هكذا وبكل بساطة يصادف في هذا الأسبوع هنا في هولندا عيد ملون بالمحبة والألفة ، حيث يحتفل الناس في البلد الأول بالعالم في انتاج الزهور بيوم وطني خاص بها ، اذن هو عيد الألوان والهدايا الملونة بالرومانسية ، هو اليوم الذي ينتظره العشاق والمحبون وكل من يبحث عن لمسة جمال سحرية وعطر أخاذ . لقد أطلقوا على هذا اليوم أسم يوم التولب ، والتولب كما هو معروف أشهر زهور هولندا ورمزها الوطني الذي تتغنى به على مرَ العصور . هنا جعلوا يوماً من أيامهم يليق بالورد وألوانه ، وفي نفس الوقت هناك بلدان تطلق الرصاص على كل ما هو جميل وليس على الزهور وحدها . لقد شعرت بالفضول واستعرضت في ذهني تفاصيل أعياد هولندا وأيامها التي تحتفل بها واكتشفت أن هذا البلد العاشق للجمال والفن من البلدان التي ليس لها يوم أو عيد للجيش على سبيل المثال ، وهكذا أتخيل هذه البقعة الرومانسية من العالم تستبدل البندقية بزهرة ! هل هناك أعظم من هذا الوفاء للجمال وحضوره الساحر ؟ حيث كان آخر درس لهم في رؤية الحروب ومآسيها أثناء الحرب العالمية الثانية حين حاولت النازية السيطرة على كل العالم وصبغه بصبغة واحدة .
وبطريقة لا تخلو من الرومانسية والكرم الملفوف بحرير الجمال وضعت بلدية أمستردام في ساحة الدام التي هي مركز العاصمة وأشهر ساحة في هولندا ، مصاطب وتقسيمات مليئة بزهور التولب ، وضعتها بشكل جميل ومبهر كي يأخذ كل من يحب من الناس والمارين ما يرغب به من زهور مجانية ، الزهور توزع في شوارع المدينة والناس تجني الجمال ببساطة وبدون تعقيدات . انهم يوزعون الجمال في الطريق ولا عليك سوى أن تمد يدك لتقطف لمحة من هذه الموجات الملونة من الزهور وسط العاصمة .
الجمال الذي يقترب من الحكمة يعذبني في الغالب ، ليس لأني لا أميل له ولا أحبه أنا الذي أمارسه في لوحاتي كل يوم ، بل لأني لا أقدر على عدم مقارنته مع ما يحدث في بلدي العراق أو في سوريا وغيرها من البلدان التي أصابها ما أصابها من دخان الحروب وفشل الحكومات وسرقاتها التي لا تنتهي . لقد ذهبت زهور بغداد مع الأسف واستبدلت بعبوات ناسفة ، هذه العبوات التي تقتل زهور شبابنا وتحوّل مشاتلنا الى رماد ، ولا أعرف كم سنحتاجه من الوقت ليزهر البلد من جديد وتعود زهوره وعشاقه ومحبيه وهم يجوبون الشوارع دون خوف .
أعود الى عيد الزهور حيث وضعت في ساحة الدام الكبيرة مئتا ألف زهرة وهو العدد المخصص للتوزيع المجاني لاحتفال هذه السنة بالموسم الجديد للتولب حيث ينتظر أن يصل عدد الزهور التي ستصدَّر الى خارج المملكة الى ما يقارب المليار وسبعمئة مليون زهرة تولب . تتجول هنا في الدام لتعيش لحظات من الزمن العابر في قارورة عطر متنقلة ، مع هذا الموسم الذي افتتح تحت تسمية " تقاسم الفرح وأمنح التولب " ليقع نظرك وفي كل زاوية أو جانب من المكان على نوع أو لون من التولب وبانسجام ليس له مثيل حيث يبدو المشهد وكأنه معرض جميل تصنعه الطبيعة ويضفي عليه الناس لمسة سحرية راقية .
هكذا تحولت الساحة الى معرض انطباعي بامتياز ، وهناك في الركن الأيمن من الساحة تطل تماثيل متحف مدام توسو الشمعية من النوافذ العريضة لتؤكد حضورها وتبدوا كأنها تشارك أهالي أمستردام احتفالهم الملون.
يوم الزهور بدلاً من يوم الجيش
[post-views]
نشر في: 23 يناير, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...