بإقدامه على قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة بأكثر الطرق همجية وترويعاً، أقصى تنظيم داعش آخر حجة يمكن أن تتذرع بها الدولة الأردنية للبقاء ممسكةً بالعصا من الوسط في التعامل مع المنظمات الإرهابية وسائر جماعات الإسلام السياسي المتطرفة وسواها.
التنظيم الإرهابي قدّم في الواقع على طبق من الذهب مرصّع بالماس والعقيق والياقوت هدية نفيسة لمناهضي فكره ومعارضي تطبيقاته في الأردن من القوى والشخصيات التي كانت تضغط لانتهاج سياسة أكثر حزماً تجاه المتطرفين ومنظماتهم. الدولة الأردنية كانت على الدوام تبدي التساهل حيال هذه المنظمات، ظانة انها بهذا يمكنها أن تكفي نفسها شرّ التطرّف وأصحابه، لكن المتطرفين ومنظماتهم نظروا الى هذا الموقف بوصفه ينمّ عن ضعف، وهو ما كان يشجّعهم على التمادي. وفعل داعش الإجرامي الأخير في حق الطيار الكساسبة هو منتهى التمادي، والهدف منه تخويف وترهيب الحكومة الأردنية وسواها.
تاريخياً، الجماعات الإسلامية في الأردن غلب التطرّف على مواقفها، بل انها من أكثر جماعات الإسلام السياسي تطرّفاً، ولم يكن خافياً على أحد انها وفّرت حواضن وملاذات للجماعات الإرهابية، بما فيها القاعدة وداعش... الإسلام السياسي المتطرف في الأردن هو الذي أنجب عبدالله عزام المعروف بلقب "أبو الجهاد الأفغاني" وكذلك تلميذه خليل الخلالية (ابو مصعب الزرقاوي).. الدولة الأردنية من جانبها كانت على الدوام تنتهج سياسة تقوم على التهاون والاسترضاء حيال هذه الجماعات دفعاً للشر المتأتي منها ومن غيرها، وهي سياسة اتّبعتها السلطات الاردنية أيضاً تجاه جماعات أخرى، بينها على سبيل المثال فلول نظام صدام حسين التي تنشط حالياً بحرية في الاردن. وهناك في الواقع عامل مادي في هذه القضية، فهذه الجماعات تستثمر أموالاً في الاردن وتدير أعمالاً يشاركها فيها رجال أعمال اردنيون مؤثرون في دائرة القرار الأردني.
الآن، بعد قيام داعش بقتل الطيار الاردني حرقاً لن يكون في مستطاع أحد في هذه البلاد، فرداً كان أم جماعة، أن يتحجج في خصوص الحرب الدولية على الإرهاب وداعش فيقول، كما ظلت تقول جماعات الإسلام السياسي: "هذه ليست حربنا"، ذلك أن النار التي أضرمها داعش في الطيار الكساسبة وهو حيّ قد اجتاحت بيوت الاردنيين جميعاً مثلما امتدّ لهيبها الى كل القارات وبلدانها، وسيصاب كل الأردنيين الذين أيدوا، علناً وسرا،ً داعش وسواه من جماعات الإرهاب بالخرس من اليوم فصاعداً، وهذه فرصة ذهبية للدولة الاردنية لمواجهة التطرف الإسلامي وكبح جماحه ومكافحته بلا تردد.
المتوقع أن تأخذ الحرب على الإرهاب بعداً أكثر عمقاً، فالأردن سيكون طرفاً رئيساً في هذه الحرب، والمرجّح أن تُقرن عمّان مشاركتها المباشرة الفعالة في الأعمال العسكرية بتقديم تسهيلات لوجستية أكبر لقوات التحالف. وهذه فرصة ذهبية لنا، في العراق، أيضاً لجعل الأردن رديفاً وسنداً لنا في الحرب ضد داعش.. علينا أن نتحرك في الحال باتجاه عمّان.
فرصة ذهبية للأردن ولنا
[post-views]
نشر في: 4 فبراير, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
كيف استنتجته ذلك يااستاذ عدنان هل تتوقع ان الحكومة الاردنية وعامة الشعب الاردني قد يهتموا لهذا الحدث قد يكون هناك بعض الاردنيين العاديين البسطاء فرضت عليهم عواطفهم التعاطف مع هذا الانسان الذي قتل بطريقة بشعة وعرضه على الشاشات وامام انظار الناس ولكن انا مت
ابو سجاد
كيف استنتجته ذلك يااستاذ عدنان هل تتوقع ان الحكومة الاردنية وعامة الشعب الاردني قد يهتموا لهذا الحدث قد يكون هناك بعض الاردنيين العاديين البسطاء فرضت عليهم عواطفهم التعاطف مع هذا الانسان الذي قتل بطريقة بشعة وعرضه على الشاشات وامام انظار الناس ولكن انا مت