اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > محمود أحمد السيد .. بين الابداع التجاوزي والفكر الواقعي النقدي

محمود أحمد السيد .. بين الابداع التجاوزي والفكر الواقعي النقدي

نشر في: 16 ديسمبر, 2009: 05:33 م

د. صبيح الجابر توطئة المتابعة المتأنية لمسيرة الادب الحديث في البيئة الثقافية العراقية، والنظرة المتأملة في الابداع العراقي، تكشفان لنا قضيتين اساسيتين، تتصلان بالناتج الابداعي العراقي، النثري والشعري: الاولى: ان الفن القصصي بجنسيه (القصة والرواية) بدا في العراق بداية تجريبية متواصلة،
وكفوءة على يد محمود احمد السيد عام 1921م، وعلى خلفية الحرب العالمية الاولى، ونتائجها وبعد مضي ثلاث سنوات على اخماد نيرانها المدمرة، وكانت البداية لهذا الفن، تاريخية، وليست فنية متكاملة. الثانية: ان قصيدة الشعر الحر بدأت فنيا في العراق وكانت ايضا بداية متواصلة، وواثقة، وحققت انتصارا غيّر مسيرة الشعر العربي، من حيث البنية الفنية، والموضوعية الى حد ما، منذ العصر الجاهلي وحتى الان، وهذه البداية انطلقت ايضا على خلفية الحرب العالمية الثانية، ونتائجها المدمرة، وعلى يد مجموعة من الشعراء العراقيين، الرواد وفي مقدمتهم السياب، عام 1948م وبعد مضي ثلاث سنوات ايضا على اخماد نيران الحرب. ولكن بالنسبة للقضية الاولى، قضية الفن القصصي، قد تكون بدأت بدون مقدمات نظرية او فنية- ادبية، وبدون منهجية فكرية او ادبية واضحة، ولذلك شهدت عثرات كثيرة. اما بالنسبة للشعر، فقد سبقت عام 1948م، محاولات جادة ولكنها غير متواصلة، وبدأت في العراق ايضا، وقبل ثلاثة قرون بما كان يسمى بقصيدة (البند) التي انتهت في وقتها، ثم محاولات العصر الحديث، على يد علي احمد باكثير، والدكتور لويس عوض، التي لم تحدث تغيرا واضحا، على قصيدة الشعر العربي، لعدم مواصلتها، ولعدم منهجيتها، واصرارها الجدي على التغيير، وربما لعدم مواءمة الظروف الموضوعية لنجاحها مثلما توفر للسياب وغيره من ظروف موضوعية وذاتية دعت للتغيير، وسهلت عملية ناجحة. ان تجربة العراق، الادبية والفنية في العصر الحديث، متميزة عن غيرها من تجارب البلدان العربية المماثلة، وقد تكون الظروف القاسية، التي عاشها العراق المعاصر، وما مرّ به من كوارث وحروب مدمرة في العصر الحديث، والتغيرات الكبيرة التي حصلت في العالم، والنتيجة التي خرج بها بعد الحرب الاخيرة في عام 2003م، وسقوط النظام الفاشي قد تكون قادرة على افراز واقع جديد، وناتج ابداعي جديد، مغاير لما هو سائد ومألوف، وقد يكون المخاض عسيرا، وربما يتجاوز السنوات الثلاث، التي مر ذكرها في القضيتين السابقتين، وربما تشهد مسيرة الادب في العراق انتكاسة خطيرة. السيد وحركة الخطاب الادبي والسائد الفكري فتح السيد عينيه، وعقله، على واقع فكري، وادبي راكد ومتخلف ايام الحرب العالمية الاولى، وما تمخض عنها من نتائج، وكان ما شب عليه السيد، وتعلمه لايلبي طموحاته وتطلعاته، الفكرية والادبية، التي تجاوزت محيطه، فقد كان السيد ابنا لامام جامع الحيدر خانه، وكان جل ماتعلمه لايتعدى علوم الدين والفقه واللغة العربية، والادب الشعري والنثري، والحكايات الشفوية والمكتوبة الشائعة والمنتشرة، في وقت نشطت فيه ماكنة الطباعة، التي راحت تنشر الكتاب، والمجلة والصحيفة، وفي وقت غزت فيه الافكار الجديدة، والابداعات الادبية والفلسفية والسياسية بعض البيئات الثقافية في مدن العراق، وخاصة العاصمة بغداد، حينذاك كان السيد اكثر اقرانه، وابناء جيله حساسية ازاء ثقافة عصره، وكان يمتلك روحا متوثبة، وساخطة، ورافضة ومتمردة.. في الوقت ذاته، كان هذا الفتى ممتلئا بالسائد التقليدي كثقافة الحكايات, وادب الخيال، المعتمد اصلا على بعض الخرافات كما كان اسير العادات والتقاليد التي ما عادت تنسجم مع تطلعات السيد، وافكاره الطموحة، وقد كشف في السنة الثانية، بعد صدور (في سبيل الزواج عام 1921م) وفي مجموعة (النكبات) كشف طبيعة ذلك الخطاب السائد، وحاول ان يعرضه على القارئ بشكله المهلهل، وبفقر موضوعه وسذاجته.. وقد ذكر السيد في (السهام المتقابلة) وتحديدا في الرسالة الثانية المعنونة (المجتمع والكتّاب) تصنيفا للكتاب العراقيين، وقال: اولئك على فريقين: فريق اغرته الدنيا بزخرفها، فأدهشه الاصفر الرنان، بصولته، فوهب كل ماعزّ في حياته في سبيل الحصول على امنية، فهو معذور فيما يكتب، وغير مسؤول عما يقول، لانه طوع ارادة ارباب المال، واسير احسانهم. وفريق اضلته الخرافات، وحالت بينه وبين الحقائق الاباطيل، فهو لايريد ان يكتب الاّ مايكون موافقا لمشارب ابناء القرن الاول للهجرة. فما ذكره السيد هنا، عبارة عن تشخيص نقدي لعلل اجتماعية، واخلاقية، وسياسية قد اصيب بها بعض الكتاب، وهي في وعي السيد تنم عن صراع، وجدل ساخن بين مايراه في الواقع، وبين رؤيته وتطلعاته لما يجب ان يكون عليه الخطاب الادبي، والاجتماعي والديني والسياسي، وبالتالي، فهو صراع بين القديم الراسخ والجديد المتحرك (الديناميكي) الذي يعاني مخاضات عسيرة. وفي موضوعات (مكتبة الشبيبة) وفي حديثه عن (ادب اليوم) نراه ينتقد بألم وحرقة مجمل الواقع الثقافي، والخطاب الادبي، ويقول: ظهرت الجرائد، واذا في صدر كل واحدة منها قصيدة خيالية لشاعر قديم او انشودة تصويرية لشاعر جديد (.....) ويضيف: انعقدت النوادي، واسست المحافل، واذا على كرسي كل واحد منها شاعر متحمس يلقي قصيدة وطنية، ربما كانت – ان لم اخطئ التخمين- اطول قليلا من يوجع الجوع. و

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

كلوب بعيد عن تدريب المنتخب الأمريكي بسبب "شرط الإجازة"

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram