اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > حرب المخرج

حرب المخرج

نشر في: 26 يناير, 2015: 09:01 م

منذ أن أطلقوا عليه لقب "أبو الفنون".. ظلّ المسرح وفياً لهذه التسمية مستمدّا منها كيانه الفني وبعده الإنساني باعتباره جامعا لتفاصيل الفنون متمسكاً بأهميتها على الخشبة.. فالممثل والنص، اللذان يتعامل معهما مخرجو ما بعد الحداثة على أنهما فاقدان للشرعية،

منذ أن أطلقوا عليه لقب "أبو الفنون".. ظلّ المسرح وفياً لهذه التسمية مستمدّا منها كيانه الفني وبعده الإنساني باعتباره جامعا لتفاصيل الفنون متمسكاً بأهميتها على الخشبة.. فالممثل والنص، اللذان يتعامل معهما مخرجو ما بعد الحداثة على أنهما فاقدان للشرعية، ظلا لفترة طويلة صناع الفارق.. باعتبارهما أدوات المخرج الذي إن تميز فبضلهما..
غير أن الكفة في مسرح ما بعد الحداثة مالت إلى جانب المخرج بصلاحيات واسعة في عروض اعتمدت على التكوينات البصرية والتي هي في طروحاتها لا تتجاهل حق الممثل ولا تغضب صفحات النص.. إن تكاسل بعض المخرجين وعشقهم لاستعراض عضلاتهم بخنق الممثل والنص وجعلهما في مرتبة أدنى.. يتناسون أن أية مشهدية لا تبنى إلا على كتفي النص والممثل.. ولا تقاد الجوائز إلا بأذرعهما القوية.. فكما أن العين تبصر الجمال.. كذلك الأذن هي باحثة عن سماع حوار بليغ متماسك يؤديه ممثل عظيم.
إن قيام العرض المسرحي على خلق المعادلات البصرية الموضوعية عبر الجوقة أو "الكيروغراف" أو الإضاءة.. كل ذلك توفيق يحسب للمخرج شرط أن يكون عادلاً في منح عناصر العرض الأخرى حقهم دون تفرقة أو تمييز أو غبن.. فمخرج أدمى مقلتي نص حيّ.. وقطّع أوصاله ثم جاء بعدها ليحييه باللصق.. أو مخرج قزّم الممثل وألقاه كقطعة ديكور جامدة.. إن ذلك المخرج قد أعلن الحرب على النّص.. وهو بمثابة إبلاغ رسمي لكل ممثل يرغب في الاشتغال معه أنه سيكون جزءاً من منظومة العرض وأداة من الأدوات لا الأداة الوحيدة التي لا يقوم العرض الا بها !!
هذه الإشكالية هي سبب تفاقم ظاهرة المخرج المؤلف في العديد من العروض المسرحية، فهو يرسم لعرضه مشهديته الخاصة حين يكتب نصه منقوصا وفقاً لتلك المشهدية، وبذلك تكون له الحرية في إتمام ذلك النقصان بأدواته الإخراجية، فيتخلص من اقتتالات مع مؤلف يريد لنصه أن يكون بارّا به، ومع ممثل يمنّي نفسه بالعودة إلى المسرح الشكسبيري مرة أخرى!
فمن باب أولى أن يبحث ذلك المخرج عن نص وممثل يناسبان تخييلاته البصرية.. كما فعل عدد من مخرجي المسرح من أمثال قاسم محمد ود.جواد الأسدي وغيرهما حينما أقدموا على كتابة نصوصهم المسرحية أو أعدوا نصوصا عربية وعالمية بعد أن أيقنوا أن ضالتهم لا يمكن العثور عليها في نصوص يتوجب عليهم هدمها ثم إعادة بنائها.. وفي كل هدم وبناء يسقط ضحايا!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram