اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > (المدى) تفتح ملف العاصمة المهمشة بغداد "3" .. شارع السعدون يتحوّل إلىإطلالة خربة

(المدى) تفتح ملف العاصمة المهمشة بغداد "3" .. شارع السعدون يتحوّل إلىإطلالة خربة

نشر في: 7 فبراير, 2015: 12:04 م

 في ذاك المساء كان مدعواً في نادي العلوية الذي يتوسط شارع السعدون بعنفوان بغدادي، خطر بباله أن يُعيد بعض الذكريات في شارع الشباب كما يسميه. وفعلا سارت به قدماها من ساحة الفردوس وهو يدور حولها نصف دورة، من جهة بنايات وزارة التعليم العالي والبحث ا

 في ذاك المساء كان مدعواً في نادي العلوية الذي يتوسط شارع السعدون بعنفوان بغدادي، خطر بباله أن يُعيد بعض الذكريات في شارع الشباب كما يسميه. وفعلا سارت به قدماها من ساحة الفردوس وهو يدور حولها نصف دورة، من جهة بنايات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ناظرا إليها مستذكرا بناءها وتلك الجمالية التي كانت تنير الشارع. وصل ساحة النصر بعد مروره بدور العرض السينمائي ومكاتب الحجز. وقف وسط الساحة على أحد درجات تمثال السعدون وصوَّب نظره صوب ساحة التحرير، ملتفتا يمينا ويسارا. ألوان البنايات خافتة أو ترابية، إضاءة الشارع هي الأخرى خافتة، الحركة بطيئة وقليلة. جلس وعاد بذاكرته إلى سنين وعقود خوت إلى أيام الأناقة وساعات (أولما) والحافلات الحمر ذات الطابقين وهي تنطلق من الساحة. استذكر شوارع السعدون الفرعية مع (أبو نؤاس) والبتاوين والنضال إلى شارع كان احد عناوين بغداد والعراق، في النهاية وقبل أن يستقل سيارات الأجرة سأل السائق: هل هذا شارع السعدون؟
 
