بعد حل الجيش العراقي اثر سقوط النظام السابق ، لم يتخيل ذلك الضابط الذي عاند الموت عدة مرات وافلت منه في عدة حروب أن يتحول الى رجل عاطل عن العمل او (كاسب )..كان يراقب الشارع العراقي بحسرة من يريد ان يقدم شيئا ليخدم وطنه ...بكى حين شاهد كيف (فرهد) العراقيون مخازن الدولة وقصور الرئاسة واعتبر ذلك قصورا في حق الوطن وخيانة لحبه فمن يحب أحدا لابد ان يناضل في سبيل الحفاظ عليه.. وكم من مرة دخل عليه أحد افراد عائلته ليجدونه يمشي المشية العسكرية ويأمر الجنود وكأنه في ساحة التدريب لدرجة انهم توقعوا ان يصيبه مس من جنون العسكرية يوما اذا لم يمارس مهنته من جديد او ينساها تماما ..
ما أن صدر قرار بتشكيل الجيش العراقي الجديد وقوات الحرس الوطني ودعوة الضباط السابقين للعودة الى وظائفهم حتى عاد سرا وكان سعيدا بارتداء البدلة العسكرية حتى ولو كان ذلك في وحدته العسكرية فقط وبعيدا عن أعين رجال تنظيم القاعدة الذين كانوا يتصيدون الرجال الشرفاء والناس الابرياء ...لم يكن يعرف بخبر عودته غير نفر قليل من أقاربه لكن (كلام النسوان ) و(أكلج ولا تكولين..) أوصل عبارة (فلان عاد للجيش) بسرعة الى اسماع رجال التنظيم فقاموا باختطافه وهو يحمل مسدسه في جيبه ووضعوه في صندوق السيارة واقتادوه الى جهة مجهولة ..يس اهله من العثور عليه وبلغتهم أنباء متضاربة عن مقتله مباشرة بعد اخراجه من صندوق السيارة لأنه لم يحتمل اقتياده بهذا الشكل المهين كالحملان فقرر أن يقتل من يجده أمامه موقنا بأنهم سيقتلونه لكنه سيموت شجاعا على الاقل ..
بعض الانباء قالت انه لم يتمكن من مواجهتهم وانهم عذبوه ثم قتلوه وبعضهم قال انهم اوثقوه بالاحجار ورموه في النهر ..
المهم انه اصبح في عداد القتلى –الشهداء- رغم عدم عثور اهله حتى الآن على جثته واكتفائهم بتبليغ رجال التنظيم لهم انه تم التنفيذ به !!!
هو واحد من مئات الرجال الشرفاء والابرياء الذين رحلوا بهذا الشكل الغادر واستحقوا عبارة (حادث غادر وجبان ) بجدارة لانهم فعلا ضحية ثمينة للغدر والجبن ...اغلبهم حاول أن يبني ويرمم ويصلح اخطاء الماضي فبرزت له عشرات الايدي التي تحطم وتدمر وتغتال الأمل مع الارواح الشريفة والمخلصة ..
في بلدي ، صار الغدر سمة غالبة والسلاح لعبة يتسلى بها معدومو الضمائر والمرتزقة وصار حب الوطن والاخلاص له تهمة يستحق صاحبها ان يزاح عن الطريق وببساطة تامة ليسير عليه القتلة ..لم يعد تنظيم القاعدة او داعش اعداء الحياة فحسب بل كل من يعطي الامر او يحمل السلاح ليقتل الابرياء والمخلصين..لابد اذن من سحب السلاح من الميليشيات لتقليص حجم القتل ولتصبح عبارة (حادث غادر وجبان) هدية من غريب جبل على القتل وليس من ابن البلد لاشقائه !!
حادث غادر وجبان
[post-views]
نشر في: 16 فبراير, 2015: 05:41 ص