اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إذا الشعب يوماً أراد "ني"

إذا الشعب يوماً أراد "ني"

نشر في: 3 فبراير, 2015: 09:01 م

يخبرنا علماء الاجتماع أن الظواهر الفردية لا تنشأ من تلقاء نفسها، وان كل فعل شاذ هو نتاج مرحلة اجتماعية، المفسدون والفاسدون الذين يخرجون لنا ألسنتهم كل يوم من على شاشات الفضائيات هم مرآة عاكسة لنا، او كما تخبرنا الحكمة المأثورة " كما تكونوا يولّى عليكم "، يقول عالم الاجتماع ماكس فيبر: " في داخل كل منا شرير خفي وان الذي يمنع هذا الخفي من الظهور إلى العلن هو القانون وقبله الضمير والحرص على مصالح الناس "
مناسبة هذا الكلام، إنني قرأت تصريحاً للسيد نائب رئيس الجمهورية يقول فيه ان رئاسته للوزراء خلال الثماني سنوات الماضية، فرضت عليه، لكنه والكلام " لفخامته "، لا يمانع في العودة ثالثة لو ان الشعب اراد ذلك.
تمنيت أن يقرأ جميع الساسة العراقيين مذكرات اثنين ممن صنعا تاريخ بلادهم، ونستون تشرشل وشارل ديغول فسوف يتبين لهم بوضوح معنى ان يساهم السياسي في كتابة صفحات ناصعة من تاريخ بلاده التاريخ، فقد كان لدى الرجلين الفهم الحقيقي لمعنى السياسة والشعور الوطني، والسعي لإنجاز عمل تاريخي وطريقة الولوج إلى هموم الناس.
وللرجلين منذ ولادتهما موهبة التأليف وقد تميز تشرشل بأسلوب ماهر في الكتابة جعله يخطف جائزة نوبل، وفي لحظة من المرح أسّر إلى أحد الشبان بالقول "نحن جميعاً ديدان" ليلتفت إلى إحدى السيدات التي اغتاظت وقلقت مما سمعت ليقول لها "لكن أعتقد بأني دودة براقة".
ولم يقل تشرشل يوما ان فترة حكمه هي الأنجح والأفضل مثلما ذهب احد سياسيينا الذي تولى شؤون الحكومة واجتاحت البلاد في عهده اخطر موجة عنف طائفي، طبعا صاحبنا لم يستدع للمحكمة ولم يتجرأ احد أن يسأله عن أسباب القتل على الهوية التي انتشرت في عهده.
أخطاء كثيرة ارتكبها مسؤولون سابقون وحاليون ولن نسمع أن القضاء تدخل وطالب بمحاسبتهم، بل العكس نراهم مصرين على أنهم أصحاب التغيير، وأنهم الذين أنقذوا الناس من مخالب صدام وعليه يحق لهم أن يسرقوا من المواطن حريته وكرامته بعد أن سرقوا منه أمنه وحاضره ومستقبله وثرواته.
يا سادة، مبروك علينا ان لا احد يستطيع إصدار امر بإعفاء عبعوب من منصبه، رغم كل الخراب الذي حدث ويحدث في بغداد، ومبروك لكم انكم حافظتم على مكانة العراق في سلم الدول الفاشلة، لأن العراق من دونكم لا مكان له على خارطة الدول السعيدة.
سأعود ثانية الى ونستون تشرشل الذي قال ذات يوم "ان الديمقراطية هي افضل الأنظمة السيئة لكن عندما تسوء يكون سوؤها فظيعا"، وسوء الديمقراطية هو الذي جعل تشرشل يحترم الإعلام حتى حين وجه الأخير سهام النقد اليه ودفعه إلى ان يتقاعد، يذكر المؤرخ البريطاني جيفري وبست احد ابرز كتاب سيرة رئيس الوزراء البريطاني السابق، ان الرجل حظي بنصيب وافر ومتعدد الجوانب من المقالات والتقارير التي هاجمته، ويتساءل المؤرخ ما الذي يستطيع السياسيون الآخرون إضافته إلى سجل تاريخ حياتهم اكثر من خدمة وطنهم خلال سنوات حرب ضروس؟ واي رجل آخر غير تشرشل حين يواجه عاصفة إعلامية شرسة يتقبل الامر ويذهب ليجلس في بيته الريفي، ليكتب مذكراته.
ازدهرت الشعوب والامم بقادة اصروا على إشاعة روح العدالة وبث الأمل في النفوس، بينما غرقنا نحن مع مسؤولين لا يتوقفون لحظة واحدة عن تذكيرنا بانهم ليسوا طلاب سلطة، وان المنصب تكليف شرعي.
يا سادة لقد دفعنا ولا نزال ندفع أثماناً باهظة بسبب " التكليف الشرعي " الذي كلما تعلقنا بأذياله سار بنا إلى مقابر جماعية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 8

  1. رمزي الحيدر

    لو حقاً أن هذه ( السلابات )، هي التي خلصت الشعب العراقي من مخالب صدام لكانوا يستحقون كل هذه المليارات التي سرقوها ، ولكن المشكلة ليس هم من خلصوا الشعب من الدكتاتور وأنما الأمريكان .!!.

