هذا هو فقط ما يعوزنا!.. عرفنا كل شيء، وجرّبنا كلّ شيء معقول وغير معقول، وفعلنا كلّ شيء معقول وغير معقول، وتورطنا في كلّ شيء معقول وغير معقول، ولم يعد يعوزنا إلا أن نُقْدم على هذا الفعل غير المعقول.
ما أعنيه أن يتشكّل الحشد الشعبي فرقاً وجماعات وفصائل متفرقة ومتنافرة مجنّدة لصالح أحزاب وكتل مختلفة، فيتحوّل عن مهمته الوطنية، وتلتفت عناصره إلى بعضها البعض وتتقاتل في ما بينها على خلفية ما يشار إليه بوصفه تمييزاً بين هذه العناصر بحسب الأحزاب والكتل والمؤسسات التي جنّدتها.
رئيس كتلة حزب الفضيلة في مجلس النواب النائب عمار طعمة طالب في بيان نُشِر أمس مسؤولي الحشد الشعبي بالتعامل المنصف والعادل مع جميع عناصر الحشد وتشكيلاته، والابتعاد عن الانحياز والمجاملات في تفضيل وترجيح ودعم فصيل على آخر دون مبرر موضوعي، متخوفاً من أن "تلك الممارسات ستخلق حزازة في النفوس وتصنع شرخاً في علاقة الفصائل مع بعضها، وهو امر يضرّنا في ساحة المواجهة ضد العدو المشترك" .
واضح من البيان ان ثمة ممارسات بين قيادات الحشد تجاه عناصره تفتقر إلى العدل والإنصاف، فبعض العناصر لم تُصرف مستحقاتها المالية ولم تُجهّز بالسلاح والعتاد والذخيرة اللازمة لأشهر عدة، فيما تكررت الحالات التي حُرم فيها بعض الشهداء من عناصر الحشد من الحقوق والامتيازات المقرّرة لهم، وفي الغالب تكون لهذا التمييز والإهمال دوافع سياسية وحزبية.
ممارسات من هذا النوع تقدّم خدمة مجانية لا تُقدّر بثمن لداعش وسائر القوى الإرهابية.. إنها ممارسات قاتلة على الصعيد المعنوي والنفسي، ما كان لها أن تكون في الأساس ولا يجب أن تكون، ولكي لا تبقى ولا تتواصل ولكي تتوقف أيضاً سائر الممارسات السلبية والتصرفات غير المنضبطة التي جرى انتقادها على نطاق واسع، حتى على لسان ممثلي المرجعية الدينية العليا في النجف، لا مناص من إلحاق قوات الحشد الشعبي على نحو مباشر بوزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة، بوصفها جزءاً من المؤسسة العسكرية الوطنية.. لا يجب أن تتشكل قيادات الحشد على أساس حزبي أو قومي أو مذهبي.
كما الحال في الجيش والشرطة، الهوية الوطنية للحشد الشعبي هي الضمان لتحقّق العدل والإنصاف حيال عناصر الحشد كائناً ما كانت المناطق التي يتحدّرون منها، وكائناً ما كانت قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم، وكائناً ما كانت الجهات السياسية أو الاجتماعية أو الدينية التي جنّدتهم أو حبذت لهم أمر التجنيد وأقنعتهم به، وبهذه الهوية وليس بالهوية القومية أو الدينية أو الطائفية أو الحزبية يحقق الحشد الشعبي هدفه الوطني في هزيمة داعش وسواه.
الحشد الشعبي مهدّد
[post-views]
نشر في: 17 فبراير, 2015: 06:07 ص