المخرج المسرحي الراحل قاسم محمد عالج مشكلة التنابلة والكسل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، في مسرحيته الشهيرة " كان ياما كان" عبر تناوله شخصيات وردت في القصص والامثال الشعبية مثل "تنبل ابو رطبة" المستلقي اسفل النخلة منتظرا نزول الرطب ليضعه في فمه، والآخر الباحث عن طعامه المفضل قشور الباقلاء، على الرغم من قدرته على العمل، وامتلاكه قوة عضلية تساعده على مزاولة اصعب المهن، رسالة المخرج الراحل كانت تهدف الى معالجة ظاهرة اجتماعية، تندرج ضمن اجراءات تحقيق التنمية البشرية.
ذكرت وزارة التخطيط أن عديد من يتقاضون رواتب من المؤسسات الحكومية وصل الى قرابة ستة ملايين شخص. تقارير وزارة التخطيط تشير الى ان نسبة موظفي الدولة تصل الى نحو 40% من اجمالي القوى العاملة في العراق، والنسبة تعد عالية جدا فمجموع الموظفين الحكوميين قرابة اربعة مليون موظف، اعدادهم تساوي ثلاثة اضعاف الحاجة الفعلية، ما يجعل منهم عبئاً كبيرا على موازنة الدولة، لان نسبة اكثر من ستين بالمئة من الموازنة تذهب لصالح الرواتب والاجور، ولابد ان ينعكس هذا العدد ايجابيا على الاداء بحسم معاملات المراجعين خلال ساعات من دون الحاجة الى الاستعانة بالمعقبين والوسطاء، والبحث عن " "واسطة" وفي بعض الاحيان تقديم رشى للحصول على كتاب صحة الصدور، وتجديد الوثائق المقدسة بطاقة السكن وهوية الاحوال المدنية، وشهادة الجنسية، والبطاقة التموينية.
مراجعة دوائر التقاعد والبلديات للحصول على اجازة بناء دار ثم المصرف العقاري او صندوق الاسكان تتطلب رحلة ماراثونية وانتظارا طويلا، وقضاء ساعات في صالة الاستعلامات والاستماع الى الادعية الدينية، ويكون المراجع مجبرا على احترام حقوق الموظف في تناول فطوره، وشرب الشاي، وبعد ذلك قد يلتفت اليه القدر فيدخل الى الدائرة فيستقبله وجه متجهم يطلب منه وثيقة صادرة في زمن الاحتلال العثماني.
في دول الجوار اعتمدت الحكومة الالكترونية منذ اكثر من عشر سنوات، لتخفيف اعباء معاناة مواطنيها من معاناة مراجعة الدوائر الرسمية، فتخلصت من التنابلة، وفي العراق مازال العرضحالجي ومن يتقمص دوره حاضرا في المشهد، ومن خلاله تتم الصفقات والتسهيلات وانجاز المعاملة بدفع مبلغ من المال، لانجاز معاملة رسمية خالية من التزوير خط ونخلة وفسفورة مع دفع وصل دعم اسر ضحايا سبايكر.
التنابلة حاضرون في المؤسسات الحكومية، وكل اجراءات الاصلاح الاداري المتعلقة بالقضاء على البيروقراطية والروتين مازالت عاجزة عن تحسين الاداء، والتوجه نحو اعتماد الحكومة الالكترونية توقفت لاسباب تقشقية، وربما بعد حصول ارتفاع باسعار النفط الخام في الاسواق العالمية ستكون الحكومة ملزمة بتفعيل اجراءاتها الالكترونية، لكن المشكلة ان التنابلة تسللوا الى المشهد السياسي، واصبح بعضهم صاحب قرار، فتوفرت ارضية مناسبة لتشكيل هيئة التنابلة، يتم اختيار اعضائها بموجب تحقيق التوازن والتمثيل الشيعي السني الكردي يكون رئيسها "تنبل ابو رطبة"
هيئة التنابلة
[post-views]
نشر في: 23 فبراير, 2015: 09:22 ص