TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المهمة لم تنتهِ بعد

المهمة لم تنتهِ بعد

نشر في: 27 يناير, 2015: 09:01 م
هكذا كان المشهد الأخير من رحلة البحث عن اللقب الثاني في أمم آسيا 2015 بعد ان ترك الأسود الساحة الى الشمشون الكوري وتنازلوا لهم عن خطوة الاقتراب من تاج البطولة وتقبلوا هدفين بذات الطريقة والأسلوب اللذين عانينا منهما طوال المنافسة.
ان حال كرة القدم العراقية في كل مشاركة خارجية تتجسد في تعبير دقيق يتمثل في محاولة عبور النهر سباحة عكس التيار فإن ضعفت ارادتنا وازداد جريانه غرقنا بين احضانه وإن صادف انه كان هادئ وقليل الامواج وصلنا الى ضفته الأخرى بعد ان نكون منهكي القوى بينما منافسونا يمدون الجسور لعبوره دون ان يضطروا الى اجتيازه سباحة ! 
إن الجميع كان يعلم جيداً أن المنتخب الكوري ليس بالمنتخب السهل وأن أداءه العالي يفرض علينا مواجهته بفكر فني محترف يشترك به الملاك التدريبي ويترجمه اللاعبون على ارض الميدان بحنكة وثبات يقترب من اسلوب الترويض والانقضاض بالوقت والطريقة المناسبة.
إلا أن ما جرى خلال المباراة كان بعيدا عن حسابات الرغبة والأمنيات والتخطيط الذهني الذي كان يراود الجماهير وتتداوله المواقع الرياضية والقنوات الفضائية والمحللون وغيرهم من عامة الشارع الكروي ممن هضموا وتيقنوا من التكتيك الكوري ونقاط ضعف الاسود ووضعوا افكاراً لأسلوب مواجهتم وهم على قناعة وثقة بأن ما لديهم لابد ان يكون هو ذاته لدى من هو في سيدني ويتحفز للمواجهة.
الحقيقة التي لامست إحساسنا وجرحت آمالنا ان الاسود لم يكونوا في يومهم المعهود عندما سمحوا للخصم ان ينقل الكرة بحرية ويفرض إيقاعه ويفرغ المخزون البدني للاعبينا ويشتت تركيز الخط الدفاعي وحارس المرمى الذي كان نقطة الضعف البارزة ليس في هذه المباراة فقط ، بل حتى التي سبقتها بتردده في الخروج لقطع الكرات العالية او التمركز الصحيح!
لقد قدم منتخبنا مباراة تميزت بالحماسة والجهد العالي وهي إشارة لا يمكن انكارها لكن ذلك الاندفاع كان يدور في دوامة التسرع والارتباك وكثرة الاخطاء وتراكم الضغط النفسي وانهيار العامل البدني وهو ما منح شتيلكه ولاعبيه فرصة النفاذ بأقصر الطرق والضرب على ما يمكن ان تنتجه عشوائية منتخب متحفز لكن لا يمتلك خارطة الوصول الى كسب المباراة.
إن خسارة منتخبنا الرهان في الوصول الى المباراة النهائية لا تُلغي إنجازهم الكبير قي البقاء ضمن الاربعة الكبار لاسيما قياسا الى ظروف إعدادهم وقصر فترة تسنم الملاك التدريبي للمهمة وهو ما يستوجب ان نرفع لهم القبعة على ما قدموهم من عطاء واخلاص في سبيل إعادة هيبة الكرة العراقية قارياً.
إن المهمة لم تنتهِ وأجزم ان ما حصده الأسود من دروس وخبرة مضافة سيصب في صالح مسيرتهم المستقبلية شريطة ان تستنفر كل الجهات من اتحاد كرة القدم واصحاب العلاقة في تقييم وتقويم واقع الكرة العراقية على ضوء ما تحقق وما أفرزته المشاركة من وجود ثغرات كبيرة في الهيكل التنظيمي والاداري للمنظومة الكروية واسلوب الإعداد والإقرار على استقرار الملاكات التدريبية مع البحث في الجوانب النفسية والخططية التي اصبحت هي العمود الفقري في خلق كرة قدم حقيقة متطورة تحاكي الزمن وتمسك بمقود التوازن التكتيكي والفكري وتؤمن بالأداء بعيداً عن النظر أو الخشية في مواجهة الخصوم.
وقفة .. لا تقف طويلاً عند محطات الفشل ،ولا تحاول العودة اليها مجدداً ، كل ما عليك فعله هو أن تتجنب ركوب ذات القطار الذي اوصلك اليها !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناديل: يكتب كي لا يموت العالَم

 لطفية الدليمي في حياة كلّ كاتب صامت، لا يجيدُ أفانين الضجيج الصاخب، ثمّة تلك اللحظة المتفجّرة والمصطخبة بالأفكار التي يسعى لتدوينها. الكتابة مقاومة للعدم، وهي نوع من العصيان الهادئ على قسوة العالم، وعلى...
لطفية الدليمي

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram