فرقة الخشابة البصراوية المعروفة بأداء جميع الأغاني العربية والعراقية المنسجمة مع إيقاعاتها لها جمهورها الواسع في الداخل والخارج ، وعلى الرغم من انحسار نشاطاتها في السنوات الأخيرة لأسباب معروفة ، حافظت على حضورها ، ولاسيما أن أغانيها أصبحت تحت متناول من يرغب في سماعها .
بالمعنى السياسي فرقة الخشابة تمتلك قاعدة جماهيرية واسعة بدون حسد يسمعها الجمهور العراقي بكل مكوناته من زاخو إلى الفاو ومن الرطبة إلى خانقين ، وما حققته الخشابة تفوق على تلك الجهة السياسية التي فشلت في وضع جدارية تحمل صورة لزعيمها في احد أحياء العاصمة بغداد ، فبعد الانتهاء من افتتاح الجدارية وعلى طريقة النظام السابق ، استفرت الأجهزة الأمنية جهودها للقبض على المتورطين بتشويه الصورة، وتم اعتقال صاحب عربانة لبيع اللبلبي وإخضاعه للتحقيق لمعرفة الجهة أو الأشخاص المتورطين بارتكاب جريمة التطاول على الرموز الوطنية .
أبو اللبلبي ترك موقع عمله لأنه لم يكن يعتقد في يوم ما أن يكون متهما بخرق القانون والتجاوز على حقوق الآخرين سواء من الشخصيات السياسية أو زعماء الأحزاب والتنظيمات ، والرجل اعتاد بث أغاني الخشابة عبر مسجل يعمل بالبطارية لاستقطاب الزبائن ، مع استعداده لتلبية طلبات المستمعين بتغيير "البكرة" بشرط عدم طلب أغاني وأناشيد النظام السابق .
فضل أبو اللبلبي اختيار مكان بعيد عن أية جدارية ، وان يكون بقرب سيطرة أمنية ، للاستعانة بعناصرها وقت الحاجة للإدلاء بشهادتهم على حسن سلوكه ، ورفضه الحديث بالسياسة ، ولكن المشكلة التي واجهته فقدانه الزبائن ، ولتفادي كساد نشاطه الاقتصادي قرر العودة إلى مقره الأول بعد أن اختفت الجدارية ، وهيكلها الحديدي تحول إلى مظلة لسواق الكيات وأصحاب عربات بيع النفط والغاز .
زبائن بائع اللبلبي رحبوا بعودته ونددوا بتعرضه للتحقيق والتعرض للمساءلة والاستجواب و "الجرجرة " في مراكز الشرطة وتضامناً معه دفعوا ثمن الصحن مضاعفا على إيقاع أغاني الخشابة ، محملين دائرة البلدية المسؤولية بوضع الجداريات في أماكن قد تعرضها لهجمات محتملة من أعداء العملية السياسية والساخطين على الأداء الحكومي . مع اصرفاهم على أن يكون حيهم خاليا من أية جدارية.
مع ارتفاع عدد المحللين السياسيين المختصين بالشأن العراقي ، وإطلالتهم اليومية عبر شاشات الفضائيات للدفاع عن موقف جهة أو مسؤول أو قائد سياسي معين، من المتوقع أن تشهد الساحة العراقية ، ونتيجة إصرار البعض على اعتماد الصورة في توسيع القاعدة الشعبية ، سيظهر جيل جديد من المحللين المختصين بشؤون الجداريات ، وبوادر الظهور برزت من خلال وضع الأعلام والخرائط والصور على صدور المدافعين عن زعمائهم ،وأسيادهم ، وكأنهم يدعون العراقيين لتقليدهم للحصول على شرف تعليق صورة "ملك زمانه" على صدورهم، تعبيرا عن المحبة والولاء والإخلاص والوطن والقائد ، من المؤكد أن صاحب عربانة بيع اللبلبي سيرفض هذه الدعوة ،فهو لا يريد أن يتعرض للجرجرة والتحقيق.