أمس كتب الأستاذ عادل عبد المهدي في مقاله اليومي الموجز (صحيفة العدالة) عن قضية البنك المركزي، منوهاً، وهو العارف والمتخصص، بما حققه البنك من نجاحات متميزة لم تحقق مثلها أي مؤسسة أخرى في الدولة، وداعياً إلى عدم تخريب "مؤسسة ناجحة لأخطاء ونواقص وشبهات لا بد أن تقع فيها، وتكون كبش فداء لسياسات النظام الفاشلة".
عبد المهدي، العارف والمتخصص مرة أخرى، ختم مقاله بعبارة ذات مغزى كبير، فهو وصف النظام السياسي ذا السياسات الفاشلة القائم في بلادنا الآن بأنه "الذي يلاحق الفلس ولا يرى خسارة الدينار أو ربحه".
هذه في الواقع واحدة من أكبر مشاكلنا مع هذا النظام.. مع الطبقة السياسية المتنفذة (في الحكومة والبرلمان). فهو نظام يلاحق أصغر الصغار بين الفاسدين بينما كبار الفَسَدة الذي ينهبون المال العام بمئات ملايين الدولارات وبالمليارات أحياناً، فان حكومتنا وبرلماننا ليس فقط يتبعان معهم تكتيك "لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم"، وإنما أيضاً تُسهّل لهم طرق الفرار من البلاد ليلتحقوا بالملايين التي هرّبوها من قبل، وفوق هذا كله يُعاملون معاملة "في آي بي" (شخص مهم للغاية).، فتُفتح لهم صالات الشرف في المطارات ويُمكنوا من الجلوس في مقاعد الدرجة الاولى، ويدافع عنهم مسؤولو دولتنا علناً بوصفهم "ناس شرفاء" كما حصل مع وزير التجارة الأسبق المحكوم بالسجن بضع سنوات عن قضايا فساد مالي وإداري كبيرة ولم تكلف الدولة نفسها ملاحقته والاموال التي فرّ بها.(رجاء استدعوا الى الذاكرة أسماء الوزراء والنواب وغيرهم من مسؤولي هذه الدولة الذين خرجوا بالجمل بما حمل ولم يعودوا، ولن يعودوا).
الموظفون الصغار المرتشون والمزورون يُلاحقون ويُشرشحون، أما كبار المرتشين والمزورين فلا تجد دولتنا ضيراً من وجودهم في العالي من مناصبها... صغار البعثيين يجري اجتثاثهم وفقاً لقانون المساءلة والعدالة حتى لو كانوا طباخين وفراشين، الا ان كبار ضباط الأمن والمخابرات، وبعضهم قتلة وجلادون، فيجري استخدامهم في أخطر المؤسسات العسكرية والأمنية.
انه نظامنا الفاشل الذي "يلاحق الفلس ولا يرى خسارة الدينار أو ربحه" يبطش بالكفاءات المرموقة والشخصيات الوطنية الشريفة والنزيهة كالدكتور سنان الشبيبي، ويعزز ويرقّي من مكانة الفاسدين والمرتزقة والوصوليين.
أول من أمس وجه الرئيس جلال طالباني نداء الينا نحن الاعلاميين ومؤسساتنا، لكي ندعم جهوده الخيّرة من أجل إخراج البلاد من مأزقها السياسي المترتبة عليه مآزق اجتماعية واقتصادية عدة. وفي هذا السياق دعا الرئيس الى وقف أي "حملات إعلامية تشحن الأجواء وتعيق جهود الحوار والمصالحة والتفاهم".
انها دعوة سليمة وفي مكانها ووقتها، لكن ليس الإعلام من يتحمل المسؤولية عن هذه الحملات أو عن المأزق السياسي .. نظامنا السياسي هو المسؤول، والنخبة السياسية المتنفذة هي المسؤولة.. الاعلام لا يصنع الأحداث.. انه يعكسها، وحملات الاتهام والشتيمة والمنابزة والتسقيط والتدليس يبادر اليها ويواصلها السياسيون متكئين على حصانتهم التي من فرط جهلهم في السياسة والإدارة لا يعرفون انها لا ينبغي ان تحصن من المساءلة أمام القضاء، لو كان قضاؤنا مستقلاً ونزيهاً وعادلاً.
إذا كان هناك إعلام منخرط في الحملات التي عناها رئيس الجمهورية فهو "الإعلام" الذي تغدق عليه أطراف نافذة في دولتنا بالمال والامتيازات.
جميع التعليقات 1
محمد صعيد
سؤال لابد ان يطرح هل فعلا في العراق الجديد نظام سياسي.. ام يعيش البلد ترهات واوهام نخبه اعتقدت فقط انها تريد استرجاع مقولات ... مظلوميه واهيه , ان كان هناك حقا مظلوميه تاريخيه فاين ولت عوائد النفط منذ عام 2003 الذي استحوذ عليها , وتلفقتها اياد