 
شارع الساحات
يُعد شارع السعدون أحد الشوارع الرئيسة والمهمة في العاصمة بغداد، اذ يضم العديد من المراكز التجارية والطبية ودور السينما والمكتبات والمقاهي والمطاعم والفنادق ومكاتب حجوزات السفر ومحال الساعات والأنتكيات والبارات، شارع السعدون كان قبلة للزائرين خاصة أبناء المحافظات الذين كانوا يرتادون الشارع للعمل أو للعلاج أو السهر لقضاء وقتٍ ممتعٍ، ناهيك عن عمق الشارع وارتباطه بالمجتمع العراقي وتطوّراته السياسية والاجتماعية والاقتصادية. يمتد الشارع من ساحة التحرير حتى ساحة الفتح مروراً بساحة النصر وساحة الفردوس وساحة كهرمانة ، الشارع على غير ما كان عليه في السابق. الوضع الخدمي شبه معدوم، التراث العمراني مشوَّه، البناء العشوائي والترميم يخلو من الذوق والجمال ناهيك عن فقدان الشارع لهويته التي تعبر عن حياة العراقيين.
مهـن طارئة 
الشارع اخترقه العديد من المهن الطارئة التي اختارت من سمعة الشارع وحركته للترويج عن مهنهم بشكل فوضوي وبطرق مختلفة، منها محال تصنيع الإعلان وبيع المستلزمات الطبية خصوصاً للمرضى المقعدين التي انتشرت بشكل ملحوظ وأمام الجميع حيث ظهرت مهن طارئة غيَّرت هوية الشارع مما غيَّرت من نظامه وجماليته !
قاسم عبد الهادي أستاذ في كلية الإمام الصادق يوضح : لقد تغير الشارع كثيرا بسبب التجاوزات الحاصلة فيه ونلاحظ فوضى محال تصنيع الإعلان ومحال بيع المستلزمات الطبية ، والغريب والكلام لقاسم أن هذا الشارع وبرغم هذه التجاوزات وقرب الدوائر المعنية في أمانة بغداد وممر المعنيين وأصحاب القرار نرى التجاوزات مستمرة وبزيادة . موضحا أن معظم بلدان العالم تحرص على أن يوجد هناك شارع يكون قبلة للزائرين وهذا موجود في دول الجوار والمنطقة.
في حين يتحدث سلمان جاسم الموظف في وزارة الصحة، عن منظر آخر لفت انتباهي هو ارتفاع حجم النفايات في ساحة متروكة ملاصقة من جامع (الحاجة نجية الأورفلي) لترتفع هذه النفايات وستصل بالقرب من المأذنة الخاصة بالجامع ، متسائلا : كيف نتحدث عن تاريخ الشارع أو سُبل إعادة الحياة فيه، وهو مهمل منذ يوم التغيير النيساني الأول؟ هل هذا حال شارع رئيسي وحيوي للعاصمة بغداد؟ وكيف يمكن أن نفسر أو نصدق تصريحات وحرص الجهات المختصة بتطوير المدنية وشوارعها ؟ سلمان وجَّه رسالة إلى جميع المعنيين والمختصين نريد أن نفتخر بشارع له تاريخ ثقافي وفني وتجاري لاسيما أن شارع السعدون كان هو الإعلان الرسمي لسقوط الصنم أمام العالم أجمع من خلال إسقاط التمثال في ساحة الفردوس.
زهور ساحة النصر 
وسط ساحة النصر ثمة محل كبير مؤصدة أبوابه منذ سنين، الذي يُفترض إن يكون محلا لبيع الزهور، عائد لأمانة بغداد لكنه مغلق منذ سنين. صاحب مكتبة ساحة النصر هادي ..... قال: للأسف هذا الإهمال غير المبرر للشارع والساحة ومحل بيع الزهور حوَّله إلى شبه مكان استراحة لبعض سواق السيارات أو المارة والمتسكعين، الذين يتركون الأوساخ 
والنفايات بطرق غير متحضرة لا تليق بالشارع وتاريخه! 
سائق الفولكا عبد الرحمن جاسم 56 عاماً الذي يعمل منذ 22 عاماً خط باب المعظم – ساحة النصر يقول: إن هذا المحل يعود لدائرة أمانة بغداد وكان متخصصاً في بيع الزهور فقط لكن الإهمال والفوضى الحاصلة في الساحة شوَّهت الوجه الحقيقي له، مستذكراً قبل خمسة عشر عاما حين كان هذا المحل الكبير يفتتح منذ الصباح الباكر أبوابه بأنواع متعددة وجميلة من الزهور.
حافلات الطابقين
كما تشكو ساحة النصر الإهمال نتيجة عدم تفعيل وترتيب محطات الانتظار الفرعية لحافلات الشركة العامة لنقل الركاب "أم طابقين" إذ كانت تضم الساحة وهي المحطة الرئيسة محطات انتظار المواطنين التي تحمل حافلاتها رقمي 3-4 . الموظف المسؤول عن محطّة ساحة النصر علي عون أوضح : بعد أحداث 2003 قامت الشركة بصيانة جميع محطات الانتظار الفرعية والرئيسة في الشارع إلّا أنها كانت تُخَرَّبُ وتُدَمَّر من قبل بعض ضعاف النفوس!
