بموازاة السلاح المنفلت في الساحة العراقية، يبرز موقف آخر يكون في اغلب الأحيان ذا طابع انفعالي ، يصل الى مرحلة التلويح بالانسحاب من العملية السياسية ، وبتدخل الخيرين وعقلاء القوم تعود المياه الى مجاريها ، ويتم تدارك الموقف المنفلت ، وعلى هذا المستوى من "الانفلات" سارت العملية السياسية بالدفعات ، بتدخل خارجي او بالحرص على الاحتفاظ بالمكاسب والمواقع والمناصب.
إعلان تعليق المشاركة في جلسات مجلسي النواب والوزراء موقف ليس جديدا ، وبصرف النظر عن المطالب المشروعة التي تستدعي اتخاذ مثل هذا الموقف ، هناك بدائل متاحة وآليات بالإمكان اعتمادها لتنفيذ المطالب ، ومن يعتقد تحقيق أهدافه من خلال الدخول الى حلبة الزورخانة فمن الأفضل له ان يترك العمل السياسي ويعود الى مهنته الأصلية قبل ان يلتفت له القدر ويجعله زعيما لتنظيم سياسي يمتلك قاعدة شعبية واسعة .
نسخة العراق الديمقراطية اعتمدت التوافق في كل شيء ، ومن صعد الى عربة العملية السياسية عليه ان يترك قيادتها لأصحاب القرار ، ويكتفي بالاستمتاع بالرحلة ، وهي شاقة وتتطلب جهدا متواصلا لتشريع مشاريع قوانين تنظيم الحياة السياسية وتثبيت أسس دولة المؤسسات . والعراقيون سمعوا هذه الاسطوانة ، وجربوا الحبر البنفسجي ، فحصل أبو الألف صوت على مقعد في مجلس النواب ، والآخر حصد أكثر من خمسة عشر الفا لكنه فشل في حمل شرف تمثيل ناخبيه في البرلمان ، وعلى هذا المستوى من الانفلات تقاسم الشركاء المغانم والمواقع .
بصريح العبارة القوى الشيعية المشاركة في الحكومة هي الجهة المسؤولة عن معالجة السلاح المنفلت ، والطرف السُني يقول انه المتضرر من نشاط الميلشيات ، والقضية يعود تاريخها الى سنوات الاحتقان الطائفي ، والقتل على الهوية ، وعرض الأسلحة في بسطيات أرصفة الباب الشرقي ، وسط إقبال واسع من قبل الزبائن الراغبين في الحصول على رشاشة نص أخمص وتجربتها بإطلاق نصف شاجور بالصلي والمفرد بمساعدة صاحب البسطية ، وعلى هذا المستوى من الانفلات يريد البطران تمرير قانون حصر السلاح بيد الدولة .
الأطراف المشاركة في الحكومة الشيعية والسُنية والكردية ، وقعت وثيقة الإصلاح السياسي وأعلنت دعمها لرئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي ، وقبل اسبوع من اعلان المقاطعة صدرت تصريحات من أعضاء في تحالف القوى العراقية والوطنية تشيد بخطوات العبادي لتطبيق وثيقة الإصلاح السياسي واستعداده لتنفيذ جميع بنودها ، وبعد حادث اختطاف النائب زيد الجنابي ومقتل عمه ، اضطربت العلاقة ،فاستعادت "الذاكرة الطائفية " تصريحات النائب السابق عدنان الدليمي و زميله عبد الناصر الجنابي ، وحادث اغتيال المدير التنفيذي لهيئة اجتثاث حزب البعث علي اللامي ، ومذكرات القبض بحق طارق الهاشمي ، ورافع العيساوي ، وتصريح المطلك الشهير باتهامه نوري المالكي بأنه ديكتاتور لا يختلف عن صدام حسين ، وعلى هذا المستوى من الانفلات ، هل تتحرر المدن العراقية من سيطرة داعش ؟؟ مجرد سؤال في زمن الشحن الطائفي المنفلت .
شحن طائفي منفلت
[post-views]
نشر في: 17 فبراير, 2015: 05:28 ص