لم يعد تنظيم القاعدة وبعده داعش يقطعان أعناق ضحاياهم فقط فقد انسحب الأمرعلى الحكومة العراقية ايضا منذ ان بدأ مسلسل (قطع الأرزاق) الذي يفوق قطع الأعناق تأثيرا كما يقول الإمام علي (كرم الله وجهه) فالمسلسل مازال متواصلا بنجاح في الكثير من الدوائر والمؤسسات العراقية في بغداد والمحافظات وتتضمن حلقاته رواتبا متأخرة..مشاريعا ملغاة واخرى مؤجلة وتعليمات صارمة من مدراء تلك الدوائر والمؤسسات بضرورة (التقشف) و(شد الأحزمة) فالبلد بات يعاني من أزمة مادية وعلينا كمواطنين صالحين ان نتحلى بالصبر ولا نستعجل الرواتب حتى لوهددنا المؤجر بطردنا من منازلنا او طالبنا صاحب المولدة بأجور الامبيرات وحتى لو شعر أولادنا بالخجل ورفضوا الذهاب الى مدارسهم وكلياتهم ما لم ندفع أجور خطوط نقلهم إليها او رفضوا الذهاب الى محاضرات التقوية لتأخر سداد أجور المدرسين الخصوصيين، وحتى لو غادرتنا وجبة اللحم الأثيرة لدى العراقيين الى إشعار آخر وتحولت بعض الفواكه و(النمنمات) الى (مواد ممنوعة اللمس) وصرنا نبحث عمن يقرضنا مبلغا نسدده لدى استلام الراتب او (حين ميسرة)..
احد زملائي قال ان ما حدث معنا هو سياسة اقتصادية استعمارية هدفها أضعافنا وإذلالنا ضاربا مثالا عن شاب يعمل لدى صانع أحذية يسيء التصرف فيعاقبه رب عمله بان يرفع من قيمة راتبه لمدة عام كامل ليعتاد وأسرته على بحبوحة العيش ويشعرون بالرخاء والراحة، ومن ثم يطرده من العمل ليشعر بالفرق حين يفقد راتبه المرتفع ويعجز عن العمل لدى الآخرين بنفس الراتب وبالتالي تصبح معاناته ومعاناة عائلته اكبر لأنهم اعتادوا على مستوى معين في معيشتهم وصار عليهم العودة الى الحضيض!!
بهذه الطريقة عومل العراقيون كما يرى زميلي فقد ارتفع مستوى معيشتهم بعد عام 2003 بشكل واضح فازدادت رواتب الموظفين وأتيحت سبل متنوعة للعمل التجاري كما رفعت الضوابط والممنوعات عن مهن كثيرة فصار اغلب المواطنين العراقيين قادرين على ان يأكلوا جيدا ويملأوا منازلهم بالأثاث الجديد ويسايروا التكنولوجيا الحديثة وقد يسافروا او يبحثوا عن الترفيه في المتنزهات والمطاعم والأسواق..وبالتدريج، ومع تناقص المال العام وازدياد أرصدة المسؤولين وعقاراتهم داخل وخارج العراق وإساءة استخدام الموارد العراقية، بدأ الفقر يدق أبواب العراقيين ويلقي بهم تحت خطه الأحمر...وفجأة صحا العراقيون (المرفهون) على حقيقة خلو خزائن الدولة من المال وهبوط أسعار النفط وسرقته عالميا وتسرب المليارات من أموالنا هدرا وسرقة وفسادا، وصار عليهم ان يتذكروا أيام الحصار الاقتصادي ويشدوا الأحزمة ويجدوا بدائلاً عن الرواتب المتأخرة والمشاريع الملغاة ويؤجلوا التفكير في الحصول على وظائف للعاطلين عن العمل ومساكن لمن لا يملكون شبرا من ارض الوطن..ربما هي سياسة استعمارية كما يقول زميلي او غباء اقتصادي وغياب ضمير وطول يد لكن النتيجة واحدة وهي ضياع المال العام دون حساب عسير بينما يدفع المواطن الثمن..ويستمر المسلسل..
شدوا الأحزمة!!
[post-views]
نشر في: 26 يناير, 2015: 09:01 م