TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شدوا الأحزمة!!

شدوا الأحزمة!!

نشر في: 26 يناير, 2015: 09:01 م

لم يعد تنظيم القاعدة وبعده داعش يقطعان أعناق ضحاياهم فقط فقد انسحب الأمرعلى الحكومة العراقية ايضا منذ ان بدأ مسلسل (قطع الأرزاق) الذي يفوق قطع الأعناق تأثيرا كما يقول الإمام علي (كرم الله وجهه) فالمسلسل مازال متواصلا بنجاح في الكثير من الدوائر والمؤسسات العراقية في بغداد والمحافظات وتتضمن حلقاته رواتبا متأخرة..مشاريعا ملغاة واخرى مؤجلة وتعليمات صارمة من مدراء تلك الدوائر والمؤسسات بضرورة (التقشف) و(شد الأحزمة) فالبلد بات يعاني من أزمة مادية وعلينا كمواطنين صالحين ان نتحلى بالصبر ولا نستعجل الرواتب حتى لوهددنا المؤجر بطردنا من منازلنا او طالبنا صاحب المولدة بأجور الامبيرات وحتى لو شعر أولادنا بالخجل ورفضوا الذهاب الى مدارسهم وكلياتهم ما لم ندفع أجور خطوط نقلهم إليها او رفضوا الذهاب الى محاضرات التقوية لتأخر سداد أجور المدرسين الخصوصيين، وحتى لو غادرتنا وجبة اللحم الأثيرة لدى العراقيين الى إشعار آخر وتحولت بعض الفواكه و(النمنمات) الى (مواد ممنوعة اللمس) وصرنا نبحث عمن يقرضنا مبلغا نسدده لدى استلام الراتب او (حين ميسرة)..
احد زملائي قال ان ما حدث معنا هو سياسة اقتصادية استعمارية هدفها أضعافنا وإذلالنا ضاربا مثالا عن شاب يعمل لدى صانع أحذية يسيء التصرف فيعاقبه رب عمله بان يرفع من قيمة راتبه لمدة عام كامل ليعتاد وأسرته على بحبوحة العيش ويشعرون بالرخاء والراحة، ومن ثم يطرده من العمل ليشعر بالفرق حين يفقد راتبه المرتفع ويعجز عن العمل لدى الآخرين بنفس الراتب وبالتالي تصبح معاناته ومعاناة عائلته اكبر لأنهم اعتادوا على مستوى معين في معيشتهم وصار عليهم العودة الى الحضيض!!
بهذه الطريقة عومل العراقيون كما يرى زميلي فقد ارتفع مستوى معيشتهم بعد عام 2003 بشكل واضح فازدادت رواتب الموظفين وأتيحت سبل متنوعة للعمل التجاري كما رفعت الضوابط والممنوعات عن مهن كثيرة فصار اغلب المواطنين العراقيين قادرين على ان يأكلوا جيدا ويملأوا منازلهم بالأثاث الجديد ويسايروا التكنولوجيا الحديثة وقد يسافروا او يبحثوا عن الترفيه في المتنزهات والمطاعم والأسواق..وبالتدريج، ومع تناقص المال العام وازدياد أرصدة المسؤولين وعقاراتهم داخل وخارج العراق وإساءة استخدام الموارد العراقية، بدأ الفقر يدق أبواب العراقيين ويلقي بهم تحت خطه الأحمر...وفجأة صحا العراقيون (المرفهون) على حقيقة خلو خزائن الدولة من المال وهبوط أسعار النفط وسرقته عالميا وتسرب المليارات من أموالنا هدرا وسرقة وفسادا، وصار عليهم ان يتذكروا أيام الحصار الاقتصادي ويشدوا الأحزمة ويجدوا بدائلاً عن الرواتب المتأخرة والمشاريع الملغاة ويؤجلوا التفكير في الحصول على وظائف للعاطلين عن العمل ومساكن لمن لا يملكون شبرا من ارض الوطن..ربما هي سياسة استعمارية كما يقول زميلي او غباء اقتصادي وغياب ضمير وطول يد لكن النتيجة واحدة وهي ضياع المال العام دون حساب عسير بينما يدفع المواطن الثمن..ويستمر المسلسل..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram