الناصرية/ حسين العاملمنذ أكثر من عشرين عاماً والمرأة التي يطلق عليها سكان الناصرية (أم يدي) تقيم في العراء، متخذة من سياج مبنى المحافظة القديم ظلا في الصيف ومن مسقفات الجهة المقابلة ملاذا في الشتاء، هذه المرأة ورغم معرفة كبار المسؤولين ورجال الدين في الناصرية بمأساتها الا انهم لم يحركوا ساكناً تجاهها،
وهي تعيش على صدقات المارة وتكابد حر الصيف وبرد الشتاء وحيدة على قارعة الطريق. هذه المرأة التي تجاوزت الستين وبعد أن ضاقت بها السبل وحاصرها برد الشتاء رايتها آخر مرة تتكور بين أربعة براميل لخزن الوقود وتلف جسدها النحيل ببطانية عتيقة وتنادي على كل من يمر أمام مصرف الرشيد الذي تلوذ بسياجه الخارجي (يدي ما كو ربع.. يدي ما كو جكارة). يقول عنها أبو عادل وهو صاحب مقهى سابق في شارع الجمهورية وسط الناصرية: منذ عام 1975 وأنا أشاهد هذه المرأة تتنقل من رصيف الى رصيف وتنام أحيانا بجوار المقهى الذي كنت أملكه او قرب المحال المجاورة. لكن بعض الصبية العابثين يلجؤون أحيانا الى إيذائها والاستحواذ على ما تحصل عليه من نقود. وأضاف: وهي لا تعرف قيمة النقود وغالبا ما تتعامل معها وفق ألوانها فالألف دينار تسميه الأصفر والـ 250 الأزرق وهكذا دواليك. وأشار أبو عادل الى ان هذه المرأة التي تبيت في العراء صيفاً وشتاءً أصبحت أكثر حاجة للرعاية الصحية والملجأ المناسب، ولاسيما بعد ان تقدمت في العمر داعياً الجهات الحكومية الى تأمين الرعاية المناسبة لها وللكثير من المسنين والمعتوهين الذين ما زالوا يجوبون طرقات المدينة من دون ان يلتفت اليهم احد او يمد يد المساعدة لإنقاذهم مما هم فيه من بؤس وعوز وحرمان. وتكاد مأساة المسنين لا تنحصر بحكاية ام يدي فعلى بعد بضعة خطوات وفي بقايا الحديقة المجاورة لمبنى المحافظة القديم أيضاً يقيم شيخ مسن تجاوز الـ 75 عاما في العراء وهو يتوسد الأرض الرطبة ويلتحف السماء الملبدة بالغيوم.
أم يدّي.. عشرون عاماً على الأرصفة
نشر في: 18 ديسمبر, 2009: 06:02 م