لايشبه كتاب الروائية الفرنسية بولين غوينا كتب أدب الرحلات رغم انها خاضت مع زوجها وعائلتها رحلة مثيرة عبر معظم أراضي قارة أميركا الشمالية حيث طافت الولايات المتحدة وكندا للحصول على مقابلات خاصة مع كتابها المفضلين في تلك الدول ...استمرت رحلة غوينا وزوج
لايشبه كتاب الروائية الفرنسية بولين غوينا كتب أدب الرحلات رغم انها خاضت مع زوجها وعائلتها رحلة مثيرة عبر معظم أراضي قارة أميركا الشمالية حيث طافت الولايات المتحدة وكندا للحصول على مقابلات خاصة مع كتابها المفضلين في تلك الدول ...
استمرت رحلة غوينا وزوجها المصور غويوم بينت وأولادها الأربعة عاما كاملا قضوه في سيارة مخيمات (كارافان متنقل ) واحتملوا كل العقبات والمخاطر في سبيل تحقيق مشروعهما المشترك الذي يشبه مغامرة عائلية والذي تحول الى كتاب صدر عن دار روبير لافون للنشر يحمل عنوان ( رحلة الى أميركا بلاد المؤلفين ) حمل اسمي المؤلفة وزوجها المصور ...
في مقابلة أجرتها صحيفة الفيغارو مع غوينا أجابت عن سؤالها عن كيفية ولادة فكرة الكتاب انها لم تفكر فيه بل فرض نفسه عليها بعد ان قرأت روايات اميركية عديدة وتابعت جميع المقابلات التي كانت تجريها مجلة باريس مع الأدباء والروائيين الاميركان ، لذا طرحت الفكرة على زوجها المصور فتحمس لها وقررا خوض رحلة يرافقهم فيها اولادهم الذين تتراوح أعمارهم مابين (2-11) عاما عبر الولايات المتحدة وكندا في سيارتهم لمقابلة الكتاب الذين قرأت لهم وعنهم ..
لم تتصور غوينا في البداية الهيئة التي سيكون عليها الكتاب فهل سيكون كتاب حوارات أدبية ومقابلات شخصية وصورمع الشخصيات فقط أم كتاب رحلات يتناول مغامراتهم ولقاءاتهم مع الكتاب ..في النهاية استقر رأيها على جعله كتاب حوارات وصور اذ لم تفضل الحديث عن خصوصياتها في الكتاب وكانت تمحو ما يقوله المؤلفون عن مغامرتهم النادرة وعمدت الى التركيز على الكتاب انفسهم ...حياتهم ..أدبهم ..وخصوصياتهم اذا رغبوا بالحديث عنها ..
وعن طريقة تلقي الشخصيات الأدبية لدعواتها لهم قالت غوين انها اتصلت بجميع الكتاب الذين تفضلهم قبل سفرها وجاءها الرد الاول من الكاتب جيم هاريسون الذي وعدهم باستقبالهم بعد عام وحدد لهم الساعة الثانية ظهرا في أي يوم يلتقون به فيه لأنهم لن يجدوه بخلاف ذلك فيومه موزع بين الصيد والكتابة وليست أمامه فسحة زمنية غيرها ..رغم ذلك ، لم تتمكن غوينا وزوجها من مقابلته لدى وصولهما الى اريزونا حيث يقيم لأنه كان يعاني من متاعب صحية وقتها ما اضطرهما الى الغاء الموعد ..
لم تكن هذه المفاجأة الوحيدة التي أعاقت تنفيذ مشروعهما كما خططا له بل كانت هناك مفاجآت سيئة واخرى جميلة وطريفة فعن خوض لعبة الاسئلة مع الكتاب حول عاداتهم وأساليب عملهم ورحلاتهم وارتباطاتهم السياسية الطوعية تبين ان هناك كتاب محافظين وآخرين منفتحين ..توماس ماكغوان مثلا تحدث لمحاورته الشابة بصراحة عن ولعه بالكوكايين ، بينما كشف ريتشارد فورد عن كرهه للأطفال حين استقبل ابنتهما بولين التي كانت اجمل أطفالهما استقبالا سيئا لأنها تقيأت أمام بابه ...
تبين ايضا من خلال الحوارات ان اغلب الكتاب جاءوا من أوساط بسيطة ومتواضعة والعديد منهم اصبحوا أساتذة جامعيين وواصلوا العمل رغم ناجح كتبهم واشتهارها ..اكتشفت غوينا ايضا ان بعض الكتاب الاميركان يجيدون التحدث بالفرنسية وان جون ادغار ويدمان على سبيل المثال هو شخص جاد جدا بينما تنطلق الكاتبة مارغريت آتود في الضحك لأقل مزحة ..
لم تغفل غوينا ايضا عن وصف اميركا الشمالية ولم تحاول اختزال جمالها واتساعها فصار كتابها كتاب رحلات فريد من نوعه لأن القراء سيشعرون بنفس العظمة والبؤس والجمال الذي تحدثت عنه غوينا كما شعرت به من اعماقها ..
يقول غيويوم زوجها وزميلها ان زوجته بولين لم تحصل على موافقة كل الكتّاب الذين طلبت مقابلتهم لكنها حظيت بمقابلة العديد منهم أمثال توماس ماكغوان وروسيل بانكس ومارغريت آتود وريتشارد فورد وجورج بيليكانو ورون راش كما ان حيوتها ونضارتها وحماستها فضلا عن براءتها كانت وسائل مساعدة بالنسبة لها لأنها ساعدتها على ان تحظى بثقة بعض الشخصيات غير المتسامحة والتي تخشى مقابلة الصحفيين الباريسيين ..
وتصف غوينا كيف استقبلها اغلب الكتاب وهم يرتدون الجينز وبناطيل البرمودا والفانيلات البشعة والقبعات ..بعضهم استقبلها في منزله والبعض الآخر في مكتبه حيث تتكدس الكتب على الرفوف وحيث التصاميم الغريبة والديكورات المبتكرة احيانا ..
حرصت غوينا على الوصول في نفس الموعد الذي تتفق عليه مع الكتاب رغم مشقة رحلتها اما اطرف القصص التي صادفت المؤلفة وزميلها فهي اكتشافهما كيف اشترى الكاتب ارنست ج جينز حقول قصب السكر التي كان يعمل فيها في صغره وكيف أعاد زراعتها وبنى فيها بيتها كما خصص فيها مقبرة لدفن جميع من توفي من العاملين فيها ..وهناك قصة توماس ماكغوان الذي قدم الى مكان الحوار راكبا حصانه فتخيل اطفال بولين انه من رعاة البقر الذين يشاهدونهم في الأفلام الأميركية ..
وعن سؤالها عن كيفية كسب ثقة الكتاب الاميركان المتشككين او غريبي الأطوار غالبا قالت غوينا انه حرصت على مطالعة كل كتبهم وكانت تقرأ طوال الوقت كما استعانت بالمراجع التي تتناول أدبهم وشعرت بأن هذا قد يجعلهم يطمئنون للتعامل معها حين يجدون بانها تعرفهم ورغم حاجز اللغة الذي أعاقها عن إيصال أفكارها كما تحب لكنها حرصت على تسجيل كل شيء لتعمل على ترجمته فيما بعد ..انها مهمة صعبة كما تقول غوينا لكنها ألذ مهمة قامت بها خلال عملها لأنها أمضت عاما كاملا في ضيافة العمالقة !!