TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء في شبك: (بغداد مبنيّة بتمر، فلّش وكِلْ خستاوي)

هواء في شبك: (بغداد مبنيّة بتمر، فلّش وكِلْ خستاوي)

نشر في: 15 ديسمبر, 2009: 06:24 م

عبدالله السكوتيهذا المثل يشيد ببغداد، وانها عنوان الرخاء ورغد العيش،وهي متميزة بكثرة العمل وبوفرة موادها وخيراتها،ولذا وصفوها وكأنها مبنيّة بتمر، وهو كناية عن النعمة. وفي عام 1930 حدثت ازمة اقتصادية عمت العالم كله وشملت العراق،
 وفي هذه السنة كثر ورود التمور الى بغداد وكسد سوقها،فنظم الشاعر الشعبي ملا عبود الكرخي قصيدة عرّض فيها بكثرة وجود التمر ببغداد وكساد سوقه ولا مَنْ يشتريه ضمن في مطلعها المثل فقال: بغداد مبنيّة بتمر فلّش وكِلْ خستاوي ويروى كذلك ان بغداد ام الفقراء،حيث كان كسب الرزق في العراق أيام العهد العثماني يكاد يتوقف على الزراعة وحدها،اما الحِرَف فتكاد تكون وقفا على المدن مثل بغداد ، البصرة و الموصل وكانت بغداد عند العراقيين مناط الرجاء وبلد الرخاء. اما الآن فنقول، ان بغداد تخلفت عن باقي المحافظات ، وهي الآن مبنية بمفخخات وليس بتمر ، فحين تريد العثور على عبوة او ترى المفخخات ، فما عليك الا الذهاب الى بغداد ، وهناك ترى العجب العجاب ولا ترى الخستاوي ، فقد ذهب تحت سرف الدبابات وتصحرت المدينة العريقة فصارت محاطة بالأتربة ، واخت هارون لم تعد تمارس التبغدد ولا الغنج ، فقد طغى عليها السواد ، وصارت ثكلى لكثرة ابنائها المغادرين ، ونُهبت المدينة العزيزة فلم تحتفظ بتراثها العريق ، وصار احدهم يسدي النصيحة لصاحبه ويقول له لا تذهب الى بغداد، بعد ان كانت الوفود تتوافد عليها لانها مبنية بتمر. أنا من ناحيتي اشعر بمسؤولية خاصة تجاه بغداد،ربما يشاركني بها الكثيرون ، يوميا ارثي لها وابكي تراثها المنهوب ونهرها الخالد. للأسف ان تصبح بغداد مدينة تعج باللصوص والمنتفعين،مع وجود الارهاب،وانا متأكد ان الذي يحب بغداد لا يمكن ان يحطم لبنة من لبناتها، اما المدعون فهؤلاء يتساقطون يوميا من اللصوصية الى القتل والارهاب والمفخخات. ان بغداد وماضيها الحضاري المهم رهن بأيدي ابنائها، ولا اظن انها غير قادرة على استعادة عافيتها، لتبرهن للعالم انها حاضرة، وهي مليئة بالحياة،لقد بناها المنصور وابدع شكلها وملأها بالعلماء والمفكرين،حتى اصبحت منارا للعلم واهل العلم،في النحو والطب والهندسة والرياضيات وغيرها من العلوم. ومع ما اصابها من الارهاب والارهابيين،لم تزل شامخة تغالب الوجع وتنتفض بين حين وآخر، لتحصد جائزة في الفن واخرى في الرياضة وثالثة في العلم، لكن الامر المحزن شعورنا بانها مهملة،ولا ادري ما الذي يبرر اهمالها، وماهي حجة البعض في تركها تنوء تحت وطأة الحرمان؟ على الحكومة ان تجد حلا مناسبا في تطوير هذه المدينة العريقة،عن طريق استثماراتها الكثيرة وكذلك ان تولي اهتماما مناسبا لجوهرة الشرق،ويبقى المعنى في قلب عبود الكرخي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram