برغم شغفي بالقراءة وبحثي الدائم عن الجديد في عالم الكتاب، فإنني أجد نفسي جاهلاً تماماً في كل ما يتعلق بكتب الحظ والأبراج، ومحاولاتي في بعض الأحيان أن أعرف شيئاً عن علوم الفلك ، وأرطن باسم نيوتن، وأتفلسف حين يأتي ذكر غاليلو أمامي، لكني مُصرّ على الاعتقاد أن آينشتاين عالم عظيم، ولهذا تجدني أبحث عن كل جديد تخرجه المطابع عن هذا الرجل الذي لايزال يشغل العالم منذ أن سجّل نظريته التي تحوّل العالم بعدها إلى عصر النسبية.
بعد هذا الاستعراض " لمعلوماتي " في علوم الفلك ، أجد نفسي مثل كثيرين يعتقدون أن علم الفلك هو أن تعرف برجك وما يخبئه لك القدر، وأن تتابع مع الحسناء كارمن أيام الحظ، وساعات النحس، وليس ساعة نحس التي صوّر فيها العبقري ماركيز حكاية مدينة أطاحت بها نشرات الفضائح في أسبوع واحد، فانتهى الأمر بسكانها إلى قتل بعضهم بعضاً، أما عن العدالة فيصورها صاحب مئة عام من العزلة بحسّ ساخر، فنجد أمامنا صورة العدالة عبارة عن رجل أصلع سمين مبتسم يتقاطع على صدره وشاح الرئاسة وتحته كلمات مذهّبة، السلام والعدل!!.
يستمر ماركيز في سخريته حينما تُسأل امرأة عجوز عن صحتها فتردّ: " كل يوم أتحسّن بصورة أفضل حتى أتمكن من الاقتراع! ".
وعندما قال العمدة للقس: "اعطس يا أبت نحن في زمن الديمقراطية"!
وبسبب برامج الآنسة ماغي فرح التلفزيونية أدمنتُ قراءة كل ما يتعلق بالتنبؤات والحظ ليقع بين يديَّ أمس خبر ظريف يقول أصحابه أن العام الحالي وحسب الأبراج الصينية سيكون عام الخروف، حيث ويخبرنا أصحاب التقرير أن العام الجديد سيكون هادئا ووديعا وأنه سيحمل لنا في طياته الكثير من الآمال والنجاحات، بل ومن المحتمل أن يكون عاماً أكثر هدوءاً على المشهد الحياتي. لا أستغرب أن يحاول فلكيو الصين الضحك علينا بكلمتين حول الرخاء والمستقبل الزاهر والتمسك بسياسيينا الذين لن يجود الزمن بمثلهم.
المشكلة التي نواجهها اليوم في العراق أن أعوامنا جميعها أصبحت أعوام "الخراف " فالناس خائفة ولا حول لها ولا قوة، فيما بعض الساسة والمسؤولين يسعون إلى تدمير عناصر العافية في المجتمع حتى لا تلوح في الأفق أي بارقة أمل، والنموذج الفادح لذلك هو ما حصل ويحصل في مسألة "حقوق الإنسان "التي يريد أصحابها أن يحولونا جميعا إلى " حظيرة خرفان " فقد شاهدنا جميعا صولة باللكمات والبنادق وأساليب السحل الحديثة قامت بها حماية السيد وزير حقوق الإنسان ضد شرطة مرور كانوا يمارسون واجبهم الوظيفي، لكن الوزير وحمايته تصوروا أن هناك مؤامرة تريد النيل من معاليه لتأخره عن أداء واجبه " المقدّس " في نشر وتعزيز ثقافة " السحل "، ولأن السيد الوزير معذور فهو لم يتوقع يوماً أن يجلس على كرسي الوزارة ، إلا أن الحظ والأفلاك ومعها الأبراج وضعته في هذا الامتحان العصيب، حيث مازلت أتذكر مؤتمره الصحفي بعد يوم واحد من إعلان التشكيلة الحكومية، حين قال وبالحرف الواحد:" كنت غير موجود ولم أكن أعلم أنني سأصبح وزيراً، لكني بُلّغت بالأمر أمس بالتلفون بأنني أصبحت وزيراً لحقوق الإنسان وكنت أعلم أنني سأصبح ذات يوم وزيراً فقد قال لي أحد الأصدقاء بأنه رآني في المنام أقف على منصة وأرتدي ملابس بيضاء وهي بشارة على المكانة والمنصب " واختتمها بجملة لطيفة " وصار اللي صار وتحقق الحلم "!
ولهذا سأحاول من اليوم أن أرمي إلى المحرقة كل كتب آينشتاين وماركيز ومعهما السادة يوسا ونجيب محفوظ وفوكو ومعظم الذين ضحكوا على شخصي الضعيف بشعارات من عيّنة الليبرالية والمدنية وإعلاء شأن الإنسان، ففي النهاية نحن مجرّد " خرفان " ننتظر ما يجوده علينا به المرحوم ابن سيرين في تفسيره الشهير لـ " الأحلام".
حقوق الإنسان في عام "الخروف"
[post-views]
نشر في: 30 يناير, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 6
بغداد
الأستاذ الفاضل علي حسين اقطفت اخر مقطعك من مقالك لماذا لا نضحك فهو خير سؤال عن هذه المسخرة التي اسمها ديمووووووووووقراطية التي جلبتها بساطيل الاحتلال البربري الامريكاني للعراق ومنها برز لصوص وقتلة وقطاع طرق وسفهاء حكموا بغداد وتسلطوا على العراق وما يحلها
ام رشا
أستاذ علي ليس من السهل على شخص مثل حضرتك ان يغير آراءه وفلسفته لأنك انسان واعي وصادق وما تؤمن به هو الصحيح ،البلدان لا ترقى الا بالعلوم وبناء الإنسان كلبنة قوية لمجتمع متحضر يبني ولا يهدم ينتج ولا يستهلك فقط يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات ،صوتك هو
داخل السومري
انا اجيب على تساؤلات المعلق بغداد:ان من اتى بنا من حالة مزرية الى حالة اكثر ازدرائية من سابقتها هو تخلفنا وعقولنا التي اغلقت بفعل فاعل ومنذ قرون.فليس هناك امل في ان تتحسن حالنا الا بعد ان نفتح عقولنا المغلقة ونقضي على الفايروس الذي اغلقها.
بغداد
الأستاذ الفاضل علي حسين اقطفت اخر مقطعك من مقالك لماذا لا نضحك فهو خير سؤال عن هذه المسخرة التي اسمها ديمووووووووووقراطية التي جلبتها بساطيل الاحتلال البربري الامريكاني للعراق ومنها برز لصوص وقتلة وقطاع طرق وسفهاء حكموا بغداد وتسلطوا على العراق وما يحلها
ام رشا
أستاذ علي ليس من السهل على شخص مثل حضرتك ان يغير آراءه وفلسفته لأنك انسان واعي وصادق وما تؤمن به هو الصحيح ،البلدان لا ترقى الا بالعلوم وبناء الإنسان كلبنة قوية لمجتمع متحضر يبني ولا يهدم ينتج ولا يستهلك فقط يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات ،صوتك هو
داخل السومري
انا اجيب على تساؤلات المعلق بغداد:ان من اتى بنا من حالة مزرية الى حالة اكثر ازدرائية من سابقتها هو تخلفنا وعقولنا التي اغلقت بفعل فاعل ومنذ قرون.فليس هناك امل في ان تتحسن حالنا الا بعد ان نفتح عقولنا المغلقة ونقضي على الفايروس الذي اغلقها.