في السنوات الاولى من عمر النظام الجمهوري في العراق ، وفي إطار الجهد الإعلامي لدعم القطاع الزراعي حرص التلفزيون الرسمي وكان بالأسود والأبيض وقناة واحدة تسمى محطة تلفزيون بغداد على استحداث برنامج بالتعاون مع وزارة الزراعة تحت عنوان " ركن الريف " لمتابعة تنفذ قانون الإصلاح الزراعي ومضاعفة انتاج محاصيل الحنطة والشعير والسمسم ، والرز العنبر ، والقطن وغيرها ، وتشجيع تشكيل الجمعيات التعاونية باستعارة تجربة الدول الاشتراكية وقتذاك لتحقيق الأمن الغذائي ، وتقديم إرشادات ونصائح للفلاحين لاستخدام المكننة بأعمالهم لزيادة الإنتاج ، وعلى مدى سنوات بث برنامج "ركن الريف"، وتوجيهات رئيس الجمعيات الفلاحية المرحوم عراك الزكم ، لم يشهد القطاع الزراعي تطورا ملحوظا مقارنة بانتاج سنوات العهد الملكي المباد ، فاضطر القائمون على إعداد ركن الريف الى الاستعانة بالمطربين الراحلين داخل حسن وجواد وادي ، وعبد الواحد جمعة لأداء أغنيات ضمن البرنامج تحث الفلاحين على زيادة الانتاج ، وفي اول دويتو غنائي جمع الراحل داخل حسن وبنت الريف ريم وبمشاركة كورس من رواد مقهى الصالحية بثت اغنية " وانت يا فلاح الفطن بعد الشعير ازرع قطن ، منتوجه بيه الغنى يا ارضنا يا ارضنا احنا لها وهي لنا " وتكرر بث الاغاني من قبيل" بالهور الجميل العيشة تحلالي ونتصيد سمج والفالة تبرالي ، وانا الفلاح ازرع ارضي " لكنها فشلت في تحقيق اهدافها ، فحصلت الهجرة من الريف الى المدينة ، واغلب ابناء القرى ، انشغلوا بالسياسة وصراعاتها ، واعداد كبيرة منهم انضموا الى القوات المسلحة متطوعين في وحدات بالجيش والشرطة ضمن صنف الخيالة ، لإجادتهم ركوب الخيل ، وبدأ العراق يستورد الحنطة والشعير بعد ان كان البلد العربي الاول المصدر للمحصولين ، فضاع جهد الاسلاف بوصفهم اول من اكتشف الزراعة وانشأوا شبكات الري التي يعود تاريخها الى اكثر من خمسة الاف عام.
العراق وبعد الغزو الاميركي استورد المحاصيل الزراعية من دول المنطقة ، بدءا منالثوم الايراني وانتهاء بالبرتقال المصري ابو الصرة ، والجيل الجديد فقد رمان شهربان وبرتقال بعقوبة واعناب بلد وبطيخ سامراء ، فاغلب البساتين والاراضي الزراعية الشاسعة تحولت الى ساحات مواجهات مسلحة ومناطق عمليات عسكرية ، وهذا المشهد المأساوي مازال حاضرا ، وسط غياب الاهتمام الرسمي ، نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية ، تضاف اليها معوقات اخرى تمثلت بارتفاع نسبة الملوحة وازدياد مساحات التصحر والجفاف فتراجعت الزراعة الى مستوى تهديد الامن الغذائي .
احد اساتذة كلية الزراعة حصل على شهادته العليا من احدى جامعات الولايات المتحدة نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي يروي لطلابه قصة حدثت مع أستاذه الأميركي ، فحين اشر على خريطة العالم موقع العراق الجغرافي قال الأستاذ هنا يسكن الشعب الكسول ، فاعترض الطالب العراقي ، لكن استاذه اصر على رأيه وقال" بلد يخترق اراضيه نهران من الشمال الجنوب هل يعقل ان يستورد محاصيله الزراعية من الخارج " الحجة قوية وبأدلة واقعية ، ولا عزاء للمسؤولين العراقيين سوى اعادة تجربة برنامج ركن الريف لمنع استيراد الكراث والفجل من الاردن الشقيق .
ركن الريف
[post-views]
نشر في: 23 يناير, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
عادل زينل
سرطان المواد الزراعية : استيراد المنتجات الزراعية هي قضية كارثية وخطرة في جدية الضرر الصحي الذي تلحقه بالمواطنين فضلآ عن اضرارها الاخرى , فالمؤسسات والمراكز المعنية ببحوث السرطان والامراض المزمنة في الدول المتقدمة ومنها امريكا تؤكد العلاقة الواضحة بين نوع
عادل زينل
سرطان المواد الزراعية : استيراد المنتجات الزراعية هي قضية كارثية وخطرة في جدية الضرر الصحي الذي تلحقه بالمواطنين فضلآ عن اضرارها الاخرى , فالمؤسسات والمراكز المعنية ببحوث السرطان والامراض المزمنة في الدول المتقدمة ومنها امريكا تؤكد العلاقة الواضحة بين نوع