تطبيق القانون
مدير الإعلام والعلاقات في أمانة بغداد حكيم عبدالزهرة يقول لـ( المدى ) لقد قامت الأمانة بتطوير شارع السعدون ضمن مواصفات عالمية من خلال الحجر المستخدم والمرمر وهذا جاء ضمن خطة الأمانة التي شهدت فيها تطوير شارعي النضال والسعدون وأبو نواس من قبل شركات تركية معروفة في هذا التخصص، موضحاً أن الأمانة ومن خلال دائرة التطوير العمراني أعدت الكثير من المشاريع العملاقة لإعادة تنظيم وترتيب الشوارع والساحات والأبنية التراثية والنصب التذكارية وغيرها من المراكز المهمة في بغداد وهي جاهزة للعرض، وقد تم تنفيذ البعض منها والخاصة بالنحات محمد غني حكمت وهناك دراسة كاملة لتطوير شارع السعدون.
حكيم نوَّه إلى أن قانون الأمانة فيه الكثير من العقوبات والغرامات ولكن نحن لا نُنفذ هذا القانون بشكل صارم بسبب الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد حالياً، وعلى سبيل المثال وجود أعداد كبيرة من أبنية شارع السعدون وهي مجازة لمشاريع غير سكنية تحولت الآن إلى مجمعات سكنية لكن إن اتخذنا إجراءً بحق ساكني المبنى سنلحق أذى بحق تلك العوائل.
نقص الخدمات
أبو عبدالله (مثلما طلب أن يُذكر) صاحب صيدلية الكرنك التي تقع في ساحة النصر قال: تعرض العديد من الأبنية الخاصة بالمواطنين إلى الخراب والدمار نتيجة الإنفجارات المتكررة التي حصلت في هذا الشارع رافقتها أسباب عديدة خاصة وغيرها من الأمور منها الإهمال الحكومي الواضح للشارع، من خلال ترك البنايات على حالها ما جعلها (خراباً)، موضحا أن النقص الحاصل في طبيعة الخدمات من ماء ومجاري وغيرهما من الحاجات الضرورية في عموم الشارع والشوارع الفرعية الرابطة بشارعي "أبو نُواس" والنضال.
أبو عبدالله أشار إلى أن أهمية الشارع تأتي من توفر كل احتياجات الزائرين الذين يتوافدون من شتى محافظات البلاد حيث (الفنادق – المطاعم – المختبرات –الأطباء الاختصاص) ولكن هذا الحال اختلف الآن بسبب نقل معظم الأطباء عياداتهم إلى مناطق أخرى كالحارثية وبغداد الجديدة والمنصور والبعض الآخر اختار أماكن قريبة من سكناهم بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة. والأمر يسري على الصيدليات أيضا مع إضافة سبب ارتفاع سرقفلية المحل إلى 250 إلف دولار إذا ما علم صاحب العمارة أو صاحب المحل أن المُراد من الشراء فتح صيدلية.
حياة الشارع 
أبو إبراهيم يعمل لدى أحد الأطباء في عمارة سنية يقول: أعمل هنا منذ أكثر من (20) عاماً وأتذكر جيداً كنا نغلق العيادة وباب العمارة بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً أمّا الآن فعملنا لا يتجاوز الساعة الخامسة أو السادسة عصراً كون الحياة تنتهي في هذا الشارع والجميع يرى أن معظم الأبنية والعمارات مهملة أو مهجورة ولم نرَ أية مبادرات في إعادة الحياة لهذا الشارع بالرغم من الإنفاق الكبير الذي حصل في السنوات الماضية .
ساحة الفردوس التي صارت مقراً للاحتجاجات والمظاهرات وكل من يريد إن يلفت النظر إليه.. الدكتور عمار جبار أوضح أن هذه الساحة يمكن إن تكون أهم الساحات في العاصمة بغداد فهي شاهد على تغيير حياة العراقيين من خلال إسقاط تمثال الطاغية ليعلن أمام العالم أن زمان الدكتاتورية قد انتهي. 
وطالب جبار أن يُعاد الزهو للساحة من خلال نصب يحكي حياة العراقيين ونضالهم ضد الدكتاتورية، ولحظة سقوط الصنم، وكيف تحولت الحياة إلى شكل آخر ولون آخر أو من الممكن أن يعاد نصب الجندي المجهول إلى مكانه الأصلي في ساحة الفردوس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram