TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > كـــيـــــف نـــقــــرأ فـــيـــلـــمـــــاً (4)

كـــيـــــف نـــقــــرأ فـــيـــلـــمـــــاً (4)

نشر في: 16 ديسمبر, 2009: 04:15 م

د. جواد بشارة باريس jawadbashara@yahoo.fr كان غودار مطمئناً لاستقبال النقاد لفيلمه فهم زملاء الأمس في مجلة كراسات السينما ذات التأثير الكبير على الجمهور. خرج الفيلم للعرض الجماهيري في 27/ كانون الأول ديسمبر 1963 في خمس صالات عرض في آن واحد وكان عدد جمهور المشاهدين في اليوم الأول قد بلغ 2863 متفرجاً.
بقي الفيلم تسعة أسابيع معروضاً على شاشات العرض في باريس وكان عدد الجمهور الذين شاهدوه في باريس وحدها 234374 متفرجاً يضاف إليهم 143704 متفرجين في سبع مدن فرنسية أخرى حسب إحصاءات المركز الوطني للسينما وتعتبر هذه النتيجة مقبولة تجارياً في ذلك الوقت خاصة فيما يتعلق بفيلم من إخراج جان لوك غودار ولكن بالنسبة لفيلم من بطولة بريجيت باردو كانت النتيجة مخيبة للآمال تجارياً ولم يحقق الفيلم ما حققته الأفلام الفرنسية التجارية الأخرى من أرباح لسنة 1963، مثل فيلم الحقيقة ، وفيلم استراحة المحارب اللذين حققا إيرادات مالية لا بأس بها، واحتل الفيلم المرتبة السابعة في سلم الإيرادات في ذلك العام. تجدر الإشارة إلى أن النسخة الفرنسية التي عرضت في فرنسا هي الوحيدة المعترف بها والتي يوجد عليها إسم غودار في حين إن النسخة التي عرضت في إيطاليا كانت محرفة وبتدخل من المنتج كارلو بونتي، وتضمنت مونتاجاً آخر مغايراً وموسيقى تصويرية أخرى ومدبلجة باللغة الإيطالية وهي نسخة لا يعترف بها غودار لأنها تدمر ثيمة وفحوى الفيلم عن تعذر الاتصالات اللغوية المهمة عند غودار مما يجعل شخصية المترجمة فرنسيسكا مثيرة للسخرية لأنها تردد بنفس اللغة التي يتحدث بها الأبطال الآخرون وما تقوله باقي الشخصيات بينما يفترض فيها أن تقوم بترجمة ما يقولونه من الانجليزية إلى الإيطالية. وهناك نسخ أخرى للفيلم مغايرة ومشوهة عرضت في الولايات المتحدة الأمريكية وفي سويسرا . وكما هي العادة، أستقبل فيلم غودار " الاحتقار" شأن بقية أفلامه ، بمواقف متباينة من جانب الجمهور والنقاد. ولكن كمحصلة نهائية، كان تقبل الجمهور والنقاد مقبولاً بسبب تواجد بريجيت باردو بالنسبة للجمهور، وتواجد بصمات غودار الفنية والجمالية المتميزة بالنسبة للنقاد الذين تفهموا وأشاروا للعراقيل، بل وركزوا على الصعوبات والعقبات والضغوط التي واجهها غودار مع منتجيه. ويبدو أن غودار كان مفهوماً ويتمتع بالدعم والتأييد والتشجيع من قبل مبدعين آخرين من خارج العالم السينمائي كالشاعر الفرنسي الكبير لوي آراغون وكلود أوليبيه ، أكثر مما كان يحظى به من دعم من داخل الوسط السينمائي. فهناك من النقاد من وصف فيلمه بالتحفة السينمائية ومنهم من اتهمه بالقصور واعتبروا فيلمه مثيراً للضجر ويبعث على الملل. فالناقد الفرنسي، وأستاذ مادة النقد السينمائي في جامعة باريس، رينيه جلسون، الذي تحول للإخراج بدوره فيما بعد، أعطى رأياً مؤيداً للفيلم ووقف موقفاً نقدياً متحمساً لصالح الفيلم ومخرجه غودار وقد نشر رأيه النقدي في مجلة " سينما 64"، بيد أن إدارة تحرير المجلة أشارت إلى أنه للمرة الأولى يحصل فيلم على تقييم متناقض كلياً وتقويم متطرف تماماً بين مؤيد ورافض للفيلم على صفحاتها ، فالبعض أصر على أنه تحفة فنية سينمائية رائعة والآخر أعتبره تافهاً ووضيعاً وعديم القيمة وتنطبق عليه الصفة الفرنسية nullité . لقد تجادل النقاد ، المدافعون عن الفيلم والمهاجمون له،على صفحات مجلة سينما 64 العدد 83 الصادر في شباط 1964 وهم جان كوليه وهو من أهم وأشد المعجبين بالفيلم ومعه بيير بيبارد الذي أبدى بعض التحفظ، من جهة ، وبيير فيليب وفيليب إبسنو من النقاد المعادين له. بينما وضعته مجلة كراسات السينما على قمة أفلام العام 1963. وقد أعيد توزيعه تجارياً في أكتوبر عام 1981 في ست صالات عرض باريسية وحقق ما يقارب الـ 70000 بطاقة بيعت خلال 14 أسبوعاً من الاستغلال التجاري، وهذا أمر استثنائي بالنسبة لفيلم يعاد توزيعه بعد حوالي عقدين من تحقيقه منذ أول خروج جماهيري له. وكان استقبال النقاد هذه المرة أكثر إيجابية وتحمساً وتلقفوه بإعجاب شديد وبالإجماع تقريباً ، إذ ظهر على الساحة النقدية الفرنسية نقاد سينمائيون جدد تتلمذوا على يد غودار وزملائه وتشكلت أذواقهم ومفاهيمهم الجمالية السينمائية وفق جماليات ومعايير الموجة الجديدة الفرنسية. وكان فيلم الاحتقار بمثابة الفنار الذي ينير دربهم النقدي. ثم طبع الفيلم على أشرطة فيديو واقراص السي دي وعرض عدة مرات في صالات الفن والتجربة وفي العديد من القنوات التلفزيونية ونوادي السينما والمعاهد السينمائية وفي السينماتيك وأعتبر أحد أهم الإنتاجات السينمائية الفرنسية لسنوات الستينيات، كما تم تكريس غودار كأحد عمالقة وأساتذة الإخراج السينمائي التجديدي في فرنسا في العقود التالية في سبعينات وثمانينيات وتسعينيات القرن المنصرم وظهرت عنه كتب ودراسات وأبحاث وأطروحات وأعداد خاصة كرست له ولأفلامه وعالمه السينمائي والجمالي ولغته الإخراجية وتناوبت المجلات السينمائية الهامة المتخصصة للحديث عنه بشكل دوري في أعدادا خاصة، من أبرزها العدد 300 من مجلة كراسات السينما الصادر في آيار سنة 1979 وآرت برس في كانون الأول 1984 وفي عدد كانون الثاني وشباط سنة 1985 والمجلة البلجيكية ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram