TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فرهود الوثائق

فرهود الوثائق

نشر في: 18 فبراير, 2015: 05:27 ص

التاريخ العراقي حافل باحداث الفرهود ، تمارسه جهات واشخاص وفي بعض الاحيان دول بسرقة الاموال والممتلكات العامة والخاصة ، بعد الاطاحة بالنظام السابق في التاسع من نيسان في العام 2003 حصل فرهود طال مؤسسات حكومية والمتاحف والمراكز فنية والمسارح عرف في ما بعد باسم الحواسم نسبة الى عنوان المنازلة التاريخية اعتمده المرحوم النظام السابق .
ممارسة الفرهود لاتقتصر على قوم معين ، ومكان محدد، فهو يمتد الى عصور ما قبل التاريخ والحروب تندلع استجابة لنزعة التوسع والحصول على المغانم كشكل من الفرهود ، يشمل حتى بني البشر ، واعتزازا بهذا الارث البطولي اصبح اسم فرهود شائعا ، ولكن حتى الان لم يطلق احدهم اسم حواسم على ابنته او ابنه البكر ، والحوسمة بالقاموس الشعبي تعني السرقة وقد تسللت الى المفردات المتداولة بين الاوساط الشعبية بعد الغزو الاميركي .
هل يحتاج العراقيون الى من يذكرهم باحداث نهب الممتلكات العامة ، في ذهن كل واحد منهم صورة مازالت راسخة عن تلك الاحداث ، والفضائيات العربية في وقتها تركت كل شيء وركزت كاميراتها على مشاهد سرقة اثاث وحاسبات وكراسي الدوائر الرسمية ، وبغض طرف قوات الاحتلال برز علي بابا ، فاخذ يصول ويجول في مناطق العاصمة ، وعلى مقربة من مدرعة اميركية استطاعت عصابات الحواسم الدخول الى المتحف العراقي وسرقه مقتنياته ، ولا يستبعد اطلاقا وجود اشخاص اجانب من عسكريين او مدنيين بين المحوسمين .
الارشيف اليهودي العراقي كان محفوظا في قبو داخل مبنى المخابرات بمنطقة الحارثية تم نقله الى الولايات الاميركية بمزاعم اصلاح التلف ، واعلن مؤخرا وصول نسخة من التوراة الى اسرائيل ، والعراق لم يحرك ساكنا ، وكأن الامر لا يعنيه ، ونتيجة ضغوط اوساط ثقافية وناشطين تحرك الساكن واعلنت وزارة الخارجية لصاحبها ابراهيم الجعفري انها "ستاخذ الاجراءات اللازمة بهذا الشأن" الجملة بين قوسين اعتمدت منذ العهد العثماني للتعبير عن التعاطي الرسمي مع اية قضية ، وزارة السياحة والاثار بدورها تحركت على منظمات دولية لمساعدة العراق على استعادة مقتنياته المسروقة .
وثائق الدولة العراقية هي الاخرى تعرضت للسرقة واصبح مصيرها مجهولا ، بعضها وصل الى الخارج، والاخر مازال لدى مسؤولين ، يستخدمون الوثيقة في الوقت المناسب لهز شباك الخصوم وشرهم على الحبل ، لتحقيق مكاسب شخصية ، من الاجهزة الامنية سرقت اطنان الوثائق ، ومن مراكز البحوث ، والمجمع العلمي العراقي ، وعشرات المؤسسات الاخرى ، من دائرة السينما والمسرح والاذاعة والتلفزيون ، وثائق الامن والمخابرات ، وعلى وفق نظرية الحوسمة العراقية بالامكان استخدامها وسيلة ابتزاز للحصول على مكاسب مالية او للتسقيط السياسي . بفرضية احتفاظ مسؤولين وساسة كبار بوثائق الدولة فمن المحتمل ان تشهد الساحة العراقية اندلاع حرب الوثائق ، وخاصة حين يلوح زعيم سياسي بالكشف عن وثيقة تثبت تعامل خصمه مع جهاز المخابرات السابق وتسلم راتبه الشهري من سفارة العراق في لندن ، وشدوا روسكم ياكرعان .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram