تعقيبا على الأخبار المتواترة في الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية بشأن إطلاق سراح نسبة كبيرة من السجناء — لا بسبب عفو عام ، ولا بسبب انتهاء فترة المحكومية ، او بتفعيل قانون الإفراج الشرطي ولا .. ولا .. بل لغرض التخفيف من وطأة الازدحام الكثيف الذي تعاني منه السجون، واكتظاظ الزنزانات بالنزلاء !!
المجازفة بقول لا يستند على أدلة، جناية مشهودة . لا سيما وان ليست هناك دراسة علمية نزيهة عن نسبة او عدد الأبرياء المحكومين بسبب الدعاوى الكيدية او الشبهة ، لكن العدد الرسمي المعلن رقم مرعب بكل المقاييس . ولا بد من دراسة واعية و جدية تبحث عن علة وجود هذه الأعداد الغفيرة خلف القضبان .
هل العراقي الحاد الطبع ، المتقلب الأهواء ، الطامع ، الطموح ، التواق للمعرفة ، التائه بين النعم واللا ، أسير الانتماءات ، سليل الحضارات العريقة ،و…و.. هو نفسه من تكتظ الزنزانات بوجوده نزيلا؟
هل العراقي مجرم بطبيعته ؟ بسبب ما تعرض له عبر تاريخه الدامي من محن وكوارث؟
يحيلنا هذا السؤال التقليدي لكتاب الطبيب الإيطالي سيزار لومبروزو : (الإنسان المجرم )الذي أصدره عام ١٨٧٦.والذي فسر فيه السلوك الإجرامي لدى بني البشر ونسبه لعوامل فسلجية ووراثية بالدرجة الأولى ، وزاد على نظريته تلك بوضع بعض الملامح يتميز بها المجرم عن السوي .
منها ، مثالا لا حصرا : وجه صغير وجمجمة كبيرة ،محاجر واسعة ومقل غائرة، ضيق الجبهة .وانعقاد الحاجبين ،
طول القامة المفرط والقصر المفرط ، انف مسطح او له شكل منقار ، ذقن صغير ناتئ ، أعسر ، ضعف الإحساس بالألم ، ناهيك عن الإحساس بآلام الغير ،انعدام الشعور بالشفقة ، او الإحساس بالذنب . سهولة في الاستثارة مع غلظة في المشاعر ، إلخ .إلخ .
لاقت نظرية (لومبروزو) عاصفة من الانتقاد والتنديد والتفنيد .
ما يهمنا من النظرية ، إن هيئة الإنسان وملامحه لا علاقة مباشرة لها بالسلوك الإجرامي ولا تكفي وحدها للحكم .. ولكن الإطلاق العشوائي للسجناء بسبب اكتظاظ السجون .دون خطة مدروسة ، دون التحسب لتأهيل غير المؤهلين، دون توفير فرص عمل للقادرين ، دون تعميم وفرض أحقيتهم الماسة لرواتب الرعاية الاجتماعية ، إنما هو قرار - عشوائي - يوازي قرار إدانة بريء يصدره قاض جاهل معصوب العينين . مشلول الضمير .
نظرية (لومبروزو) وتداعياتها
[post-views]
نشر في: 21 يناير, 2015: 09:01 م