كاظم الجماسي ينبغي أن نشير إلى أننا في (مكاشفة) سابقة كنا قد تناولنا ما للقطاع الخاص من دور حاسم في الارتقاء الاقتصادي والحضاري في حياة الشعوب ومنها شعبنا، واستعرضنا،بمسحة تاريخية سريعة، تطور دوره وانتعاشه ومن ثم كبوته التي مازالت مخيمة على اقتصادنا حتى الساعة،
غير أننا لم نتناول قضية وثيقة الصلة بالنشاط الاقتصادي للقطاع الخاص ألا وهي آلية الضمان الاجتماعي الذي شكل مطلبا مهنيا يكاد يكون محوريا، كما ان للعراق تاريخاً طويلاً وغنياً في ميدان النضال النقابي لاكتساب الحقوق المهضومة للشرائح الأوسع في جسم المجتمع العراقي، وهي غالبا الطبقات العاملة والفلاحية بمختلف مستوياتها والمنضوية تحت مسمى (الأجير). ولعل قانون الضمان الاجتماعي مكسب ظلت تتباهى الحركة النقابية العراقية بتحقيقه منذ وقت مبكر، حتى في ظروف أكثر حلكة وظلامية واستبدادا.. اليوم وفي مسعى لاستثمار المنشآت الصناعية العامة من قبل القطاع الخاص ومن باب الخصخصة، يغيب وبنحو شبه تام حق الطبقة العاملة في حصولها على أضيق حدود الضمان الاجتماعي. على الرغم من وجود مسميات رسمية تعنى بهذه الموضوعة الإنسانية البالغة الأهمية، غير ان فاعليتها على ارض الواقع تكاد تكون شبه معدومة، في شروط عمل تبلغ من القسوة ان الغالبية العظمى من ارباب العمل يمارسون اليوم دوري الخصم والحكم بالنسبة لتلك الشرائح التى ما انفكت تتلقى الكثير من الغبن والإجحاف الحقوقي والإنساني. اليوم نشهد حركة أعمار واستثمار ناهضة، ومن الطبيعي ان تقوم مشاريع متعددة بمهمة تحقيق تلك الحركة الاعمارية والاستثمارية على ارض الواقع، ما يستدعي استخدامها عدداً كبيراً من الأيدي العاملة سواء كانت فنية اوما يطلق عليها غير ماهرة، هذا فضلا عن عدد ضخم من الأيدي العاملة التي أمضت جل سني عمرها في العمل ضمن مشاريع القطاع الخاص، وعلى الرغم من اننا نقرأ بين آونة وأخرى على صفحات الأخبار المحلية ان لجانا من دائرة العمل والشؤون الاجتماعية تقوم بمسح مشاريع القطاع الخاص من اجل تسجيل منتسبيها في سجلات الضمان الاجتماعي غير ان مايردنا وما نقرؤه ايضا من اخبار محلية عن التسريح الكيفي لاعداد كبيرة من الاجراء سواء من يشتغل منهم في القطاع الخاص او من المحسوبين على نظام العقود، يعيد الى اذهاننا مافعلته الانظمة الرأسمالية العتيدة في وجهها المعتم ولم تزل تفعله بشأن الامتهان القاسي لكرامة الإنسان، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عن نتائج الخصصة ومصير الضمان الاجتماعي للشرائح الأكثر مظلومية من شعبنا المكابد الصابر. ونظرا لما سبق ذكره يستشعر المواطنون الحاجة الماسة لتفعيل قانون الضمان الاجتماعي قبل غيره من القوانين التي شرعت ولا توازي في أهميتها وحجم ما تشمله من فئات الشعب العراقي، فضلا عن تمتين الشعور الحقيقي بالانتماء للمواطنة، كي لا تأتي اللحظة التي يلعن فيها العراقي اليوم الذي صار فيه عراقيا..
مكاشفة: ضمان المواطنة
نشر في: 18 ديسمبر, 2009: 04:33 م