أيعقل أن يخرج علينا مسؤول محلي ليقول إن الاحتفال بعيد الحب ممنوع، وان مجلس المحافظة سيخوّل، السلطات الأمنية بمكافحة مظاهر الاحتفال بيوم "الحب"، ستتهمونني بالافتراء على مسؤولينا الأعزاء..وإنني أتجنى عليهم، ولكن صدقوني هذا ما قاله عضو مجلس محافظة النجف هاشم الكرعاوي، في تصريح للمدى نشر في عدد يوم الأربعاء الماضي.. لماذا يا سيد تحرم الناس من ان يحتفلوا على محبة الخير والفرح والحياة.. يقول السيد الكرعاوي " في العام الماضي حصل رقص في الشارع و أغانٍ وتشغيل المذياع بصوت عال ".
ثم يختتم ان "ان مجلس المحافظة يؤيد حرية الرأي والتعبير وممارسة الحريات العامة بشرط ان لا تتنافى مع قدسية المحافظة".
طبعا لا أريد أن أعلق على حرية الرأي والتعبير التي تؤمن بها مجالس المحافظات، فقد اكتوينا بنارها اكثر من عشر سنين عجاف.. أما كوميديا ممارسة الحريات فأعتقد أن حرية التعبير التي كفلها الدستور في طريقها إلى العدم على يد مسؤولي "الشفافية ".. ولأننا نعيش اليوم أجواء عيد الحب الذي لا يريد السيد الكرعاوي ومعه بعض مجالس المحافظات للعراقيين أن ينعموا بيوم من الصفاء والوئام.. فقد تذكرت ما كتبه الفقيه والشاعر أبو الطيب بن يحيى الوشّاء حين سُئل عن الحب فقال: "قلّة النوم وإدمان الفكر وإظهار الخشوع وإعلان الحنين"، وهو التعبير الذي استمده شاعر فرنسا الكبير أراغون الذي كتب لمحبوبته إلزا " إنهم لا يصدقون قولي عن الحب برغم هذا الذي أُعانيه ".. وحين عصفت الأهواء بالإمام ابن حزم خرج علينا بكتاب " طوق الحمامة " سطّر فيه أحوال المحبين لم يعرف مثله كتاب في أحوال العشاق، رقة وعذوبة، وصراحة.. وفيه يقول: للحب علامات يقفوها الفطن، ويهتدي إليها الذكي. فأولها إدمان النظر، والعين باب النفس، وهي المنقبة عن سرائرها، والمعبرة لضمائرها والمعربة عن بواطنها. فترى الناظر لا يطرف، يتنقل بتنقل المحبوب وينزوي بانزوائه، ويميل حيث مال كالحرباء مع الشمس. وفي ذلك أقول شعراً، منه:
فليس لعيني عند غيرك موقف
كأنك ما يحكون من حجر البهت
أصرفها حيث انصرفت وكيفما
تقلبت كالمنعوت في النحو والنعت
وأن الحب دفع بعالم ونقيب للطالبيين مثل الشريف الرضي ان يسطر لنا قصائد قال عنها زكي مبارك: انها اعظم موسوعة في الغزل كتبت في تاريخ العربية
ومن العجب أن الشريف الرضي جامع موسوعة نهج البلاغة يكتب عن الحب والمحبين بأبيات لم يتحرج فيها، ولم يقل لنا مثل " روزخونيو " مجالس المحافظات إن الحب حرام وبدعة.. وإنما قال لنا في سطور لم يكتب أرق وأجمل منها:
وكنت أظن الشوق للبعد وحده
ولم أدر أن الشوق للبعد والقرب
خلا منك طرفي , وامتلأ خاطري
كأنك من عيني نقلت إلى قلبي
وقديما قالوا إن الجنون فنون والعشق فن من فنونه واحتجوا بما حصل مع أبي الطيب المتنبي الذي هام عشقا بخولة أخت سيف الدولة الحمداني:
وعذلتُ أهل العشق حتى ذقتهُ.. فعجبت كيف يموتُ من لا يعشقُ
في النهاية أتمنى أن نخرج جميعا الى ساحات الوطن لنحتفل بعيد حبّ العراق.. ولتذهب إلى الجحيم كل فتاوى مجالس المحافظات ووصايا مسؤوليها، فنحن بدون المحبة والخير والالفة سنعيش حتما في عتمة وتصحّر مع مسؤولين مصرّين على أن يورثونا الخراب والجهل والكراهية والطائفية.
جميع التعليقات 4
عراقي
الاخ الفاضل علي حسين المحترم من الؤسف أن البعض من مسؤولينا يمنعون نغمات واحلام المحبة والخير .. أنهم عندما يتصرفون هكذا يريدونا أن نعزز الكراهية بيننا بدل الحب والمحبة ،لقد كان العراق سابقا قبلة ود ،لإتنام أنديتها مَرَحا ،ولاتسمع فيها دعوة الام سالما أن
طارق الجبوري
مثل هؤلاء ممن يعادون كل ما له علاقة بالحب ويرسخون قيم الكراهيةوالانتقام لايصلحون لاي موقع .. لااعرف الكرعاوي مثالك ولكن الم نقرأ ونتعلم ان الاسلام حب ومن لايعرفه لايعرف الله حقاً .. لك تحياتي على جرأة الطرح وموضوعيته
عراقي
الاخ الفاضل علي حسين المحترم من الؤسف أن البعض من مسؤولينا يمنعون نغمات واحلام المحبة والخير .. أنهم عندما يتصرفون هكذا يريدونا أن نعزز الكراهية بيننا بدل الحب والمحبة ،لقد كان العراق سابقا قبلة ود ،لإتنام أنديتها مَرَحا ،ولاتسمع فيها دعوة الام سالما أن
طارق الجبوري
مثل هؤلاء ممن يعادون كل ما له علاقة بالحب ويرسخون قيم الكراهيةوالانتقام لايصلحون لاي موقع .. لااعرف الكرعاوي مثالك ولكن الم نقرأ ونتعلم ان الاسلام حب ومن لايعرفه لايعرف الله حقاً .. لك تحياتي على جرأة الطرح وموضوعيته