في ألمانيا وإيطاليا ، هناك ضرائب باهظة تفرضها الحكومتان على الدخل الثاني للأسرة وهو ما يجعل المرأة تتردد في العودة الى عملها بعد الإنجاب وتتفرغ لتربية الأطفال كما تريد لها الحكومة فيزداد بالتالي الطلب على الأيدي العاملة الواردة من الخارج مما يهدد بمشكلات اجتماعية من نوع آخر ..حمدت الله وأنا اقرأ هذا الخبر مادام مجتمعنا العراقي لا يعاني من مشكلات معقدة كهذه فنحن نحقق معدلات إنجاب عالية دون أي تشجيع حكومي ..أما عن فرص العمل المتاحة أمام النساء في مجتمعنا فهي ليست مشكلة على الإطلاق لأن مشكلتنا الحقيقية حاليا هي في توفير فرص العمل للرجال اولا !!!
الموظفة العراقية لا تضحي أبدا بوظيفتها الحكومية فإذا كانت قد حصلت عليها في سنوات ما قبل (التغيير ) فهي محظوظة لأنها وجدت تقييما لشهادتها او كفاءتها ، واذا حصلت عليها بعد التغيير فهي أكثر حظا لأنها وجدت من يختلس لها مكانا وسط دوامة ( البطالة ) اما عن طريق ( واسطة ) قوية من احد المسؤولين او الأحزاب او بدفع ( رشاوى ) دسمة..
واذا كانت الحكومات الايطالية والألمانية تمنح رجالها دخلا كافيا لضمان معيشة الأسرة الى حد الاكتفاء وربما التوفير وبالتالي يمكن للمرأة التخلي عن عملها والتفرغ لإنجاب الأطفال وتربيتهم ، فأن الأسرة العراقية بحاجة الى كل دينار يضاف الى دخلها لتقاوم غلاء المعيشة ومتطلباتها وبينما يمنح الرجل كل راتبه لتلك المتطلبات ، ربما تستفيد المرأة من راتبها بسحب قرض (مئة راتب ) للحصول على قطعة ارض او بناء منزل او إنشاء مشروع صغير يضمن لأسرتها حياة أفضل ، او تقوم بتوزيعه شهريا على عدة سلف لتحقق بها بعض الأمنيات الصغيرة وبالتالي فهي تحتمل كل شيء في سبيل الاحتفاظ بوظيفتها وتطحنها دوامة العمل طوال النهار لتعود الى المنزل عصرا منهكة لدرجة نومها في سيارات الـ(كيا ) غالبا ،وما ان تصل الى المنزل حتى تتلقفها الأشغال البيتية الشاقة المؤبدة لتحيلها مساءا الى خرقة بالية تترنح أمام الموقد من النعاس وهي تعد الطعام لليوم التالي !!
إحدى الموظفات فكرت ان تضفي على حياتها شيئا من التغيير فاقترحت على زوجها جمع مبلغ مناسب للسفر الى أي بلد يختاره ..وعدها بتلبية رغبتها ليتخلص من إلحاحها لكن تزاحم هموم العمل والحياة عليهما معا جعل الاقتراح مؤجلا الى مالا نهاية ..ذات مرة : قالت الزوجة لزوجها : لماذا نعمل ولمن نعمل ؟ فقال لها : من اجل أولادنا ومستقبلنا طبعا ..قالت له : لكننا لسنا سعداء فنحن نعيش حياتنا دون أي جديد ومشاعرنا خاوية ..ما فائدة عملنا إذن ؟..
قال لها : الإنسان يسعى دائما وراء سعادة هي ابعد بالتأكيد مما هو معطى له بالقسمة ...نحن نريد أكثر مما لدينا ..نحن سعداء جدا وسط ظروف صارت السعادة فيها هي النجاة من انفجار او مرض مفاجئ والعيش باكتفاء في ظل البطالة والاستلقاء تحت سقف منزل وامتلاك (خط مولدة ) لتوفير بديل للكهرباء الوطنية ..انت لا تدركين انك سعيدة في زمن افتقاد السعادة ..
أطرقت الزوجة وتمتمت بقناعة و رضى (والله صحيح ..)..ثم تركت زوجها وحيدا أمام التلفزيون لتهيئ طعام اليوم التالي ومتطلبات الأولاد ولتغوص في دوامة جديدة مهلكة !!