TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > العلاقة بين شوقي والكاظمي

العلاقة بين شوقي والكاظمي

نشر في: 18 ديسمبر, 2009: 05:39 م

د. محسن غياضكان الكاظمي شاعرا فحسب فلم يكن يحسن مهنة ولا عملا ولم تكن له وظيفة ولا عقار يعيش من ورائها ولذلك فقد عاش طوال حياته فقيرا مدقعا حتى جاء وقت لم يملك فيه ثمن ما يشتريه من اللبن لصغيرته رباب فقد ساءت حالته كثيرا بعد ان توفي الاستاذ الامام ففقد الكاظمي به اكبر سند له في مصر.
 وقد تولى الامام شاعرنا برعايته وعطفه وكان يرسل له في آخر كل شهر مظروفا به عشرة جنيهات اعانة له وبقي هذا الامر سرا لايعرف به احد، ولما توفي الامام صرح به الكاظمي لهذا النفر من اصدقائه المقربين اليه كالشيخ عبدالقادر المغربي وسليم سركيس وقد اضطر الكاظمي بعد وفاة الشيخ محمد عبده الى استعطاف الخديوي عباس ليجعل له راتبا مقطوعا ووسط لذلك صديقه الشيخ على يوسف صاحب المؤيد ويروي المغربي انه راجع الشيخ على بهذا الشأن فاخبره انه استطاع اقناع الخديوي لتخصيص راتب للشيخ عبدالمحسن (الا ان بعض الناس دخل علىه بعد خروجي منه ولما علم بما قرره بشأن الكاظمي قال له: انسيت انه شاعر المفتي وقد قال فيه من الشعر كذا وعرّض فيك بكذا وكذا).. فتراجع الخديوي عن وعده ذاك ويقول الشيخ المغربي انه لما اخبر الكاظمي بذلك سأله: اتعرف من هو بعض الناس ولما اجاب المغربي بالنفي قال الكاظمي: هو احمد شوقي.. ونحن لانعتقد ذلك فلا يضير احمد شوقي ان يخصص الخديوي راتبا للكاظمي وانما هو ظن ظنه الكاظمي فحسب خاصة وان الشيخ على يوسف لم يذكر اسم ذلك الرجل الذي غير رأي الخديوي وانما قال انه بعض الناس ونحن لاندري من اين علم الشيخ على يوسف بما دار بين الخديوي وذلك الرجل وهو يذكر لنا انه غادر غرفة الخديويع قبل دخول ذلك الرجل علىه وفضلا عن ذلك فان الخديوي عباس كان يعلم كما يعلم الجميع بأن الكاظمي كان شاعر الاستاذ الامام واكبر مؤيديه فقد مدحه وقال فيه قصائد عدة نشرت في وقتها واشتهرت في البلاد فلم يكن الخديوي اذن يجهل ذلك فيذكره به احمد شوقي ونحن نعتقد ان الشيخ على يوسف فشل في مهمته تلك ولم يستطع اقناع الخديوي بما يريد فعز علىه ان يعترف بفشله ذاك فاختلق هذه القصة التي تؤكد نجاحه لولا دخول ذلك البعض من الناس والذي لم يذكر الشيخ على اسمه صراحة وانما تركه لغزا دون ايضاح مما جعل الكاظمي يظن انه احمد شوقي دون سواه وعلى كل حال فهو كما قلنا ظن لايصل مرتبة اليقين وليس للكاظمي حجة ولابرهان علىه. ونحن ننزه المرحوم شوقي عن ذلك ونرى انه لم يكن ليضره ان يخصص الخديوي راتبا للشيخ عبدالمحسن وهناك مقال نشرته الرسالة بقلم (الجاحظ) جاء فيه (وقص علىنا حافظ ابراهيم كيف جاء المرحوم عبدالمحسن الكاظمي الى مصر غريبا طريدا فاحب ان يكون له في رحاب الخديوي متسعا ولكن شوقي خشي منافسة الشاعر العراقي فسد علىه الباب وقطع علىه كل رجاء وكفر في هذا بأخوة الادب واخوة العرب وبالواجب نحو رجل شطت به الدار ووجد السيد عبدالمحسن في الاستاذ الامام حمى ولكن الحمام لم يمهل الاستاذ الامام وهناك تهدج صوت حافظ ودمعت عيناه ولم يستطع ان يتم الحديث.. واعتقد ان من الخير لنا ان لانتسرع بقبول هذا القول والجزم بصحته ونحن لانعتقد اولا بتوفر حسن النية عند حافظ وهو يتحدث عن شوقي ويجب الا ننزهه عن التحامل علىه خاصة وان حافظا لم يكن من محبي الكاظمي ولم يكن اكثر عطفا علىه من شوقي كما سنبين ذلك في الفصل القادم. وقد لايكون المرحوم شوقي من الذين يكثرون التردد على الكاظمي ومن الذين يحرصون على صداقته الاّ اننا لانعتقد انه كان كارها له الى الدرجة التي يسعى فيها الى محاربته في رزقه. وقد ذكر لنا المرحوم ابراهيم عبدالقادر المازني كيف ان احمد شوقي زار الكاظمي في بيته في احدى المرات وكان قد اشتد علىه المرض وكيف دس له تحت وسادته مظروفا فيه مبلغ من المال الا ان المرحوم الكاظمي رفض اخذه واصر على ذلك.. اما المرحوم احمد شوقي فلم تكن علاقته بالكاظمي وثيقة جدا ولا نحسبه كان من هؤلاء الذين يحرصون على صداقة الكاظمي وكسب وده، فقد كان في شوقي رحمه شيء من كبر وتعال، وهو من هو آنذاك شاعر البلاد الاول وصاحب الكلمة النافذة فلم يكن يكترث للكاظمي كثيرا وان كنا لانعتقد انه كان كارها له والذي نلاحظه هو ان الكاظمي حاول التقرب لشوقي وكسب صداقته الا ان هذه المحاولة لم تجد صدى كبيرا في نفس شوقي فكان ان اعتقد الكاظمي بأن شوقيا يناصبه العداء ويحمل له حسدا كبيرا ويخشى منافسته له. وكان ان حمله مسؤولية اخفاقه في نيل عطف الخديوي وكسب رضاه، متناسيا ان قصائده المشهورة في الاستاذ الامام كانت وحدها خليقة بأن تحدث نحوه فتورا كبيرا في نفس الخديوي فتبعده عما يأمله منه ومتناسيا المقال الذي كتبه شوقي في مدحه والثناء علىه والاعجاب بشاعريته في جريدة المؤيد. وقد ارسل الكاظمي قصيدة لاحمد شوقي يمدحه فيها ويشيد بشاعريته ونبوغه محاولا بذلك كسب صداقته ووده ومما قاله فيه: قدت القريض فاضحت قلوب قحطان جندك وقد تنبأت لما هزت يد الشعر مهدك غذاك رب بلاد غذّى اباك وجدك فذقت شعرك شهدا وذاق شعرك شهدك ورحت تكساه بردا وراح تكسوه بردك وجزت حد ظنوني وما تجاوزت حدك وعاد ياشاعر النيل شاعر النيل ندك لقد تبناك لكن اقصى اباك وجدك امر الفصاحة ابقى صك الامارة عندك ولما لم يجد الكاظمي صدى لقصيدته هذه في نفس شوقي و

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram