TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > شوقي والادب الاوروبي

شوقي والادب الاوروبي

نشر في: 18 ديسمبر, 2009: 05:33 م

عبد الجبار داوود البصريفي عهد اسماعيل، وعلى عتبة بابه، ولد احمد شوقي سنة 1868م في نسبه كما يحدث هو عن نفسه يلتقي العرب بالترك بالجركس باليونان، وفي حي الحنفي بالقاهرة كانت نشأته الاولى، وحين ادرك سن التعلىم ادخلوه مدرسة الشيخ صالح ابي حديد، وجازها الى التعلىم الثانوي فالحقوق،
 ولكنه سرعان ما ترك دراسة الحقوق ليلتحق بقسم الترجمة الذي انشء بها، وحين انهى الدراسة به، سافر في بعثة الى فرنسا 1887م وكانت سنه اذ ذاك قد قاربت على العشرين متفتح الذهن، متوقد القلب والخاطر مستعدا للانتفاع بما سيلقاه هناك من توجيه ادبي، واعيا يمكن ان يفيد شعره الفتي من تلك البعثة. ففي مقدمة ديوانه الاول الذي قام على طبعه في مستهل هذا القرن يقول: "ثم طلبت العلم في اوروبا فوجدت فيها نور السبيل من اول يوم وعلمت اني مسؤول عن تلك الهبة التي يؤتيها الله ولا يؤتيها سواه، واني لا اؤدي شكرها حتى اشاطر الناس خيراتها التي تحمد لا تنفد، وان كنت اعتقد ان الاوهام اذا تمكنت من امة كانت لباغي ابادتها كالافعوان، لا يطاق لقاؤه، ويؤخذ من خلف باطراف البنان، جعلت ابعث بقصائد المديح من اوروبا مملوءة من جديد المعاني وحديث الاساليب، بقدر الامكان، الى ان رفعت الى الخديوي السابق قصيدتي التي اقول في مطلعها: خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرهن الثناء وكانت المدائح تنشر يومئذ في الجريدة الرسمية، وكان يحررها يومئذ استاذي الشيخ عبد الكريم سلمان، فدفعت القصيدة اليه وطلب منه ان يسقط الغزل وينشر المدح فود الشيخ لو اسقط المديح ونشر الغزل ثم كانت النتيجة ان القصيدة برمتها لم تنشر فلما بلغني الخبر لم يزدني علما بان احتراسي من المفاجأة بالشعر الجديد دفعة واحدة انما كان في محله وان الزلل معي اذا أنا استعجلت.. وفي باريس درس الحقوق والادب بالتفاتة من الخديوي، واتصل ببعض الكبار من الادباء الفرنسيين، وفي ذلك العهد، وغنى المسارح الكبرى، في مدينة الفن والنور، وراعه "لامارتين" فحاول ان يترجم قصيدة البحيرة الى العربية، كذلك اطلع شوقي على ما نظمه "لافونتين" من حكايات على السنة الحيوان والطير واعجب به، واعلن ذلك في كثير من المناسبات وقرر ان يكون لاطفالنا في الادب العربي مثل ما للاطفال في اداب الفرنسيين وغيرهم من قصائد ومقطوعات تلف "العبرة بالفكاهة ويختفي فيها الجد" وراء الهزل وفي باريس قرأ لفيكتور هيغو، ما كتب من شعر ونثر، وكان اسمه لا يزال مدويا وجنازته التي احاطها القوم بالتكريم اعظم التكريم، لاتزال حديث الناس هناك لان شوقي وصل الى باريس قبل اقل من عامين من وفاة شاعر فرنسا الكبير. وكانت كتبه وكتب شراحه ونقاده لا تزال تترى على سوق الكتب، والصحف لاتزال تتحدث عنه، بلهجة، دونها ما تتحدث به عن الاباطرة والملوك، وملأ ديوانه "اساطير العصور"نفس شوقي، حتى رووا انه كان يحفظه عن ظهر قلب وعاد من باريس سنة 1893 وهو مفعم النفس بآمال عريضة ان يكون له في نفوس قومه ما لفيكتور هيجو في نفوس الفرنسيين. والحق على اثر عودته بالقصر، فحبس ـ كما يقول نقاده ومؤرخون ـ في قفص من ذهب، وارسل شعره مدحا في الولاة والحكام، حتى اذا قامت الحرب العالمية الاولى وعزل عباس الثاني، فزع شوقي للامر فزعا شديدا، وتوسل بشعره الى معلني الحماية، مادحا وكأنه يرجو ان يشملوه بحمايتهم. يقول: الله ادركه بكم وبأمة كالمسلمين الاولين عقولا حلفاؤنا الاحرار الا انهم ارقى الشعوب عواطفا وميولا اعلى من الرومان ذكرا في الورى واعز سلطانا وامنع غيلا لما خلا وجه البلاد لسيفهم ساروا سماحا في البلاد عدولا وأتوا بكامبرها وشيخ ملوكها ملكا علىها صالحا مأمولا ومن الانصاف ان نقول ان شوقي لم ينفرد بمثل هذا المدح العجيب في الانكليز قال حافظا (رحمه الله) في الانكليز مثل ما قاله زميله حين اتوا بحسين كامل سلطانا على مصر: ووال القوم انهم كرام ميامين النقيبة حيث حلوا لهم ملك على التاميز ا ضحت ذراه على المعالي تستهل وليس كقومهم في الغرب قوم من الاخلاق قدنهلوا وعلوا فان صادقتهم صدقوك ودا وليس لهم اذا فتشت مثل وانا ناديتهم لباك منهم اساطيل واسياف تسل فماددهم حبال الود وانهض بنا فقيادنا للخير سهل ولم تنفع شفاعة الشعر لشوقي فنفاه الانكليز، وخيروه بين المنافي، فاختار اسبانيا منفى له، وبقي هناك حتى وضعت الحرب اوزارها فعاد الى مصر شيقا في اواخر سنة 1919. وبعد ذلك بقليل كانت صيحات الدعوة الى التجديد في الشعر قد تعالت وصارت جهرا، بعد ان ظلت همسا وخفوت قرابة عشر سنوات، نشرت خلالها دواوين "عبد الرحمن شكري" و "عباس محمود العقاد" و "ابراهيم عبد القادر المازني" وغيرهم ممن حملوا راية التجديد، ونشر خلالها كذلك الجزء الاول من ديوان "خليل مطران"، الذي يقول عنه شوقي "انه صاحب المنن على الادب، والمؤلف بين اسلوب الافرنج في نظم الشعر وبين نهج العرب". وكان شوقي عند عودته من منفاه صاحب تراث في الادب ضخم، يتمثل في شعر كثير قاله في امداح ذوي الوجاهة والسلطان ومراثيهم، وقاله في الاثار والتواريخ، من امثال قصيدته الكبرى التي اولها: همت الفلك واحتواها الماء وح

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram