(1)
لم تستطع توسلات أمه أن تثني الجندي الأمريكي السابق إريك هارون عن عزمه على القتال مع الجيش السوري الحر لأنها جماعة خيرة وتحظى بدعم الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تنفع توسلات صديقته الإسبانية من إقناعه بالبقاء معها في بيروت، لكنه أجابها: "عليك أن تكسري البيضة لتطبخي العجة".
إصرار هارون على الذهاب إلى سوريا يخفي خلفه سيرة حياة مضطربة، فقد بدأ السرقة مبكراً وعنفته أمه عندما عثرت بحوزته على سكين، ثم اقتنى في مراهقته مسدساً، لينظم، بعدها، إلى الجيش الأمريكي ولكنه فشل، أيضاً كجندي، قبل أن يصاب في رأسه في حادث سيارة.
حاول الدخول إلى العراق عام 2005 عبر الكويت ليتابع أحوال أصدقائه القدامى في الجيش، لكن الكويتيين أعادوه بعد أن عثروا في حقيبته على بندقية.
سافر إلى لبنان لغرض الدراسة في الجامعة الأمريكية لكنه بدلاً من الدراسة كان يمضي أغلب وقته في الحانات مع السواح والرحالة الأجانب ويقدم نفسه على أنه لبناني!
سافر إلى غزة متعاطفاً مع الفلسطينيين، ليعود إلى أمريكا في تشرين الأول عام 2008 ليعتنق الإسلام، واحتفل فعلاً بإشهار إسلامه ولكن ليس في أحد المساجد وبين يدي إمام مسلم، بل في إحدى الحانات ليشرب حتى الثمالة!
رسم هارون على ذراعه كلمة (الله) باللون الأحمر رمزاً للدم الإسلامي المسفوح.
الصحافي نيكولاس شميدل، في تقرير مطول نشرته مجلة "نيويوركر" الأمريكية، أخيراً، يكشف السيرة المضطربة لهذا المغامر المضطرب فيقول: عندما أقام في أحد أحياء مصر الشعبية (قرب ميدان التحرير) كسرت يده أثناء المظاهرات فسجن مع طالب بريطاني وفي الزنزانة بدأ بتناول المخدرات التي أدمنها في ما بعد.
بعد خروجه من الاعتقال في مصر استدان مبلغ ألفي دولار من أحد أصدقائه ليعود إلى أمريكا، لكنه اشترى تذكرة سفر إلى إسطنبول!
من إسطنبول بلغ هارون، مع أحد أصدقائه، مدينة عينتاب الحدودية، ثم بلدة كلس وبعدها بلدة أعزاز التي تعرف فيها على ناشط سوري اسمه أبو كامل.
تسلم هارون بندقية كلاشنيكوف وبندقية قنص من جماعة مسلحة (لم يسمها التقرير لكنها "جبهة النصرة" كما ذكرت وسائل إعلام عديدة) وأخذوه معهم إلى إدلب. بعد عملية فاشلة ضد الجيش السوري النظامي عاد هارون مع المجموعة التي اصطحبته إلى بيت آمن وهناك جردوه من سلاحه وفتشوه مثل أسير حرب، لكن هؤلاء قبلوه في صفوفهم بعد أن أنقذ أحد الجرحى في المجموعة.
ظهر هارون في شريط فيديو وهو يهدد بشار الأسد شخصيا بالموت، وفي نهاية كانون الأول شارك هذا المغامر المضطرب في معركة قرب قاعدة الطبقة (السورية) لكنه نجا من الموت. وفي تسجيل له على هاتفه النقال قال: "أصبحت مطلوباً لأنني قتلت ضابطاً إيرانياً".
هل كان هارون يجهل أنه كان مطلوباً أصلاً بسبب وجوده مع مقاتلين ضد الجيش السوري، حتى قبل أن يقتل ذلك الضابط الإيراني؟
لم يطرح كاتب التقرير مثل هذا السؤال!
وهو مطلوب أمريكياً بتهمة المشاركة مع جماعة إرهابية خارج الولايات المتحدة جزاؤها السجن المؤبد، في حال ثبوتها.
كان هذا هو الوجه الأول في سيرة الجندي الأمريكي السابق إريك هارون، وهو جانب "عادي" يكشف تحركاته الشخصية والميدانية ومغامراته العسكرية، لكن الوجه الآخر له هو نشاطه المخابراتي واتصالاته بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي أي) ثم تقاريره إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) وهو ما سيأتي في (حرف علة) الأسبوع المقبل.
من سيرة الجندي الأمريكي السابق إريك هارون
[post-views]
نشر في: 16 فبراير, 2015: 04:49 ص