يمكن لكلمة " بَيوْباب baobab " أن تشير أيضاً، بالنسبة لغير المهووسين بجمع النباتات، إلى فصيلة نادرة من الرئيسات أو إلى نوع من البكتريا يعيش على حواف رموش العيون. لكن المصطلح ، بالنسبة لأولئك الضليعين في عالم الأشجار القديمة، يشير على نحوٍ مميز بالأحر
يمكن لكلمة " بَيوْباب baobab " أن تشير أيضاً، بالنسبة لغير المهووسين بجمع النباتات، إلى فصيلة نادرة من الرئيسات أو إلى نوع من البكتريا يعيش على حواف رموش العيون. لكن المصطلح ، بالنسبة لأولئك الضليعين في عالم الأشجار القديمة، يشير على نحوٍ مميز بالأحرى إلى جنس خاص من الحياة النباتية معروف في جزيرة مدغشقر، و قارة أفريقيا، و شبه الجزيرة العربية، و استراليا. و البَيوْباب، المعروفة أيضاً بشجرة الحياة، " هي الاسم الشائع بالنسبة للأدانسونيا Adansonia، و هي مجموعة من ستة أنواع من الشجر؛ و تمثّل تضخمات برية في الجذع و الأوراق تشبه جميعاً أغطية رؤوس قناني، و مظلات، و قوى حياة غريبة، كما تقول كاثرين بروكس في مقالها عن المصورة الفوتوغرافية الأميركية بيث مون.
و قد كرست مون نفسها كنوع من التوثيق لأشجار البَيوباب هذه. و تنشر في كتابها المعنوَن ( أشجار عتيقة : صور الزمن Ancient Trees: Portraits of Time)، عدداً من الصور المذهلة لنباتات ناتئة تصل إلى السماوات و الأفق. و مع أنها تلتقط صوراً فوتوغرافية لأنواع أخرى من الأشجار القديمة مثل السكوايا و الطقسوس أو الوزرنب، فإن أشجارها هذه، أي البَيوباب، التي يمكنها أن تعيش آلاف السنين، تقف منفردةً لوحدها.
و تستخدم مون ثلاثة معايير في اختيار مواضيعها الفوتوغرافية : العمر، الحجم، و التاريخ. و هي تنتفع من كتب التاريخ، و مراجع علم النبات، و سجلات الشجر، و مقالات الصحف، لتتتبّع حال الأشجار الناجية المستمرة في البقاء القائمة على سفوح الجبال، و الممتلكات الخاصة، و الأراضي المحمية. و بعض الأنواع لا توجد إلا في مناطق قليلة حول العالم، و البَيوباب واحدة منها، و الثوابت القديمة المعرضة للخطر منها موجودة على الأغلب في جزيرة مدغشقر.
و صور مون الفوتوغرافية تبدو نفسها قديمة هي الأخرى. فهي تستخدم طباعة البلاتين و البالاديوم، و عملية الفنتاج الفوتوغرافية التي تأمل في أن تجعلها تتكلم "عن استمرار بقاء ليس فقط الإنسان و الطبيعة، بل و بقاء التصوير الفوتوغرافي أيضاً ". فهي تقوم، لكل طبعة من الصور، بمزج معدني البلاتين و البالاديوم الأساسيين مع أوكسيد الحديد، لتكوّن محلولاً يُطلى باليد على الورق و يُعرَّض للضوء. فيصبح المعدنان جزءاً من الورق، و يمكن للطبعات أن تستمر لقرون نتيجة لذلك. و العملية كلها، وفقاً لمون، ترداد لصدى ارتباطها العميق بالأشجار التي تصورها فوتوغرافياً.
" أعتقد بأن هذه الأشجار التي تمثّل رمزاً، بوقوفها مثل أوابد الأرض الحية الكبرى، سوف تكون لها أهمية أعظم، خاصةً في الوقت الذي يكون تركيزنا فيه موجها إلى العثور على أفضل الطرق للعيش مع البيئة، و نحن نحتفي بعجائب الطبيعة التي ظلت حيةً على امتداد القرون "، كما جاء في بيان فني لها، مضيفةً إلى ذلك : " و نحن، بشعورنا على نحوٍ أكبر بالزمن، و بتطوير العلاقةٍ مع العالم الطبيعي، نحمل ذلك الوعي معنا حين يصبح جزءاً من تكويننا. و لا يمكنني أن أتصور طريقة لتخليد ذكرى حيَوَات الأشجار الأكثر دراماتيكيةً في العالم، و التي يتعرض الكثير منها للتدمير، أفضل من القيام بعرض صورها المعبّرة ".