  2. ام رشا

    أستاذ علي المحترم اعذرني على جهلي بأمور الدين والسياسة إذ انني أعتقد أن الديمقراطية لا تتحقق بوجود الأحزاب الدينية حيث تكون مدعاة للانقسام والتطرف الديني الطائفي وخصوصا في بلد مثل العراق متنوع الديانات والطوائف وما حدث ويحدث اكبر دليل على ما أقول و عدم ا

  3. ابو اثير

    ألأجدر بالسيد نوري كامل ألألتفات الى كتب مذكراته وأختيار فيلا أو دار أستراحة من التي يملكها في دبي أو بيروت أو مونتي كارلو أو جزر البهاما أو فيجي أو في سهول سويسرا أو في مدينته المفضلة شمال مدينة طهران أو في قريتو بطويريج التي يبدوا أنه نساها بعد عيشة الع

  4. ابو سجاد

    كل مانريده من الاعلام الحر الذي يتصف بالوطنية والمهنية ان يبقى مصرا على فضح الفساد في ظل حكومة المختار ومن سبقه حتى يصبحوا عبرتا لغيره وحتى لايستهان بالشرفاء من العراقيين ولانريد ان ينسى الاعلام ذلك وتذهب تلك المرحلة دون محاكمة وتصبح في طي النسيان املنا ب

  5. رمزي الحيدر

    لو حقاً أن هذه ( السلابات )، هي التي خلصت الشعب العراقي من مخالب صدام لكانوا يستحقون كل هذه المليارات التي سرقوها ، ولكن المشكلة ليس هم من خلصوا الشعب من الدكتاتور وأنما الأمريكان .!!.

  6. ام رشا

    أستاذ علي المحترم اعذرني على جهلي بأمور الدين والسياسة إذ انني أعتقد أن الديمقراطية لا تتحقق بوجود الأحزاب الدينية حيث تكون مدعاة للانقسام والتطرف الديني الطائفي وخصوصا في بلد مثل العراق متنوع الديانات والطوائف وما حدث ويحدث اكبر دليل على ما أقول و عدم ا

  7. ابو اثير

    ألأجدر بالسيد نوري كامل ألألتفات الى كتب مذكراته وأختيار فيلا أو دار أستراحة من التي يملكها في دبي أو بيروت أو مونتي كارلو أو جزر البهاما أو فيجي أو في سهول سويسرا أو في مدينته المفضلة شمال مدينة طهران أو في قريتو بطويريج التي يبدوا أنه نساها بعد عيشة الع

  8. ابو سجاد

    كل مانريده من الاعلام الحر الذي يتصف بالوطنية والمهنية ان يبقى مصرا على فضح الفساد في ظل حكومة المختار ومن سبقه حتى يصبحوا عبرتا لغيره وحتى لايستهان بالشرفاء من العراقيين ولانريد ان ينسى الاعلام ذلك وتذهب تلك المرحلة دون محاكمة وتصبح في طي النسيان املنا ب

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

العمودالثامن: 21 عاماً في محبة المدى

 علي حسين إسمحوا لصاحب هذا العمود أن يحتفل مع زملائه بدخول العام الحادي والعشرين لصحيفة (المدى)، وأن يعترف علنًا أنه لم يكن يعرف قواعد اللعبة الديمقراطية جيدًا، ولا يفهم أنظمتها الجديدة التي تشكلت...
علي حسين

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين

الـ (المدى).. رعاية استثنائية للثقافة العراقية

فاضل ثامر عندما بدأت جريدة المدى في الصدور، بعد الاحتلال وتحديدا في 5/8/2003، كنت ضمن كادر محرريها المحدود، حيث اتخذت لها مقراً متواضعاً في شارع فلسطين.. وبقيت أعمل في الجريدة تحت إشراف رئيس تحريرها...
فاضل ثامر

الـ (المدى).. أيقونة الصحافة العراقية

د.قاسم حسين صالح اوجع مفارقة بتاريخ العراقيين هي تلك التي حصلت في التاسع من نيسان 2003،ففيه كانوا قد حلموا بالافراح بنهاية الطغيان، فاذا به يتحول الى بوابة للفواجع والأحزان.فللمرة الأولى في تاريخهم يفرح العراقيون...
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram