(2)
أتاح حس المغامرة في شخصية هارون لهذا الشاب المضطرب أن يتنقل بين تجارب وأمكنة متناقضة، من الإسلام إلى المخدرات ومن بيروت إلى تركيا ومن حزب الله إلى جبهة النصرة في رحلة درامية غير محسوبة العواقب، بعد أن مر في لحظات أدركه فيها موت محقق نجا منه بأعجوبة.
إن مثل هذه الشخصية لا يتوانى عن أن يبيع نفسه للشيطان بمقابل أو من دون مقابل.
يكشف الكاتب عن اتصالات متعددة قام بها هارون في اسطنبول، منذ خروجه من بيروت، عندما اتصل بالقنصل الأميركي مايكل كوليسار هناك ليروي له جوانب من تجربته، خصوصاً في سوريا وانضمامه إلى الجيس الحر عام 2013، وجلب كوليسار في أحد لقاءاته مع هارون مقالاً نشر على موقع (فوكس نيوز) ظهر فيه تعليق فيسبوكي لهارون يقول فيه "الصهيوني الجيد هو الصهيوني الميت" ثم التقى بعدها بعملاء في مكتب التحقيقات الفيدرالي، وهنا حاول أن ينفي عن نفسه تهمة انخراطه مع "حزب الله"، رغم أنه كان يعلق علم هذا الحزب في شقته، في الوقت الذي كشف فيه عن رغبته بزيارة إيران!.
وإذ يدرك هارون حجم التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وعمقه، حاول التنصل أمام مسؤوليه الأمريكان من تعليقه ذاك على الفيسبوك، بشأن الصهيونية، وليثبت حسن نياته طلب منهم أن يعرضوه على جهاز فحص الكذب، والإطلاع على ما يخزنه في هاتفه النقال، ثم رفع من سقف مطالبه إلى أن تساعد الولايات المتحدة الجيش السوري الحر الذي يقاتل الدكتاتور الحاكم في دمشق، حسب قوله، وأن يساعدوه في شراء أسلحة من بلغاريا، لكنهم ذكروه بأن القانون الأمريكي يمنع مواطني الولايات المتحدة من التدخل في شؤون الدول الأجنبية!
بعد سلسلة اللقا ءات بين هارون وأجهزة الأمن الأمريكية قرر الـ (أف بي آي) إلقاء القبض على هارون بعد أن تجمع لديهم ما يكفي من الأدلة على أن الجندي الأمريكي السابق إريك هارون الذي ذهب إلى أبعد مما تسمح به اللعبة: القيام بنشاطات سياسية وعسكرية خارج حدود الولايات المتحدة ومن دون علم الأجهزة المختصة أو التنسيق معها، مما يشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي، حسب ما أخبره كوليسار. ثم قال له: إنه مطلوب للسلطات التركية التي كانت تراقب تحركاته وحتى عبوره الحدود إلى سوريا، وخيره بين أن يمضي بقية حياته سجينا في تركيا أو أن يغادرها فوراً إلى مسقط الرأس.
لكن هارون، لم يكن متأكدأ مما قاله كوليسار ولا أي من المحققين الآخرين، وما إذا قالوا الحقيقة أم كانوا يكذبون.
هارون ليس شخصية روائية رغم أنها تصلح لأن تكون كذلك، لكنها سيرة ذاتية غير منطقية ولو كتبها أي روائي حاذق، لما صدقه أحد إلا إذا توفر على مقدرة سيكولوجية عالية، للكشف على جندي أمريكي سابق مضطرب نفسياً، يأتي الشيء ونقيضه عند الحافات الحادة لخياراته القاسية، وغير المفهومة، شخصية متنقلة بين الخنادق المتحاربة، من حزب الله إلى جبهة النصرة مروراً بالجيش السوري الحر، ومن جهاز استخباراتي إلى آخر، في منطقة ملتهبة اسمها الشرق الأوسط التي لا يجيد أي لغة من لغاتها!
يختتم التقرير الأمريكي بأن هارون عاد، أخيراً، إلى الولايات المتحدة بعد أن خرج من السجن إثر صفقة (لم يذكر التقرير مع من ومتى) لكن هذا الجندي السابق كان يخطط للعودة مجدداً إلى سوريا، وقبل أن ينفذ خطته عثروا عليه ميتاً في غرفته بعد تناول كمية من المخدرات.
من سيرة الجندي الأمريكي السابق إريك هارون
[post-views]
نشر في: 23 فبراير, 2015: 01:46 ص
جميع التعليقات 2
kais latif
شكراً العزيز عواد ناصر على جزئي المقال . حتماً أن هذه الشخصية المضطربة تمثل نموذجاً مذهلاً لهوس يلف منطقتنا والعالم ! أحقاً هذه هي (( الفوضى )) التي تسعى أمريكا ومريديها وبإصرار على نشرها في العالم؟ مرضى نفسيين , متعاطي مخدرات , منحرفين , بلطجية الخ. أهؤل
kais latif
شكراً العزيز عواد ناصر على جزئي المقال . حتماً أن هذه الشخصية المضطربة تمثل نموذجاً مذهلاً لهوس يلف منطقتنا والعالم ! أحقاً هذه هي (( الفوضى )) التي تسعى أمريكا ومريديها وبإصرار على نشرها في العالم؟ مرضى نفسيين , متعاطي مخدرات , منحرفين , بلطجية الخ. أهؤل