لا يعلو اليوم أي حديث عن الساحة العراقية بقدر الموازنة العامة للبلاد التي صامت كثيراً وولدت متقشفة كنتيجة حتمية لتراجع أسعار النفط بحدة وهو المورد الأكبر والأهم للبلاد ومع التقشف والضغط لجميع مفاصل الدولة ومؤسساتها الذي كان اجبارياً فقد انسحب التقشف ايضاً الى الميزانية الرياضية عبر جميع المؤسسات التي تتبنى العمل الرياضي ورعايته من وزارة الشباب واللجنة الأولمبية والبارألمبية ايضاً.
وقد عبّر وزير الشباب والرياضة عن الآلية الجديدة في ضغط الإنفاق الحكومي على الرياضة وما يتعلق بها من مشاريع البنى التحتية الكثيرة التي تأثرت فعلاً بالميزانية الى الانسحاب رسمياً عن طلب تضييف دورة الخليج في البصرة كأمر واقع ولا يمكن مناقشته طالما كانت الأرصدة المخصصة لم تعد كافية لإكمال المشاريع أو تضييف البطولات وقد انسحب الحال على الأولمبية ايضاً التي تبدو في حيرة من أمرها لأجل التخطيط في عملها مع الاتحادات التابعة لها وما ستؤثر عليه الضغوطات من تحديد المشاركات الخارجية التي تستهلك الميزانية لكثرة النفقات التي تتعلق بها من السفر الى الإقامة وغيرها من رسوم الاشتراك والمعسكرات ، وهنا لابد للاتحادات الرياضية ان تعيد رسم جداولها الخاصة بهذه المشاركات بكل وضوح وتحدد بدقة حجم المشاركة المجدية وتلغي مبدأ المشاركة من اجل المشاركة كأفضل وسيلة لعلاج التقشف في هذا العام على اقل تقدير وما اكثر هذه المشاركات غير المجدية لاتحادات كثيرة ورب ضارة نافعة حيث من الممكن ان تستثمر الاتحادات آلية جديدة في العمل الاستثماري والتوصل الى منافذ جديدة توفر لها بعض الأموال من دون الاعتماد على الميزانية المركزية التي تقرّها الدولة ومن الممكن ايضاً ان يكون التركيز اكثر واكبر في الخطة السنوية على البطولات المحلية والتعامل مع الفئات العمرية للتطوير والنهوض بواقع الالعاب التي وصلت الى مراحل متأخرة جداً في اكثر من لعبة جماعية وفردية وهي اقل دخلاً في الانفاق من بطولة دولية تكون مشاركتنا فيها أو عدم المشاركة متشابهة الى حدود بعيدة وقد سبقتنا بهذه التجربة دول كثيرة ومنها على سبيل المثال أوزبكستان.
فقد أخبرني قبل نحو عامين المشرف على فرق العاب الساحة والميدان اثناء بطولة آسيا للشباب في سريلانكا وبعد ان حصدت فرق الشابات والشباب العديد من الميداليات الملونة ان السبب وراء تطور العاب القوى لديهم هو المنافسة الكبيرة وكثرة البطولات المحلية التي تخص المدارس والجامعات التي أثمرت عن ولادة مواهب وصلت الى الإنجاز الأولمبي ولم تكن نفقاتهم كبيرة على العكس تماماً فقد كانت الدولة لديهم ترزح تحت ضغوطات مالية هائلة كانت السبب في فتح منافذ الاستثمار الدعائي والرعاية الخاصة وادخال منافذ الإعلام في البطولات وجاءت النتائج مذهلة في العاب القوى والمصارعة ورفع الأثقال وكرة السلة والكرة الطائرة وغيرها.
الحقيقة إننا كإعلام رياضي عندما نتابع ونتعامل مع المؤسسات الرياضية نرى ونحس حجم معاناتهم اليوم والزاوية الضيقة التي وضعوا فيها وليس من منفذ في الأفق لتلافي تداعياتها قريباً ولكن من مسؤوليتنا أن نذكـِّر ونبحث لكي تسير عجلة الرياضة العراقية بلا توقف وتصل الى خارطة جديدة تتعامل فيها مع الوضع باستيعاب وعقلانية تستثمر الوقت والجهد وما متوفر من دعم وإن كان بسيطاً وكلنا أمل في ان تكون جميع المؤسسات الرياضية على قدر المسؤولية في التعاطي مع الأزمة التي ستكون مؤقتة حتماً ومفيدة بجميع الظروف والأحوال.
وعلينا أن نتذكر أن من بين البلدان الفقيرة التي تقع تحت خط الفقر تمكنت هذه البلدان من كسب الذهب الأولمبي وخلـَّدت وجودها في كل بطولة بإنجاز لا يمكن الوصول اليه بمشاركات هامشية غير مجدية.
صدى التقشف الرياضي
[post-views]
نشر في: 16 فبراير, 2015: 05:15 ص