TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من سيرة الجندي الأمريكي السابق إريك هارون

من سيرة الجندي الأمريكي السابق إريك هارون

نشر في: 23 فبراير, 2015: 01:46 ص

(2)
أتاح حس المغامرة في شخصية هارون لهذا الشاب المضطرب أن يتنقل بين تجارب وأمكنة متناقضة، من الإسلام إلى المخدرات ومن بيروت إلى تركيا ومن حزب الله إلى جبهة النصرة في رحلة درامية غير محسوبة العواقب، بعد أن مر في لحظات أدركه فيها موت محقق نجا منه بأعجوبة.
إن مثل هذه الشخصية لا يتوانى عن أن يبيع نفسه للشيطان بمقابل أو من دون مقابل.
يكشف الكاتب عن اتصالات متعددة قام بها هارون في اسطنبول، منذ خروجه من بيروت، عندما اتصل بالقنصل الأميركي مايكل كوليسار هناك ليروي له جوانب من تجربته، خصوصاً في سوريا وانضمامه إلى الجيس الحر عام 2013، وجلب كوليسار في أحد لقاءاته مع هارون مقالاً نشر على موقع (فوكس نيوز) ظهر فيه تعليق فيسبوكي لهارون يقول فيه "الصهيوني الجيد هو الصهيوني الميت" ثم التقى بعدها بعملاء في مكتب التحقيقات الفيدرالي، وهنا حاول أن ينفي عن نفسه تهمة انخراطه مع "حزب الله"، رغم أنه كان يعلق علم هذا الحزب في شقته، في الوقت الذي كشف فيه عن رغبته بزيارة إيران!.
وإذ يدرك هارون حجم التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وعمقه، حاول التنصل أمام مسؤوليه الأمريكان من تعليقه ذاك على الفيسبوك، بشأن الصهيونية، وليثبت حسن نياته طلب منهم أن يعرضوه على جهاز فحص الكذب، والإطلاع على ما يخزنه في هاتفه النقال، ثم رفع من سقف مطالبه إلى أن تساعد الولايات المتحدة الجيش السوري الحر الذي يقاتل الدكتاتور الحاكم في دمشق، حسب قوله، وأن يساعدوه في شراء أسلحة من بلغاريا، لكنهم ذكروه بأن القانون الأمريكي يمنع مواطني الولايات المتحدة من التدخل في شؤون الدول الأجنبية!
بعد سلسلة اللقا ءات بين هارون وأجهزة الأمن الأمريكية قرر الـ (أف بي آي) إلقاء القبض على هارون بعد أن تجمع لديهم ما يكفي من الأدلة على أن الجندي الأمريكي السابق إريك هارون الذي ذهب إلى أبعد مما تسمح به اللعبة: القيام بنشاطات سياسية وعسكرية خارج حدود الولايات المتحدة ومن دون علم الأجهزة المختصة أو التنسيق معها، مما يشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي، حسب ما أخبره كوليسار. ثم قال له: إنه مطلوب للسلطات التركية التي كانت تراقب تحركاته وحتى عبوره الحدود إلى سوريا، وخيره بين أن يمضي بقية حياته سجينا في تركيا أو أن يغادرها فوراً إلى مسقط الرأس.
لكن هارون، لم يكن متأكدأ مما قاله كوليسار ولا أي من المحققين الآخرين، وما إذا قالوا الحقيقة أم كانوا يكذبون.
هارون ليس شخصية روائية رغم أنها تصلح لأن تكون كذلك، لكنها سيرة ذاتية غير منطقية ولو كتبها أي روائي حاذق، لما صدقه أحد إلا إذا توفر على مقدرة سيكولوجية عالية، للكشف على جندي أمريكي سابق مضطرب نفسياً، يأتي الشيء ونقيضه عند الحافات الحادة لخياراته القاسية، وغير المفهومة، شخصية متنقلة بين الخنادق المتحاربة، من حزب الله إلى جبهة النصرة مروراً بالجيش السوري الحر، ومن جهاز استخباراتي إلى آخر، في منطقة ملتهبة اسمها الشرق الأوسط التي لا يجيد أي لغة من لغاتها!
يختتم التقرير الأمريكي بأن هارون عاد، أخيراً، إلى الولايات المتحدة بعد أن خرج من السجن إثر صفقة (لم يذكر التقرير مع من ومتى) لكن هذا الجندي السابق كان يخطط للعودة مجدداً إلى سوريا، وقبل أن ينفذ خطته عثروا عليه ميتاً في غرفته بعد تناول كمية من المخدرات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. kais latif

    شكراً العزيز عواد ناصر على جزئي المقال . حتماً أن هذه الشخصية المضطربة تمثل نموذجاً مذهلاً لهوس يلف منطقتنا والعالم ! أحقاً هذه هي (( الفوضى )) التي تسعى أمريكا ومريديها وبإصرار على نشرها في العالم؟ مرضى نفسيين , متعاطي مخدرات , منحرفين , بلطجية الخ. أهؤل

  2. kais latif

    شكراً العزيز عواد ناصر على جزئي المقال . حتماً أن هذه الشخصية المضطربة تمثل نموذجاً مذهلاً لهوس يلف منطقتنا والعالم ! أحقاً هذه هي (( الفوضى )) التي تسعى أمريكا ومريديها وبإصرار على نشرها في العالم؟ مرضى نفسيين , متعاطي مخدرات , منحرفين , بلطجية الخ. أهؤل

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram