لحد قريب كانت التقارير العسكرية، ومنها أجنبية، تؤكد ان الدواعش فقدوا زمام المبادرة ولاذوا بالدفاع وما عادت لهم قدرة على شن هجوم. فما الذي حدث لنراهم من جديد يحاصرون العائلات ويختطفون الشباب ويحتلون مدنا وقرى جديدة؟ سؤال لا بد ان يجيب عليه القائد العام للقوات المسلحة بصراحة وجرأة. نريده ان يقول لنا ما الذي ينقصنا. وما الذي عند الدواعش وليس عندنا. نحن دولة يا حضرة القائد وهم عصابة، أليس كذلك؟ قد أجد أكثر من جواب لقدرة الدواعش في اللعب شاطي باطي بسوريا لأنها لم تعد دولة وجيشها منقسم على نفسه. زين إحنه شبينه؟ ماذا يعني ان يحاصر الدواعش من جديد 500 عائلة في البغدادي غرب الرمادي؟ أما أخذنا العبرة من سنجار ومن جرحها الذي ما زال ينزف ودمه لم يجف؟
واضح ان هناك خللا كبيرا فينا. قد لا يكون عسكريا أبدا. انها ثغرة قاتلة ربما شخّصها الدواعش ولعبوا عليها. أما نحن فقد نعرفها لكن عطبا ما في بنية دولتنا، او ربما في عقولنا، هو الذي يمنعنا من تشخيصها وردمها. او أننا نعرفها ولا نمتلك الشجاعة للاعتراف بها.
ما أصعب الكتابة على كاتب يكون فيه بوضع مثل بلاّع الموس. اعترف لكم جميعا إني هنا لا أستطيع القول ان بغلتي ببريجي مع علمي انها فيه.
يا جماعة الخير، مذ كنا نتغذى على أثداء امهاتنا سمعنا ان السفينة إذا كثر ملاحوها تغرق. فما الذي سيحل بها لو كثر الذين يقودونها وهم ليسوا بملاحين ولا بطيخ؟
ما من امة منعها الخوف او الحياء من الاعتراف بخطئها الا وضاعت بين الرجلين. تصفحوا التاريخ واحسبوا عدد الأمم التي عاندت فاندثرت. وعلى العكس مروا على التي اكتشفت العلّة التي فيها فنهضت بعد ان سقطت. فاليابان التي ترونها مزدهرة اليوم، ما كان لها ان تزدهر لولا انها اعترفت بأنها هي التي تتحمل كارثة هيروشيما أولا بفعل رعونتها، فاتخذت منها درسا وعبرة لتتجاوز أخطائها. وهكذا نجدها بدلا من ان تظل تنوح وتكن العداء الأبدي لأمريكا التي ضربتها بالذرية، صارت اليابان اليوم من أهم حلفائها.
ضاعت الموصل وسكتنا. وتبعتها مجزرة سبايكر ثم سنجار وبلعناها. وراحت تكريت وتقطعت اوصال الرمادي وديالى، ومع هذا لا محكمة نصبت ولا مقصر نال جزاءه ولا أحد خرج علينا بسبب.
زين، والتالي؟