غريبة أخبار هذه القارة، بينما يتصدر خبر قتل الرهينة الياباني الصفحات الأولى ، ومقدمات نشرات الأخبار، ينزوي خبر ذبح داعش لعسكريين عراقيين في ركن مهمل، فيما نشاهد في الفضائيات اليابان تعلن الحداد، ونقرأ أن أوباما اصدر بيانا وان رئيس الوزراء البريطاني متأثر جدا، فيما اعلنت فرنسا تضامنها مع اليابان ، الخبر الأول في معظم وكالات الانباء على النحو التالي: "غضب دولي بعد إعدام رهينة داعش الياباني".
وماذا عن العسكريين العراقيين يا سادة ؟ .. لا أنباء، فنحن الشعب الوحيد الذي لا يعرف أي سيوف يرد واي مفخخات يتقي، لم نعد اكثر من أرقام في سجلات الامم المتحدة التي بشرتنا أن عدد قتلى الشهر الماضي أقل من الشهر الذي سبقه: مجرد 1375 قتيلا و2240 جريحا، فيما ثلث الشعب مهجر ومشرد والحكومة تبشرنا بان منطقة الكرادة أصبحت منزوعة السلاح..أما باقي بلدات العراق فالسلاح مزدهر بجميع أنواعه: قنابل يدوية، رشاشات، صواريخ، وأيضاً مدرعات اذا تطلب الأمر.
يا سادة "كرادة بلا سلاح" هذا اقصى ما تتمناه الحكومة، واقصى ما نفرح به هذا الشعب الذي ظل ساهرا ليعرف نتيجة المباراة بين كتائب المجاهدين وفيالق المسلحين.. انسوا ان داعش يذبح عشرات العراقيين كل صباح، وتعالوا نصفق للوزير الذي طبق حكمة "لا أرى لا أسمع لا أتكلم" ومفادها ترك الإعلام يتحدث كما يشاء حتى لو كانت واقعة ضرب افراد الشرطة موثقة.
يكره مسؤولونا الأرقام إلا أرقام التأييد، وحسابات البنوك والسيطرة على المشاريع والمقاولات.. كل أرقام أخرى مرفوضة ومكروهة، لأنها جزء من المؤامرة الدولية على التجربة الديمقراطية في العراق.. أرقام الأموال المنهوبة، حقد سعودي.. أرقام الأموال التي صرفت على مشاريع وهمية، مؤامرة تقودها قطر.. أرقام ضحايا الفشل الأمني، هلوسات يطلقها أردوغان وأعوانه.. أرقام الفقر والمهجرين والكفاءات التي شردت، وضحايا كاتم الصوت وميليشيات الأمر بالمعروف، مجرد أوهام يسعى لنشرها الإعلام المغرض.. تقارير البطالة والفقر والفساد والتزوير، إفلاس إمبريالي صهيوني.. أرقام علينا ألا نقترب منها، مثل أرقام النفط، فلا أحد يجرؤ أن يسأل كم باع العراق من النفط، منذ عام 2003 إلى الآن، لا البرلمان يدري، ولا نحن الشعب المغلوب على أمره نعلم من الأمر شيئا، فالنفط وتوزيع حصص المسؤولين ملفات يجب ان تظل مخبأة في الأدراج.
لاحِظ جنابك الكريم أن بين ابرز اخبارنا افتتاح قنيطرة في البصرة بدعم من السيد المحافظ. عبعوب يصر على رئاسة فريق بغداد لكرة القدم. عالية نصيف لاتزال تتباهى بحذائها الذهبي، المطلك مختف عن الانظار. كما نرجوك أن تلاحظ أن البعض لا يرى أي غضاضة في أن تشارك ايران او من ينوب عنها في الحرب ضد داعش، وكل ما هو خلاف ذلك في حاجة إلى رخصة من اصحاب السيادة.
ولا تسأل لماذا لم نعـد نهتم بمعدلات التنمية وخطط استثمار المستقبل.. اليوم وغداً وبعده، سيبقى العنوان الرئيس في معظم صحفنا هو إحصاء عدد السيارات المفخخة التي تتجول بكل حرية وأمان؟
لا تسأل عن عدد ضحايا العمليات الإرهابية التي وقعت في مدن العراق خلال الأشهر الأخيرة، وأتمنى عليك ان تمسح من ذاكرتك أرقام المهجرين التي فاقت بلاد الهجرة الأولى "فلسطين"!
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا، قالها المتنبي قبل الف عام وهو يرد على وعود الحكام ، إذا لم تقرأ خبر الكرادة منطقة منزوعة السلاح ، فلا تلم إلا نفسك. لن تضحك . اسمع مني وبكل صدق أقول، اقرأ هذا الخبر وترحم على ابو الطيب الذي تنبأ لنا بان ضحكنا سيظل دوما اشبه بالبكاء