كم هو مرعب ان يداهمنا الموت بلا سبب. والأكثر رعبا أن تتعدد الأسباب. هكذا كنت أحاور قلبي وأحث ذاكرتي وانا أقرأ نعي العزيزة الشاعرة آمال الزهاوي. التي ذكر إنها ماتت مرة بسبب المرض، وأقول: إنها ماتت قبلها الف مرة بسبب غصة الإهمال والتجاهل، ومذاق يأس مر، مرير.
……..
في أواخر سنوات ( الستينات)، يوم كان الفجر في قاموسي بلون قيمر الإفطار. والمساء بطعم (الشوكولاتة)، تقرر تأميم الصحف المملوكة للأفراد — جريدة المنار أكثرها سطوعا في الذاكرة— وتنسيب العاملين فيها للصحف التي تقرر إصدارها عبر ما اصطلح على تسميته (المؤسسة العامة للصحافة والنشر ) …. حينها تم توزيع الصحفيين - دون استشارتهم - كطشار حلوى الواهلية، على الصحف والمجلات المستحدثة والوليدة.
كان نصيبي في ذاك الطشار، أن يدرج اسمي ضمن العاملين في جريدة المواطن، ومجلة الف باء حديثة الولادة. وكان قدري آن التقي امال الزهاوي -فيما بعد - هناك… حيث تقرر ان نتشاطر غرفة صغيرة بمنضدتين متلاصقتين وبضع كراسي، نصف عمر ! وهناك قدر لي ان اتعرف على إنسانة مرهفة الحس، انيقة المظهر، نقية الجوهر، مترفعة عن المناكفات الصبيانية التي كانت تقوم بين هذا وذاك، او بين هذي وتلك.
أمد يدي في جيوب ذاكرتي لكي أكتب عن آمال، وأفزع، فالذاكرة خوانة. اهرع لصندوق الصور. الصور اكثر صدقا من الأحاديث، الصور لا تداجي ولا تداهن ولا تدعي، آستل صورة عمرها جاوز الأربعين سنة وما زالت في شرخ الصبا ::: هذي آمال الزهاوي ملء إهابها الثقة بالنفس و بعراق المستقبل، بقربها ثامر الفلاحي، على يمينها ابتسام عبد الله، بقربها سلام خياط بقربها جبار الشطب، يبدو في الصورة-واقفا- فاضل العزاوي وزيد الفلاحي ، والفنان بسام فرج، يليه صادق الصائغ، يليه حسين مردان يليه زهير القيسي، يليه يوسف الصائغ. يليه جاسم الزبيدي، فالمحاسب.
على أرواح الراحلين صلاة،، وللأحياء رغد العيش وطول العمر.………………………..
أمال … عليك هطول أمطار الرحمة،، هلا تريثت قليلا، لتري - ولو في الحلم - صحوة رجال الثقافة يتبارون في طبع أعمالك الشعرية وتوزيعها - مجانا - على المسؤولين و طلبة المدارس والجامعات، علهم يتلمسوا جذوة النار في الوردة، وشهقة الوردة في أتون الموت.
الحمامة خارج قضبان القفص
[post-views]
نشر في: 15 فبراير, 2015: 05:24 ص
جميع التعليقات 2
ابو اثير
نخلة عراقية تموت وهي واقفة كغبرها من النخلات التي ماتت ببرود دون أن يلتفت اليها المارون الى المجهول من طبقات الشعب العراقي ولو أنهم تطلعوا الى هذه القامات الواقفة قبل موتها لما وصل حالهم الى ما وصلوا اليه من حال لايسر الصديق ولا العدو ... رحم الله الفقيدة
ابو اثير
نخلة عراقية تموت وهي واقفة كغبرها من النخلات التي ماتت ببرود دون أن يلتفت اليها المارون الى المجهول من طبقات الشعب العراقي ولو أنهم تطلعوا الى هذه القامات الواقفة قبل موتها لما وصل حالهم الى ما وصلوا اليه من حال لايسر الصديق ولا العدو ... رحم الله الفقيدة