TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > طناطل وسعلوات... اليوم

طناطل وسعلوات... اليوم

نشر في: 23 يناير, 2015: 09:01 م

وصفه بالحمار أمام كل الناس ..لم يتمكن سائق السيارة الصغيرة ان يرد على حماية المسؤول المختبئ خلف النوافذ المظللة لسيارته الفارهة ...مازلت اذكر نظرة الرجل التي تفوق بها على ابرع الفنانين السينمائيين فقد كانت صادقة جمعت عدة تعابير في وقت واحد..كانفيها الغضب والألم والرفض والخجل من الموجودين وأولهم ابنه الصغير الذي يرافقه في السيارة ..
علمتنا الحكايات القديمة ان نرى في آبائنا امثلة عليا ونتوقع منهم ان يقاتلوا ( الطنطل ) و( السعلوة ) لينقذونا منها ..لا يوجد أب متخاذل في قصص الأجداد ولا يوجد طفل يحاصره الخوف مادام والده موجودا لكن واقعنا يختلف كثيرا عن حكاياتنا القديمة اذ صار يمكن ان يرى الطفل والده امامه عاجزا عن مقارعة الكبار ورموز السلطة مهما كانت درجاتهم ورتبهم فهم قادرون على إذلاله أمام أسرته وربما تغييبه وراء الشمس الى اشعار آخر .. صار على الطفل ان يتقبل اهانة والده امامه وان يدرك انه بلا حماية حقيقية مادام والده عاجزا عن مواجهة الكبار ومادام الكبار أنفسهم لا يعبأون بمشاعره وإحباطه وهو يرى والده سجين خوفه منهم ..انهم ينتجون جيلا خائفا ومرتعبا من رموز السلطة دون ان يشعروا بذلك او ربما يسعون الى ذلك فقتل القطة امام العروس في ليلة دخلتها يقمع كل نية لها بالعصيان ويضمن خوفها من زوجها وولائها الابدي له، واهانة المواطن تضمن سيره الى جانب الجدران والخوف من ظله خشية ان يكون لمخبر سري يلاحقه ..
ربما تحدثنا كثيرا عن خوف المواطن من السلطة وابتعاد المسؤول عن الإحساس بالمواطن البسيط مادام يترك التعامل معه لحمايته المولعين بأفلام الأكشن او القادمين من مناطق نائية ولا يربطهم بالعاصمة شيء عدا قرابتهم للمسؤول لذا فهم حريصون على إحاطة أنفسهم بهالة مفزعة ليضمنوا احترام الآخرين وخشيتهم منهم ...نريد ان نتحدث اليوم عن تلك الألفاظ النابية والمهينة التي تندلق من افواه بعض رموز السلطة لاهانة المواطنين بينما بإمكانهم استخدام سلطتهم ذاتها لمحاسبتهم في حالة تقصيرهم باستخدام القانون الذي لا يعترف به المسؤولون في بلادنا او يستخدمونه بما ينفع مآربهم الخاصة ..
سمعت مؤخرا عن استاذ جامعي ( مسنود ) يطلق على طلبته لفظ ( ابناء شوارع ) ويهينهم بأبشع الألفاظ أمام زميلاتهم ليفرض هيبته عليهم فهم يتجنبون اثارة غضبه فيحضرون محاضراته ويطالعون مادته ليس حبا فيها بل خوفا من الاهانة ..القضية كبيرة اذن حين تصل الى الحرم الجامعي والمدارس بالتاكيد فقد تحول ( التخويف ) بالسلطة الى ثقافة مجتمع بات الصغار فيه يجيدون السير قرب الجدران لحفظ ماء وجههم وحياتهم بينما يزهو الكبار باستخدام (الارهاب ) الكلامي والسلوكي لادامة تسلطهم وليس سلطتهم ..
اعتب على اجدادنا الذين عبئوا ذاكرتنا بقصصهم عن بطولات الآباء ورفضهم الظلم والقهر.. ربما كانوا على حق لكن (طناطل ) و(سعلوات ) ذلك الزمن كانت تعلن صراحة عن نيتها بالقتل والتهام الناس ولا تختبئ خلف الزجاج المظلل وطوابير من الحمايات لتنشر الفزع بين الناس بينما تبيع ابتساماتها مجانا لوسائل الإعلام وهي تعد المواطن بالخير الوفير ..
انه نوع جديد من (الإرهاب ) لا علاقة له بالدين او العنف بل بأسلوب استخدام رموز لسلطة لتخويف المواطن... وترويضه لضمان ولائه لها..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram