ريموند تشاندلر من أكثر الشخصيات التي لا يمكن أن تمحى ذكراها من الأدب الأميركي الحديث ، تهافت الملايين على قراءة رواياته في أميركا وأوروبا منذ ثلاثينات القرن الماضي حتى الوقت الحاضر ، هذا الإعجاب انتقل إلى السينما حينما عملت هوليوود على تكييف 7 من روا
ريموند تشاندلر من أكثر الشخصيات التي لا يمكن أن تمحى ذكراها من الأدب الأميركي الحديث ، تهافت الملايين على قراءة رواياته في أميركا وأوروبا منذ ثلاثينات القرن الماضي حتى الوقت الحاضر ، هذا الإعجاب انتقل إلى السينما حينما عملت هوليوود على تكييف 7 من رواياته التي تتحدث عن فيليب مارلو المحقق الشجاع الذي جسده على الشاشة همفري بوغارت ، إليوت غولد . ومع أن تشاندلر أسرف في خياله حينما وضعه في هذا المحقق ، إلا أن الجرائم التي تناولها في رواياته تلك تبقى أكثر خيالا من مارلو .
في كتابه الجديد : " العالم من رايموند تشاندلر في كلماته الخاصة " ، الكاتب الإنكليزي المولد باري دَي والمقيم في نيويورك وبالم بيتش ، يكرس فصلا لكل من مارلو ولوس انجليس أو التي أطلق عليها تسمية مدينة الملائكة ، نجد فيه تفكيكا لسيرة هذا الروائي الكبير باستخدام مقتطفات من رواياته ورسائله مع ملاحظة سياقات عمل جدية في دفع سرديتها نحو صورة مقنعة لأحداثها .
السيرة تحدثت عن تشاندلر كواحد من أفضل مؤرخي مدينة لوس انجليس بسبب أنه لا ينظر إليها من الداخل فقط بل من الخارج أيضا فقلما تجد من يعطي حق مدينته كما أعطاها هو مع أنه ولد في مدينة شيكاغو ونشأ في ولاية نبراسكا ثم إنكلترا ، هو كان رجلا يمثل المكان والزمان خير تمثيل حيث وجد نفسه فيهما فكان يكتب كمحاولة منه لفهم أرض وثقافة غريبة عنه : لوس انجليس ، هوليوود ، حيث رسم لهما صورة بانورامية من خلال بطله مارلو ، هذه المدينة استولى عليه نداؤها السحري وشمسها وقدرتها العجيبة في صناعة الشر كما عبر عنها في روايته الشهيرة " النوم الكبير" التي اختطفتها هوليوود لتصنع منها فيلما كبيرا لا زالت أصداؤه تتردد حتى الآن . كتب في أحد فصولها :
" الحدائق الزاهية الألوان فيها نظرة مسكونة كما لو أننا نشاهد عيون البرية من خلف شجيراتها ، كما لو كانت الشمس تشرق بضوء خافت ، كما لو أن هناك أصواتا تتردد في جنباتها صادرة عن ( بيك آب ) يرقد في أحد دروبها " .
كما كتب أيضا :
" كانت هناك إشارات النيون تأتي من خلف ستائر سميكة من الضباب ، كما لو لم تكن هناك سماء أبدا " .
باري دَي وفي أحد فصول السيرة الذاتية لتشاندلر تحدث عن رواياته وقصصه لتوفير صورة كاملة لشخصيته وبطله مارلو ويقول أنه ولد في العام 1905 طفلا وحيدا في عائلته ، مارس كرة القدم في المدارس الثانوية وكثيرا ما كان يشاهد في مكتباتها يطالع بروست ، أوستن ، فلوبير . السيرة جهد واضح في وصف هذا الكاتب المبدع وتوفر مدخلا لدراسته في كل وقت ممن يهتمون به كواحد من الروائيين الذين أثروا الرواية العالمية والسينما ، وتعزز في الوقت نفسه حب الكاتب لمدينته وكيف تفانى في وصفها دون أن يتخلى حتى عن رميها بأوصاف غريبة.
عن/ BIOGRA