ميسان/ محمد الرسام "لدينا تعليمات تمنع إدارات المدارس من التصريح لوسائل الإعلام، لا يمكنكم التصوير هنا إلا بموافقة المديرية".. أجابنا عدد من مدراء المدارس خلال محاولتنا الوقوف على واقعها البيئي بعد أن كثـرت شكاوى أولياء أمور التلاميذ والتلاميذ أنفسهم وكذا لفيف من المعلمين حول تردي الواقع البيئي في معظم مدارس محافظة ميسان.
وبعد الاتصال هاتفيا بمسؤول إعلام تربية ميسان أكد التعليمات ذاتها مبديا استعداده لاستقبالنا وتزويدنا بالمعلومات والصور التي نحتاجها!! مسؤول الاعلام سيزودنا بالصور، ولكنها حتما ستكون الصورة الوردية التي يرسمها مسؤولو الدوائرالحكومية لمؤسساتهم. آثرنا التقاء عدد من المعلمين والتلاميذ خارج اسوار المدارس للتحقق، رغم أن الجميع رفضوا الافصاح عن اسمائهم خشية من عقوبة المديرية، لكنهم أجمعوا على سوء الواقع البيئي والتعليمي، فالمعلمون إضافة لتأكيدهم على ذلك اشاروا الى قلة الكادر ونقص بعض الأختصاصات المهمة وازدحام الصفوف بالتلاميذ وغيرها من الأمور المتعلقة بالجانب التعليمي. فيما ركز الطلاب والتلاميذ على نقص المقاعد ورداءة الموجود منها وانعدام مياه الشرب وتردي حال المرافق الصحية والساحات وحديقة المدرسة وتكدس النفايات قرب بوابات المدارس وانعدام وسائل التبريد والتدفئة وغير ذلك. صممنا على دخول إحدى المدارس.. اضطررنا للمناورة كوسيلة لإقناع إدارتها بالتحدث لنا والتصوير داخل المدرسة بعد ان صدقوا أننا نمثل إحدى المنظمات الأنسانية التي تسعى لتقديم المساعدة و ترميم المفاصل الخربة فيها،فانطلق لسان المدير وأعضاء الهيئة التعليمية في بيان مفردات الواقع المتردي للمدرسة على أكثر من صعيد.. تهالك التأسيسات الكهربائية والصحية / نقص في زجاج النوافذ/انعدام الستائر/ازدحام الصفوف بالتلاميذ مع قلة المقاعد وافتراش بعض التلاميذ الأرض انسداد المرافق الصحية/ افتقار المدرسة لعمال النظافة/ غرفة استراحة المعلمين اقتصر أثاثها على أريكة يتيمة متداعية/ حديقة المدرسة عبارة عن ساحة جرداء تحولت الى بركة موحلة/ وغير هذا الكثير. أمام مسؤول اعلام مديرية تربية ميسان - محمد حمزة لفته طرحنا مشاهداتنا وانطباعاتنا، حول تردي الواقع البيئي للمدارس فقال بالنص: "بيئة المدرسة على رأس أولويات عمل المديرية وهنالك شعبة خاصة في المديرية باسم شعبة الصحة والبيئة تابعة لمديرية النشاط الرياضي والكشفي وهذه الشعبة تقوم بأفضل ما يمكن". وبعد أن بينا له أننا استطعنا برغم تعليمات تربية ميسان، دخول إحدى المدارس وملاحظة سوء أوضاع البيئة المدرسية، برر قائلاً: "طبعا إمكانات التربية معروفة وليس لديها الإمكانيات لتقوم ببناء او ترميم جميع المرافق الصحية في المدارس التابعة لها، لكن كإعلام تربوي ومن خلال زياراتنا مع المدير العام لم نجدها بهذا السوء الذي تتحدث عنه"! سألناه: تقولون أن المديرية عاجزة عن تأهيل المدارس، فهل خاطبتم الحكومة المحلية لتقديم المساعدة؟ - هنالك مخاطبات لمجلس المحافظة وديوان المحافظة ولكنهم يقولون أن لديهم عجزا في الموازنة، ونحن نأمل من المنظمات الأنسانية أن تقوم بدورها في هذا المجال عبر تأهيل بعض المدارس؟ * هل تطلبون من المنظمات الانسانية أن تقوم بأعمال تنظيف المدارس؟ او تسليك المرافق الصحية؟ أليست هذه مسؤولية المديرية؟ - القصور ليس من المديرية ولا من إدارات المدارس، المشكلة أن لدينا نقصا حادا في عمال الخدمة. بعدها توجهنا الى مدير بيئة ميسان والتقينا المهندس سمير عبود عبد الغفور للوقوف على تشخيصات مديريته بشأن الواقع البيئي لمدارس المحافظة فأوضح بدءا أن المجاميع الصحية في عموم قطاع التربية والتعليم في العراق وبضمنها الجامعات تعاني الخلل منذ زمن النظام المباد، أغلب المدارس تعاني من رداءة الخدمات وفي حال وجودها فإنها تفتقر للمستلزمات الضرورية التي يجب توفرها في مثل هكذا أماكن وبضمنها المياه وانعدام الحمامات في جميع المدارس وقلة عمال الخدمة وعدم قيامهم بواجباتهم بصورة دقيقة عدم وجود حاويات للنفايات داخل معظم المدارس، وقيام البلدية بوضع حاويات للنفايات قرب ابواب واسيجة المدارس وتكدس النفايات وتبعثرها وقيام البعض بحرقها ما يسبب تصاعد الدخان والأبخرة الكريهة وتأثيرها السلبي على التلاميذ والمعلمين إضافة لتردي حال الحدائق والساحات داخل المدارس وبناء الأكشاك والدكاكين من قبل المتجاوزين على اسيجة المدارس التي تحول بعضها الى اسواق تعج بالضجيج ما يؤثر سلبا على سير العملية التعليمية". عملنا ينحصر في المراقبة والتفتيش والتشخيص ومخاطبة الجهات المعنية لمعالجة الخلل وعقب كل زيارة نقوم بها نبعث بملاحظاتنا إلى المديرية العامة للتربية والدوائر المعنية ولكن لا نجد أي معالجة لنقاط الخلل من قبل الجهات المسؤولة".
تردي الواقع البيئي في معظم مدارس ميسان.. مسؤولية من؟
نشر في: 16 ديسمبر, 2009: 04:13 م