوقت الذي لم تُشِر فيه وزارة الكهرباء في بغداد الى قطع الكهرباء عن مدينة الموصل منذ اشهر يطالب أعضاء في مجلس محافظة نينوى ونواب عن المحافظة في مجلس النواب بمناقشة هذه المشكلة في جلسات مجلس النواب ووضع الحلول لها خاصة وان هذا القطع متعمد كما يقول نواب وأهالي المدينة كنوع من العقوبة والحصار المفروض من قبل بغداد على الموصل تحت ذريعة مقاومة تنظيم (داعش) الذي لا يعنيه الأمر ولا يكترث بتوفير الخدمات لأهالي الموصل المتضررين ما قد ينذر بكوارث إنسانية وبيئية وانتشار للأوبئة والأمراض اذا لم تسارع الحكومة في وضع حلول مناسبة لتأمين الخدمات للأهالي لاسيما وان الطاقة الكهربائية الوطنية شبه مقطوعة عن قطاعات حيوية في المدينة كالمستشفيات ومشاريع الماء والمصانع ولولا المولدات الأهلية التي تسد جزءا بسيطا من حاجة هذا القطاعات من الطاقة لأقفلت أبوابها تماما حسب قول هؤلاء النواب .

وبحسب مصدر في كهرباء نينوى فقد قامت وزارة الكهرباء في بغداد بفصل محافظة نينوى تماما عن منظومة الكهرباء الوطنية منذ منتصف حزيران الماضي وبعد سيطرة (داعش) عليها كما قطع الغاز عن محطة توليد الموصل الغازية ما أدى الى توقفها عن العمل في حين يتم الاعتماد على محطة توليد سد الموصل كمصدر وحيد لتجهيز المدينة بالطاقة بواقع ساعتين كل خمسة ايام. 

واضاف المصدر تعرض الخط الناقل للكهرباء من محطة سد الموصل في منتصف تشرين الاول الماضي الى قصف طائرات التحالف الدولي في استهدافها لتجمعات (داعش) قرب الخط ما تسبب بقطع الكهرباء عن المدينة منذ ذلك التاريخ مع صعوبة صيانة الضرر بسبب وقوعه في منطقة تشهد أعمالا مسلحة وهذا ما فاقم من معاناة المحافظة ، وشل توقف إمدادات الطاقة الكهربائية الحياة في مدينة الموصل فانحسر الإقبال على شراء الأجهزة الكهربائية بمختلف انواعها ومناشئها ، وتوقف عمل الكثير من القطاعات والخدمات المقدمة للاهالي كمشاريع الماء والمستشفيات والأفران وأعمال اخرى ، اما بيوت المواطنين فقد تضررت هي الاخرى ولم يعد بالامكان تشغيل الاجهزة الكهربائية والسخانات والحمامات والمطابخ التي تستلزم طاقة كهربائية كبيرة ولجأ الناس الى بدائل بدائية تعتمد على استخدام النفط الابيض والغاز الذي شح في الاسواق وارتفعت أثمانه ، وايضا اشعال الخشب والحطب والمخلفات الاخرى برغم مخاطر استعمالها وما تتركه من مخلفات وتلوث يضر بالبيئة وحياة وصحة الانسان. 

المواطن ( أبو نبيل ) قال إن الكهرباء انقطعت منذ اكثر من ثلاثة اشهر ولولا وجود المولدات الاهلية لتدهور الحال بشكل لا يوصف فقد وفرت لنا الطاقة لساعات محدودة يوميا حيث يبدأ تشغيلها ابتداءً من الساعة الثانية بعد الظهر وحتى الساعة الحادية عشرة ليلا تتخللها فترات استراحة للمولدة لمدة ساعة واحدة كل ثلاث ساعات تشغيل برغم ارتفاع سعر الأمبير الواحد الذي وصل الى 8000 دينار فيما تضاعف في مناطق وأحياء اخرى من المدينة وهذا اثر كثيرا على حياتنا ، مطالبا الحكومة المركزية في بغداد بفك الحصار المفروض على المدينة في جانب الخدمات وإعادة تجهيزها بحصتها من الكهرباء المقطوعة عنها عمدا فالأهالي لا ذنب لهم في هذه الحرب التي جعلتهم ضحايا بين رحى مطحنة طرفاها (داعش والحكومة المركزية) على حد تعبيره .

من جانبهم حذر خبراء في مجال الاقتصاد والاجتماع من نتائج استمرار قطع التيار الكهربائي الوطني عن محافظة نينوى وتوقف حركة الاقتصاد والمال فيها مما قد ينذر بكوارث بيئية واقتصادية واجتماعية ومشاكل عدة اخرى يصعب حلها حسب قول استاذ الاقتصاد في جامعة الموصل ( نمير احمد ) مضيفا ، على الحكومة العراقية التخلي عن فكرة العقاب الجماعي للأهالي الذين لا حول لهم ولا قوة والعمل بدلا عن ذلك على كسب تأييدهم لخطوات الحكومة في سعيها لطرد (داعش) وتحرير الموصل من خلال ايجاد طرق مناسبة لتوفير الخدمات لهم وخاصة تجهيز المحافظة بحصتها كاملة في شتى المجالات ومنها الطاقة الكهربائية ومشتقات النفط كما تفعل مع محافظات أخرى .