اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > جوهر المونودراما الهادف الى الانتقاد الاجتماعي في مسرحية"ريما"

جوهر المونودراما الهادف الى الانتقاد الاجتماعي في مسرحية"ريما"

نشر في: 23 فبراير, 2015: 07:50 ص

ربطت " روزي اليازجي" في مسرحيتها المونودرامية " ريما" بين التألف الذاتي والتناقض المونودرامي على مسرح الممثل الواحد، لنمضي ساعة ونصف تقريبا ضمن بقعة ضوئية مسرحية واحدة بناها المخرج " جو قديح" من خلال كرسي جلست عليها الممثلة، والمربية ، والام، والزوج

ربطت " روزي اليازجي" في مسرحيتها المونودرامية " ريما" بين التألف الذاتي والتناقض المونودرامي على مسرح الممثل الواحد، لنمضي ساعة ونصف تقريبا ضمن بقعة ضوئية مسرحية واحدة بناها المخرج " جو قديح" من خلال كرسي جلست عليها الممثلة، والمربية ، والام، والزوج وبصيغة سينوغرافية تقلصت عناصرها. لتحافظ على جوهر المونودراما الهادف الى الانتقاد الاجتماعي الموجه الى الاسرة، والى فن التمثيل المندمج ضمن الحدث الحياتي بمعناه الدرامي والفكاهي او بالاحرى المضحك المبكي في آن . 
اقتحم المخرج والمؤلف" جو قديح " اللحظات الكوميدية بمؤثرات تراجيدية استبطنها بمعاناة المرأة العاملة والكادحة على مستويات متعددة كونها المدرسة والمربية، والزوجة، والام الراعية لطفل رضيع ، ولتلميذ مدرسة يتعلم في فصل من فصولها الدراسية، ولابنة تحتاج امها الى محادثتها من حين لآخر. وعبر ابراز الاختلافات الزمنية في التربية والتعليم، والتغيرات التي طرأت على الاجيال مع الحفاظ على فن الاتقان الحركي للتمثيل، فهي تقدم شخصية لعبت دورها امام المخرج الذي يمتحن قدراتها. وقد نجحت " روزي اليازجي" بذلك، الا انها في المحاكاة الذاتية لم تتأثر بشخوصها بشكل كامل لكثافة الشخوص التخيلية في النص المسرحي . وهذا يربك الممثل المونودرامي لتنوع الشخصيات وفروقاتها الحسية التي تحتاج الى انطلاقات ادائية سريعه التأثر والتأثير من خادمة سريلانكية الى تلميذ مشاغب الى زوج كسول. لكنها استطاعت الانتقال عبر الادوار بديناميكة مسرحية، وبسخرية اجتماعية اضحكت الجمهور الذي لامس الاوجاع بمحاكاة كوميديا ايمائية وحركية لم تخل من صمت استبطنه بدرامية فصلها المخرج " جو قديح" بتنويع موسيقي انسجم مع الحدث او اللحظة المحاكية لغياب الزوج والابن والرحيل عن الدنيا بحادث سير جعلها تفقدهما الى الابد. 
توازن بين انماط مسرحية من كوميدي تراجيدي استعراضي غنائي، وبين رؤية اجتماعية لامست كل فرد من جمهور مسرحية " ريما" خصوصا في محاكاة المرأة التي تتغير فيسيولوجيا بعد الولادة، وجسديا بعد مرحلة عمرية معينة، وخصوصا عندما تفشل في بناء ذاتها من جديد من حيث الشكل الجمالي. فقد استطاعت " ريما" لعب هذا الدور ببراعة تفوقت فيه على ذاتها بمونودرامية تشويقية خفيفة الظل، وكوميدية بنسبة عالية وضمن الاجيال السابقة واللاحقة او بالاحري زمن التربية القديم وجدارته في خلق الانضباط المدرسي ما بين الشدة والصرامة النابعة من محبة الولد والحفاظ عليه بشتى الطرق، وبين الجيل الحالي الذي يروم مواقع التواصل الاجتماعي او المتضجر من الانضباط والميال الى العصرنه الجديدة بمختلف اشكالها، وبحنكة قد يتفوق فيها على الاهل، فهي ارادت لعب الادوار الاسرية التي افتقدتها بتعبير جسدي مرن ذي تلقائية في اسلوب التوقف والمشي، وحتى الجلوس على الكرسي عند بقعة الضوء المحددة للبداية والنهاية، فقد بدأنا بريما ذات الشعر الاشقر، وانهينا المسرحية بالام المفجوعة لرحيل الاب والابن مع ممثلة تقدم امتحان دخول امام مخرج من خلال الادوار المتعددة التي استخرجتها من مخزون الذاكرة . 
يطرح المخرج" جو قديح " موضوع الخلافات الزوجية وسلوكيات الام والاب، وتاثيرها على الطفل، فما بين الاب الذي استنبش عريس ابنته المتقدم لخطبتها ، والاب المستهتر العاطل عن العمل فروقات جعلت من جبران الابن حالة نراها في المدارس، والتي تألمت لذكراها " ريما" . لأنها لم تكن ترى قوة تلك المشاكل الاسرية . الا بعد ان فقدت ابنها، لأن التربية الامومية تحتاج لرعاية ام تحتضن طفلها بفكر لا يشوبه تعب المسؤوليات الحياتية التي قد تعجز الام عنها. لانها تحتاج لراحة بدنية وفكرية بعد عناء يوم مدرسي طويل لا يخلو من تصحيح لمسابقات في البيت، وهذا ما جعلها تتأثر على فقدان ابنها، وباسلوب نقلته الى الجمهور بفهم ايمائي حركي لشخوص قدمتها روزي في دور الممثل الواحد على المسرح المونودرامي الذي اطلت من خلاله لتلعب دور ريما بصبر ومثابرة ، وتؤدة منطوقة وصامته وبحركة تعبيرية حقيقية ملموسة في اللحظات الانتقالية من شخص الى شخص مع صعوبة الانتقال الحسي السريع ضمن النص المسرحي المونودرامي المكثف بمعناه ومضمونه وطروحاته الاجتماعية والجمالية من حيث الموسيقى والازياء والديكور الخالي من اية تعقيدات مع الحفاظ على تناسب الضوء المسلط على الممثلة وتاثيراته البصرية بسلاسة بسيطة مسرحيا. 
اجزاء كوميدية تلازمت مع المعنى التراجيدي، وبسخرية " ريما " الاجتماعية المبنية على تظرة المربية والممثلة في آن ، فهي تحاكي وتعالج وتبرهن للجمهور على قدراتها التمثيلية من خلال الدور الذي تقدمه امام المخرج. لتنجح في التمثيل ، فالحياة هي المسرح الحقيقي، ولم تجد " ريما " سوى فصول حياتها لتقدمها على مسرح الذات، وباستدارة تفاعلت معها حواس الجمهور الذي انتظر النهاية. ليدرك انه رأى نفسه في ريما ومعاناتها مع الاختلافات في القصة. الا ان الاجزاء المسرحية الموضوعية في غالبها هي من المجتمع والناس ومسرح الحياة، ان تربويا او اسريا او المرأة ومشاكلها النفسية والزوجية واحتياجاتها المختلفة، وهذا ما تفاجئ به الجمهور عندما انتزعت الشعر الاشقر المستعار. لنشعر ان " ريما" ما هي الا امرأة عادية تمردت على المرأة في داخلها عند اشتداد ازمتها، وهذا ما جعل الجمهور يصفق بحرارة عند نهاية العرض المسرحي المونودرامي .الذي اقيم على مسرح بيت الفن في طرابلس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram