قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية الحالية الذي شرّعه مجلس النواب منذ أيام لم ترد فيه أية إشارة إلى ما يُفترض انه مصدر مالي مهم لسد العجز في هذه الموازنة، ولم يبيّن المجلس ولا لجنته المختصة (المالية) أي سبب لتغييب مثل هذه الإشارة.
جاء في القانون ان إجمالي العجز المخطط لهذه الموازنة بلغ خمسة وعشرين ألفاً وأربعمائة وواحد مليار ومئتين وخمسة وثلاثين مليونا وسبعمائة وثلاثة وثمانين ألف دينار(حوالي 21 مليار دولار أميركي)، وانه سيُغطى "من الاقتراض الداخلي والخارجي ومن المبالغ النقدية المدوّرة في حساب وزارة المالية الاتحادية ونسبة من الوفر المتوقع من زيادة أسعار بيع النفط الخام المصدّر أو زيادة صادرات النفط الخام". وأوضح الجدول المرفق أن الأرصدة المدورة من العام الماضي (2014) تبلغ ثلاثة تريليونات دينار، أي حوالي مليارين ونصف المليار دولار أميركي.
قبل التوقف عند هذه النقطة لابدّ من الإشارة الى ان مجلس النواب بتشريعه قانون الموازنة إنما قام بعمل فاقد الشرعية لأن الإجراءات الخاصة بإعداد الموازنة وتقديمها إلى البرلمان كانت غير دستورية.. كيف؟
المادة 62 (أولاً) من الدستور تنص على أن "يُقدّم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة والحساب الختامي إلى مجلس النواب لإقراره".. الحكومة الحالية قدّمت الى مجلس النواب مشروع قانون الموازنة من دون الحساب الختامي للسنة الماضية، وهذه ليست المرة الأولى التي يحصل فيها هذا الخرق الدستوري.. الحكومات السابقة جعلت منه تقليداً راسخاً وقاعدة صلدة .. كل موازنات السنين الماضية قُدّمت من دون حسابات ختامية. هذا الإجراء الذي سكتت عنه مجالس النواب السابقة بل تواطأت فيه مع الحكومات، كان دافعاً وسبباً لتفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري على نحو رهيب ومخيف في الدولة، فالمال السائب يعلّم السرقة دائماً وأبداً.
في كل سنة من السنين الماضية كانت تُنشر معلومات تفيد بان الأغلبية من المحافظات والوزارات والمؤسسات لم تستطع، لأسباب مختلفة، إنفاق كامل موازناتها الاستثمارية. وبالطبع فان الأموال غير المُنفقة يتعيّن أن تُدوّر وتُعاد إلى الخزينة العامة، وهذا ما لا يمكن معرفة تفاصيله إلا من خلال الحسابات الختامية.
المُفترض ان عشرات مليارات الدولارات ظلّت تُدوّر من سنة إلى أخرى.. لكن السؤال: أين هذه الأموال؟ ما مصيرها؟ أين ذهبت؟ من تصرّف بها؟ وكيف تصرّف بها؟.. لا جواب أبداً على أي من هذه الأسئلة.
لماذا لم تُنجز الحسابات الختامية للسنوات الماضية؟.. السبب لا يرجع الى نقص أو ضعف أو قصور في جهاز الدولة البيروقراطي المترهل.. انه يكمن في ان الفاسدين والمُفسدين في الحكومات المتعاقبة لم يرغبوا في إنجاز هذه الحسابات، لأن ذلك بكل بساطة يكشف سرقاتهم المهولة من مالنا العام الذي تُرِك لهم سائباً من دون حسيب أو رقيب.
واحد من الاختبارات الرئيسة المطلوب من الحكومة الحالية اجتيازها بنجاح، الكشف عن مصير عشرات المليارات تلك... إنها قادرة على حل الأزمة المالية الحالية وعلى تحقيق خطة تنمية كبرى ما لم تطلها من جديد أيدي الحرامية.
أين اختفت هذه المليارات؟
[post-views]
نشر في: 3 فبراير, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 4
ام رشا
الأستاذ الفاضل الفاسدون والمفسدون في الحكومات المتعاقبة انتخبهم الشعب المسكين لمرتين أو ثلاث وامنهم على أرضه وماله وعياله واستبيح الجميع ولن تعود ثقة الشعب المسكين بهؤلاء الا اذا عادت الامانات إلى أهلها وعوقب المسيؤون.
ابو سجاد
بدايتا يااستاذي العزيز عليك ان تنسى ان هناك مليارات قد تم سرقتها بحكومتي الفشل ومن سبقه ومن الممكن ان تعود كون هذه اصبحت من الماضي ولااحد يستطسع المطالبة باعادتها لان القادم سيكون اعظم ثانيا لايتطيع احد محاكمة المختار ورهطه الفاسد لعدم وجود نزيه بالحكومة
ام رشا
الأستاذ الفاضل الفاسدون والمفسدون في الحكومات المتعاقبة انتخبهم الشعب المسكين لمرتين أو ثلاث وامنهم على أرضه وماله وعياله واستبيح الجميع ولن تعود ثقة الشعب المسكين بهؤلاء الا اذا عادت الامانات إلى أهلها وعوقب المسيؤون.
ابو سجاد
بدايتا يااستاذي العزيز عليك ان تنسى ان هناك مليارات قد تم سرقتها بحكومتي الفشل ومن سبقه ومن الممكن ان تعود كون هذه اصبحت من الماضي ولااحد يستطسع المطالبة باعادتها لان القادم سيكون اعظم ثانيا لايتطيع احد محاكمة المختار ورهطه الفاسد لعدم وجود نزيه بالحكومة