"لأني ابن مدينة جنوبية فقد كان الشعر ينمو مع قاماتنا كما الحزن وكانت الحكايات التي تجمعنا في الشتاء هي مداد السرد لذا فان البداية الأولى كانت تتعلق بالحرف لأنه وحده من يصنع الجمال في ظل كل هذا السواد."هذا ما تحدث به الأديب علي لفته سعيد في الأمسية ال
"لأني ابن مدينة جنوبية فقد كان الشعر ينمو مع قاماتنا كما الحزن وكانت الحكايات التي تجمعنا في الشتاء هي مداد السرد لذا فان البداية الأولى كانت تتعلق بالحرف لأنه وحده من يصنع الجمال في ظل كل هذا السواد."
هذا ما تحدث به الأديب علي لفته سعيد في الأمسية التي أقامها له اتحاد أدباء كربلاء وحملت عنوان ( علي لفته سعيد شاعرا ) وتأتي احتفاء بصدور مجموعته الشعرية الأولى (أثر كفي).
الأمسية التي قدمها الشاعر والصحفي سلام البناي قال فيها "ان القاص والروائي علي لفتة سعيد علمته الطبيعة أن التراب السومري هو منبع لشلالات الإبداع لذلك تمدد على مساحة الوطن محملا بذلك التوهج المعرفي.."
وتحدث المحتفى به عن البدايات الأولى ، عن الطفولة المرة وعن الحروب التي خاضها وهو لم يزل شابا يافعا ليخرج منها نحيفا يحمل معه الفقر وزوجة وأربعة اطفال صاروا خمسة في زمن الحصار..وقال ان الجنوب أراده الله أن يكون مهبطا للإبداع والحزن الذي ينمو مع القامات ويكون المداد كل هذا الشجن والغناء والشعر والسرد..ويشير الى انه ابن شاعر شعبي يكتب الشعر بفطرة لا تحتاج الى كثير عناء ..ليبين .."نشرت اول قصيدة في صحف بغداد وكان ذلك عام 1976 وتوالى بعدها فرح النشر" ..إلا ان معلما نبهه كما يقول ..ان في كتاباتي ما يحمل (الدراما) وعليك ان تكتب القصة..ولان أبي حكاء كبير لحكايات الشتاء الطويلة فقد تحولت الى الكتابة القصصية لأجد نفسي الوحيد في حينها الذي يكتب القصة والسرد في مدينة كل اهلها شعراء..وبين ان القراءة القرآنية ساعدت كثيرا لأنتج نصوصا شعرية..فهناك دلالة على التأثر الكبير سواء في القصص القرآنية او النص القرآني فهو يمنح المتلقي الكثير من العوالم القابلة للتأويلات والإيحاءات العظيمة..منوها الى ان القرآن يريد منا أن نصنع الحياة بجمال كبير كجمال الخالق لا ان نكون أسرى لتأويلات لا تمنح سوى القمع الفكري..ونوه سعيد الى ان هذه المجموعة قدم لها الناقد العراقي علي حسن الفواز وبين.."كنت اعرف ان هناك آراء مسبقة ستقول لماذا تكتب الشعر وأنت روائي وقاص لذا فحين يكتب ناقد بحجم الفواز مقدمة للمجموعة الشعرية فهذا يعني انها مجموعة قابلة لأن تحمل إيحاءاتها وتأويلها وجماليتها أيضا.."
وقرأ سعيد العديد من النصوص الشعرية سواء من مجموعته الشعرية او من نصوصه الحديثة التي نشرها في الصحف العراقية الكبيرة ليقرا بعدها الناقد والروائي جاسم عاصي ورقة نقدية جاء فيها..ان ( علي لفتة سعيد ) يخرج من عباءة ما يحدث بقوة فنية ، وقوة غاضبة . لكن ما يهدئها هو كونها شعرا له مستلزماته . فشمولية شعره إزاء الظواهر اليومية ، مقابل همّ الذات المستدعى من الهم العام ، وضعه في صدارة المسؤولية ذاتا والمسؤولية شعرا . لذا نجده ذو عناية بالإرث الاجتماعي قديمه وحديثه . لا يكف عن مخاطبة ما يراه وما يحسه ، وما يقترب منه عبر حواسّه ، مازجا بين رومانسية الحس واجتماعيته . متخذا من الأنا ــ المرأة ــ بوصله ــ لتوصيل ما يريد ، بل يمرر القصد الآخر . فرومانسيته ذاتية موضوعية، لأنه يتسقط الإشكالية مع الأشياء والظواهر ، محاولا مد ذراع الشعر إلى مسافة أطول ، وأيضا دون التفريط بوحدة القصيدة ومعمارها الفني والموضوعي . فلكل نص مبناه ، وله معناه العام ، ومعانيه المتفرعة . لقد كانت قصائد سعيد مكللة بماء وهواء الأسطورة.
قرأ بعدها الناقد الدكتور علي حسين يوسف دراسة نقدية جاء فيها: يأخذنا الشاعر وهو يتنقل بألحانه الى مصبات الأسى حتى إنك قد لا تتمالك الانتظار فيتحول عندك اللحن إلى ذكريات تتجاوب مع ذكريات الشاعر ذاتها التي لا تمهل المتأمل لحظة حتى تدخله في ما جرته الحرب من ويلات وإذا كان الشعر يحاول ان يسبر عوالم الذات لاكتشاف مجاهيلها فإن علي لفته سعيد في مجموعته (أثر كفي) قد أسفر عن وجه سنين عجاف شاكسته كثيرا حتى أنسته طعم النهار .
وتداخل الشاعر الدكتور عمار المسعودي بقوله أن هناك دائما مساحات في التجارب الابداعية وليست هناك ممنوعات.لذلك فالذي يريد أن يشتغل على مساحة الشعر يحتاج الى محددات ومن الصعب ان يدخل هذه المنطقة من لا يمتلك القدرة على الدخول..وأفاد ان منطقة الشعر هي إيحاء والسرد هو التصريح مثلما هناك صحراء فيها زرع ولكنه يختلف عن الزرع في الغابة..ان منطقة النثر بحسب المسعودي هي منطقة رؤية عالية وقد نجح سعيد في الدخول الى منطقة الشعر من بوابة السرد.