اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > يا رعايا جمهورية "الفيسبوك" اتحدوا

يا رعايا جمهورية "الفيسبوك" اتحدوا

نشر في: 8 فبراير, 2015: 11:29 ص

أراد فرانز كافكا أن يودع العالم بعيدا عن الناس، فاختار لنفسه مصحة في اطراف مدينة فينا، ليلفظ فيها اخر أنفاسه، كان ذلك عام 1924، مات وحيدا بعد ان رسم لنا صورة قاتمة لعالم محزن كانت فيه المحاكمات العبثية نموذجا يحكم العديد من بلدان العالم، فيما يخضع جوزيف.ك بطل القصر لعملية "غسيل دماغ"، لقد استغرق الأمر منه سنوات حتى فهم معنى العبث الذي يصر البعض ان يفرضه على الناس.
بالأمس تذكرت رواية كافكا الشهيرة "المحاكمة" وانا اقرأ الخبر المثير للجدل الذي يقول ان محكمة الرصافة، اعتبرت مواقع التواصل الاجتماعي من وسائل الإعلام المُشار إليها في قانون العقوبات، والتي ترتّب على من يقذف ويسبّ عبر تعليقاته الشخصية به، إجراءات عقابية، وفقاً لقانون العقوبات النافذ".
في "القصر " يحاول بطل فرانز كافكا أن يُعلّم أهل المدينة أن حقوق الإنسان مسألة تستحق أن يُقاتَل من أجلها، وأن قوانين القصر ليست منزلة من السماء، يحاول أن يفتح أعينهم على أن "الذين يرتعدون مع كل دَقّة على الباب، لا يمكن أن يروا الأشياء على حقيقتها"، الشعوب من دون حريّة لا يعود لها وجود.. ولهذا تحاول الحكومات الشمولية ان تنوع المحظورات وتتنافس في سن قوانين خاصة بها.
كما أن هناك "متفلسفون" في السياسة، يوجد أيضاً "متفلسفون" في القانون للأسف، وكما يوجد مغرضون في الخطاب السياسي، هناك بالقدر نفسه من يحاول ان يجعل من القضاء للأسف طريقاً لقهر قيم الديمقراطية والليبرالية. وكما واجهنا بكل أشكال الإدانة هؤلاء الذين افسدوا في مؤسسات الدولة، فإن الواجب يقتضي التعبير عن الاستنكار لمثل هكذا قرارات تحاول الإطاحة بقيمة الحرية.
يكتب الكواكبي في طبائع الاستبداد "المستبد إنسان، والانسان اكثر ما يألف الغنم والكلاب، فالمستبد يريد ان تكون رعيته كالغنم ذلا وطاعة وكالكلاب تذللا وتملقا" ويمضي اكثر دقة حين يقول " الاستبداد صفة الحكومة المطلقة العنان، التي تتصرف في شؤون الناس بلا خشية حساب وعقاب محققين".
الافكار هي التي اسقطت تمثال صدام حسين، وهي التي تخلصت من اخر ذكرى للجنرال فرانكو.. يربح الطغاة الحروب لكنهم يخسرون معركة الحياة، حروب التاريخ يربحها الاحرار وذوو النوايا الحسنة.
ياسادة هذه ليست معركة من اجل حماية عدد من المفسدين وناهبي المال العام. هذه الحرب الكبرى من أجل بناء دولة ديمقراطية تؤمن بشرعية الحياة والتنوع. وهي حرب يجب ان نخوضها للنهاية من اجل كشف المزيفين وسراق الحياة. يا سادة من يحتاج إلى حماية حقيقية الآن هم شباب العراق، أو بالأحرى، شباب الفيسبوك، لا نهازي الفرص ومغتنمي السلطة.
في مدينة كافكا نعيش مع ساسة يحولون الحق إلى ضلالة والحياة إلى جحيم يكتوي بنارها معظم الناس، كم مثير للاشمئزاز إن الساسة الذين كانوا يطالبون بالحرية نراهم اليوم يمارسون الوحشية والاستبداد التي مارسها صدام وأبناؤه ومقربوه من قبل، في القصر الكافكوي تغيب العدالة وتصبح الديمقراطية مجرد واجهة لسرقة احلام الناس ومستقبلهم، لتتحول إلى شعارات وخطب يلقيها علينا صباح كل يوم مجموعة من مزوري الديمقراطية وأصحاب الصوت العالي والصاخب.
في نهاية رواية المحاكمة يعلمنا بطلها جوزيف.ك أن هناك وسيلة واحدة للخلاص، فقط هي قول "لا".
واعتقد هي الوسيلة الوحيدة لان يقول سكان جمهورية الفيسبوك لا لمثل هذه القرارات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

العمودالثامن: 21 عاماً في محبة المدى

 علي حسين إسمحوا لصاحب هذا العمود أن يحتفل مع زملائه بدخول العام الحادي والعشرين لصحيفة (المدى)، وأن يعترف علنًا أنه لم يكن يعرف قواعد اللعبة الديمقراطية جيدًا، ولا يفهم أنظمتها الجديدة التي تشكلت...
علي حسين

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين

الـ (المدى).. رعاية استثنائية للثقافة العراقية

فاضل ثامر عندما بدأت جريدة المدى في الصدور، بعد الاحتلال وتحديدا في 5/8/2003، كنت ضمن كادر محرريها المحدود، حيث اتخذت لها مقراً متواضعاً في شارع فلسطين.. وبقيت أعمل في الجريدة تحت إشراف رئيس تحريرها...
فاضل ثامر

الـ (المدى).. أيقونة الصحافة العراقية

د.قاسم حسين صالح اوجع مفارقة بتاريخ العراقيين هي تلك التي حصلت في التاسع من نيسان 2003،ففيه كانوا قد حلموا بالافراح بنهاية الطغيان، فاذا به يتحول الى بوابة للفواجع والأحزان.فللمرة الأولى في تاريخهم يفرح العراقيون...
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram